«محاكاة نووية» في غرب روسيا تحمل رسائل تحذيرية لـ«الأطلسي»

موسكو تنتقد «الدعم الاستخباراتي» الغربي لأوكرانيا... والشيشان ترسل دفعات جديدة من متطوعي الحرب

الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الحليف الأبرز للرئيس الروسي بوتين أدلى بتصريحات لافتة أمس عندما قال إن «العملية الروسية طالت أكثر من المتوقع» (أ.ب)
الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الحليف الأبرز للرئيس الروسي بوتين أدلى بتصريحات لافتة أمس عندما قال إن «العملية الروسية طالت أكثر من المتوقع» (أ.ب)
TT

«محاكاة نووية» في غرب روسيا تحمل رسائل تحذيرية لـ«الأطلسي»

الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الحليف الأبرز للرئيس الروسي بوتين أدلى بتصريحات لافتة أمس عندما قال إن «العملية الروسية طالت أكثر من المتوقع» (أ.ب)
الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الحليف الأبرز للرئيس الروسي بوتين أدلى بتصريحات لافتة أمس عندما قال إن «العملية الروسية طالت أكثر من المتوقع» (أ.ب)

مع مرور اليوم السبعين، على اندلاع القتال في أوكرانيا، بدا أن المشهدين السياسي والميداني يعكسان أكثر، تحول «العملية العسكرية الخاصة» وفقاً للتسمية الرسمية الروسية، إلى حرب طويلة الأمد تنذر باتساع رقعتها، وتنشيط انخراط أطراف أخرى فيها. ومع تفاقم النقاشات خلال اليومين الأخيرين، حول ملف انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الأطلسي، وتحذير الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أول من أمس، من أن هذا التطور ينذر بتحول البلدين إلى «ساحة مواجهة أساسية» بين روسيا والحلف، حملت الإشارات الروسية المتزايدة بعزم موسكو استهداف ناقلات الأسلحة والمعدات الغربية إلى أوكرانيا بعدا إضافيا في هذا السياق. كما جاء الإعلان أمس، عن اندلاع مواجهات على الحدود بين أوكرانيا وإقليم بريدنيستروفيه المولدافي الانفصالي ليزيد من جدية التنبيهات حول مخاطر توسيع رقعة الحرب. وفي خطوة حملت دلالات لافتة، أطلقت موسكو أول من أمس الأربعاء، محاكاة لعملية إطلاق صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، في جيب كلينينغراد الواقع في أقصى غرب البلاد، وعلى خطوط التماس مع بلدان حوض البلطيق (لاتفيا وليتوانيا وإستونيا) الأعضاء في حلف الأطلسي وفي الاتحاد الأوروبي. وجاء الإعلان عن هذه المحاكاة في اليوم السبعين لبدء التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا الذي خلف آلاف القتلى وتسبب في أكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ليعيد التذكير بتلويح موسكو باستخدام السلاح النووي في حال تعرض أمنها الاستراتيجي لخطر أو تهديد.

نشر رئيس الشيشان رمضان قديروف مقطع فيديو على قناته على «تلغرام» يظهر مجموعة جديدة من المتطوعين الشيشان وهم يغادرون للمشاركة بالحرب في أوكرانيا

