آيرلندا الشمالية... تاريخ مضطرب

TT

آيرلندا الشمالية... تاريخ مضطرب

آيرلندا الشمالية مقاطعة بريطانية مزّقها نزاع استمر ثلاثة عقود بين الموالين للعرش والجمهوريين الذين يأملون مع حزب الشين فين القومي في تحقيق انتصار تاريخي في الانتخابات المحلية.
بعدما استعمرها الفايكنغ والنورمانديون على التوالي واستعادها التاج البريطاني، أُلحقت جزيرة آيرلندا بمملكة بريطانيا العظمى منذ 1801.
أدت خلافات مرتبطة بهذه الهيمنة إلى «حرب استقلال» دامت عامين من 1919 إلى 1921، بين مؤيدي الاستقلال في الجيش الجمهوري الآيرلندي والقوات البريطانية.
وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير أن الصراع أدى إلى تقسيم الجزيرة: الدولة الآيرلندية الحرة، وهي جمهورية منذ 1948، وآيرلندا الشمالية ذات الأغلبية البروتستانتية التي لا تزال تابعة للمملكة المتحدة، وعاصمتها بلفاست. وتفصل حدود برية طولها 500 كيلومتر بين آيرلندا الشمالية التي يبلغ عدد سكانها 1.9 مليون نسمة (نحو 3 في المائة من سكان المملكة المتحدة)، وجمهورية آيرلندا.

30 عاماً من «المشكلات»
منذ 1968، ظهرت «حركة الحقوق المدنية»، بقيادة الأقلية الكاثوليكية القوية ضد التمييز الذي عانت منه.
شهدت فترة «الاضطرابات» هذه هجمات نفذها فصيل سري من الجيش الجمهوري الآيرلندي. في المعسكر الوحدوي، ردت ميليشيات بروتستانتية متطرفة.
في يوم الأحد، 30 يناير (كانون الثاني) 1972، في حي بوغسايد الكاثوليكي في لندنديري، فتح جنود بريطانيون النار على مشاركين في مسيرة سلمية، ما أسفر عن مقتل 13 شخصاً.
بعد شهرين من هذا «الأحد الدامي»، أوقفت لندن عمل المؤسسات الآيرلندية، واستعادت السيطرة على شؤون الإقليم.
في العاشر من أبريل (نيسان) 1998، توصلت لندن ودبلن والزعماء الانفصاليون والموالون لآيرلندا الشمالية إلى اتفاق سلام تاريخي. أنهى اتفاق الجمعة العظيمة ثلاثة عقود من النزاع، الذي تسبب في سقوط أكثر من 3500 قتيل.
رسمياً، خرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في نهاية يناير (كانون الثاني) 2020، وغادرت الاتحاد الجمركي والسوق الأوروبية الموحدة في يناير (كانون الثاني) 2021، في نهاية الفترة الانتقالية لـ«بريكست».
لكن مقاطعتها آيرلندا الشمالية لا تزال جزءاً منه بموجب البروتوكول الخاص الذي تم التفاوض عليه في اتفاقية الطلاق بين لندن والاتحاد الأوروبي، ويفرض مراقبة الشحن الوافد عبر المقاطعة البريطانية من بريطانيا. اعتمد هذا الحل لتجنب عودة البنية التحتية الحدودية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية آيرلندا والحفاظ على اتفاقية السلام لعام 1998.
لكن البروتوكول سبب صعوبات الإمداد ومتهم بإنشاء حدود في البحر