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجه تهديدات غير مباشرة باستعداده نشر أسلحة نووية تكتيكية. ووضع قوات بلاده الاستراتيجية في حال التأهب القصوى بعد مرور أيام معدودة على بدء القتال في أوكرانيا. وهدد بوتين بالانتقام «بسرعة البرق» إذا ما حدث تدخل غربي مباشر في النزاع الأوكراني. قبل أن يعود قبل أيام للتحذير من «ضربة صاعقة» باستخدام أسلحة «لا مثيل لها» ضد أطراف تحاول أن تعرقل العملية العسكرية الروسية أو تهدد الأمن والمصالح الروسية. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إنه خلال مناورات عسكرية في كالينينغراد، أجرى الجيش الأربعاء محاكاة لـ«عمليات إلكترونية لإطلاق» منظومات إسكندر الصاروخية الباليستية المتنقلة القادرة على حمل رؤوس نووية. وبحسب البيان فإن القوات الروسية نفذت ضربات فردية ومتعددة على أهداف تحاكي قاذفات صواريخ ومطارات وبنى تحتية محمية ومعدات عسكرية ومراكز قيادة لعدو افتراضي. وبعد تنفيذها هذه الطلقات «الإلكترونية»، أجرت القوات الروسية مناورة لتغيير مكانها من أجل تجنب «ضربة انتقامية محتملة»، بحسب وزارة الدفاع. كما نفذت الوحدات القتالية محاكاة لـ«عمليات في ظل ظروف تلوث إشعاعي كيمياوي». تزامن ذلك، مع توجيه الكرملين أمس، انتقادات المساعدات الغربية لأوكرانيا في المجال الاستخباراتي. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إن الجيش «يعلم أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وبريطانيا لا تنقل الأسلحة فحسب، بل تنقل أيضاً معلومات استخباراتية إلى أوكرانيا، وهذا لا يساهم في سرعة استكمال العملية الخاصة، لكنه لن يمنعها من إنجاز أهدافها». وأوضح أن «جيشنا يدرك جيداً أن الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى ومنظمة حلف شمال الأطلسي ككل تنقل باستمرار معلومات استخباراتية ومعايير أخرى إلى القوات المسلحة الأوكرانية. هذا معروف جيداً، وبالطبع مقترناً بتدفق الأسلحة من هذه البلدان نفسها إلى أوكرانيا، كل هذه الإجراءات غير قادرة على إعاقة تحقيق الأهداف التي تم تحديدها خلال العملية العسكرية الخاصة». وأكد الناطق أن «الجيش الروسي يفعل كل ما هو ضروري في هذا الوضع». في الوقت ذاته، أطلق الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو الحليف الأبرز للرئيس الروسي تصريحات لافتة أمس، عندما قال إن «العملية الروسية طالت أكثر من المتوقع». وقال ردا على أسئلة الصحافيين إنه «ليس على دراية كافية بسير عملية القوات الروسية في أوكرانيا حتى يمكنه تأكيد أن كل الأمور تجري وفقاً للخطة، كما يقول الروس»، مضيفا أنه «يعتقد أن العملية طالت». وكان العسكريون الروس ردوا أكثر من مرة على أسئلة حول السقف الزمني للعمليات بعبارة أن «كل شيء يسير وفقاً للخطة».

قوات روسية تستعد لاحتفالات يوم النصر (أ.ف.ب)

في الوقت ذاته، قال لوكاشينكو إن روسيا «لا يمكن أن تخسر في الصراع في أوكرانيا» لكنه أقر أن «الاتحاد الروسي مدعوم من بيلاروسيا فقط، بينما انضمت ما يصل إلى 50 دولة إلى القوات الداعمة للجانب الأوكراني».
على صعيد آخر، توجهت أمس، دفعات جديدة من متطوعي الحرب الشيشان إلى أوكرانيا. ونشر رئيس الشيشان رمضان قديروف مقطع فيديو على قناته على «تلغرام» يظهر مجموعة جديدة من المتطوعين وهم يغادرون للمشاركة في عملية خاصة. وبرز في تعليق صوتي في الفيديو الذي نشرته وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية أن «دعم المتطوعين يتم تنظيمه في جميع المراحل، بما في ذلك تكاليف السفر المدفوعة بالكامل». وزاد: «في يوم المغادرة، يتم تحويل 300 ألف روبل أو تسليمها مباشرة لكل مقاتل، بالإضافة إلى تحويل 53 دولاراً إلى حسابهم في كل يوم». واحتوى مقطع الفيديو أيضاً أرقاما اتصال لأولئك الذين يرغبون في الانضمام إلى صفوف المتطوعين. وكتب قديروف: «الآلاف من محاربي النوايا الحسنة يتقدمون لمحاربة النازيين (...) سيكون هناك الملايين منهم. هذا ما قلته دائماً».
على صعيد آخر، بدا أمس، أن موسكو وتل أبيب تسعيان لتطويق أزمة متصاعدة سببتها تصريحات لوزير الخارجية سيرغي لافروف حول وجود أصول يهودية للزعيم النازي أدولف هتلر، وتفاقمت مع تزايد الاتهامات الروسية لإسرائيل بدعم «النازيين» في أوكرانيا. وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسي بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت المحرقة النازية، وأكدا خصوصاً على أهمية تاريخ التاسع من مايو (أيار)، وهو اليوم الذي تحيي فيه موسكو الذكرى السنوية للانتصار على النازية. وتم التركيز خلال المكالمة على أن الاحتفال بهذه الذكرى «سيتيح هذا العام تكريم ذكرى كل ضحايا» الحرب العالمية الثانية «بمن فيهم ضحايا المحرقة».
ميدانيا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، عن تدمير عدد من الأهداف التابعة لقوات حكومة كييف خلال الساعات الـ24 الماضية. وأعلن الناطق العسكري إيغور كوناشينكوف، في إيجاز يومي، بأن القوات الروسية «دمرت بصواريخ عالية الدقة عتادا جويا في مطار «كاناتوفو» العسكري قرب مدينة كيروفوغراد (كروبيفنيتسكي) وسط أوكرانيا، ومستودعا كبيرا للذخيرة في مدينة نيكولايف (ميكولايف) جنوب البلاد، ومستودعا للوقود مخصص للآليات العسكرية الأوكرانية في منطقة جوفتنيفويه في مقاطعة نيكولايف. وأشار المتحدث إلى أن القصف الروسي طال أيضاً مركز قيادة لواء الدبابات الـ17 في الجيش الأوكراني وأربع مناطق لحشد العسكريين والآليات الحربية، بالإضافة إلى مستودعين للمعدات العسكرية والتقنية في مطار عسكري قرب مدينة كراماتورسك في دونيتسك.
ولفت كوناشينكوف إلى أن سلاح الجو الروسي خلال الليل الماضي شن أيضاً غارات على 93 منطقة لحشد العسكريين والآليات الحربية الأوكرانية، بينما استهدفت القوات الصاروخية والمدفعية مركزي قيادة للجيش الأوكراني وبطارية مدفعية ومنصات إطلاق ومركبة خاصةً بالنقل والحشو لمنظومة «توتشكا أو» الصاروخية. وأكد كوناشينكوف أن المدفعية الروسية استهدفت 32 مركز قيادة وخمسة مستودعات للذخيرة و403 نقاط حصينة ومناطق لحشد العسكريين والآليات الحربية و51 موقعا للمدفعية، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع الروسية تقدر خسائر الجانب الأوكراني جراء هذه الضربات بـ«أكثر من 600 قومي و61 قطعة من السلاح والعتاد». كما أعلن المتحدث عن إسقاط الدفاعات الجوية الروسية ثلاث طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الأوكراني فوق جنوب البلاد، إحداها من طراز «سو - 24» في محيط جزيرة زمييني (جزيرة الثعبان) في البحر الأسود، والثانية من طراز «سو - 27» في محيط قرية إينغوليتس في مقاطعة خيرسون، والثالثة من طراز «سو - 25» في محيط قرية كوشيفويه في مقاطعة دنيبروبيتروفسك. كما أكد كوناشينكوف تدمير 14 طائرة مسيرة للجيش الأوكراني خلال الليل الماضي في أجواء مقاطعتي خاركوف وخيرسون ودونيتسك ولوغانسك، منها طائرة تركية الصنع من طراز «بيرقدار تي بي 2» تم إسقاطها فوق جزيرة زمييني.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي إن التكتل يساوره «قلق بالغ» إزاء تقرير ذكر أن روسيا تطوِّر برنامج طائرات مُسيرة هجومية بدعم من الصين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا ضابط من الشرطة الروسية - أرشيفية (رويترز)

روسيا تحاكم أميركياً عمره 72 عاماً بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا

يحاكم أميركي في الـ72 من العمر منذ الجمعة في موسكو بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا، على ما أفادت به وكالة «ريا نوفوستي» الرسمية للأنباء التي حضرت الجلسة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

طرحت مجلة «نيوزويك» الأميركية سؤالاً على خبراء بشأن خيارات المتاحة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) للرد على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم فولوديمير زيلينسكي يصافح كامالا هاريس (رويترز)

هاريس: تنازل أوكرانيا عن أراض هو صيغة للاستسلام وليس السلام

أكّدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس التي تتنافس مع دونالد ترمب في انتخابات نوفمبر، للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن «دعمها للشعب الأوكراني راسخ».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

واشنطن: تهديدات بوتين النووية الجديدة «غير مسؤولة على الإطلاق»

عدَّ وزير الخارجية الأميركي، الخميس، التهديدات الجديدة للرئيس الروسي بشأن الأسلحة النووية «غير مسؤولة على الإطلاق»، بعد إعلانه خططاً لتوسيع استخدامها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أميركي يُعلن تخليه عن جنسيته أثناء جلسة محاكمته في روسيا

أوقف جوزيف تاتر في منتصف أغسطس بعد شجار في أحد فنادق موسكو (أ.ف.ب)
أوقف جوزيف تاتر في منتصف أغسطس بعد شجار في أحد فنادق موسكو (أ.ف.ب)
TT

أميركي يُعلن تخليه عن جنسيته أثناء جلسة محاكمته في روسيا

أوقف جوزيف تاتر في منتصف أغسطس بعد شجار في أحد فنادق موسكو (أ.ف.ب)
أوقف جوزيف تاتر في منتصف أغسطس بعد شجار في أحد فنادق موسكو (أ.ف.ب)

أعلن مواطن أميركي موقوف في روسيا بتهمة تعنيف شرطي، أمام محكمة في موسكو، اليوم (الخميس)، تخليه عن جنسيته قائلاً إنه ضحية للاضطهاد السياسي في الولايات المتحدة، بحسب ما نقلت وكالات أنباء روسية.

وفي منتصف أغسطس (آب)، أوقف جوزيف تاتر، من مواليد عام 1978، بعد شجار في أحد فنادق موسكو حيث اعتدى لفظياً على موظفين، بحسب القضاء الروسي.

وقال إن الخلاف مرتبط بمستندات إدارية مطلوبة للإقامة في الفندق، موضحاً أنه احتسى مشروبات كحولية في حانة النزل.

وبعد هذه الحادثة، نُقل إلى مركز الشرطة حيث هاجم أحد عناصر الأمن، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي 14 أغسطس، حُكم عليه بالسجن 15 يوماً بعد إدانته بتهمة «تخريب» الفندق، ثم أودع الحبس الاحتياطي في إطار التحقيق في «العنف» ضد الشرطة، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى السجن 5 سنوات.

وحضر الأميركي، الخميس، جلسة الاستئناف حيث طلب إلغاء حبسه احتياطياً.

وخلال الجلسة، انتقد الحكومة ووسائل الإعلام الأميركية، وطلب من اثنين من موظفي السفارة المغادرة، قائلاً لهما إنه لم يعد مواطناً أميركياً، بحسب وكالات أنباء روسية.

وقال: «حياتي مهددة في الولايات المتحدة»، مضيفاً أن والدته «قُتلت» على يد وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أثناء وجودها في المستشفى.

وأكد محاميه للقاضي أن موكله جاء إلى روسيا للحصول على اللجوء السياسي؛ بسبب «الاضطهاد» في الولايات المتحدة.

رغم ذلك، رفضت المحكمة استئنافه، وسيظل رهن الحبس الاحتياطي حتى منتصف أكتوبر (تشرين الأول) على الأقل.

وهناك مواطنون أميركيون وغربيون آخرون في السجون الروسية لأسباب مختلفة.

وفي الأول من أغسطس، جرت أكبر عملية تبادل سجناء منذ نهاية الحرب الباردة بين القوتين العظميين، ما أتاح الإفراج عن صحافيين ومعارضين محتجزين بروسيا في مقابل إطلاق سراح جواسيس مسجونين.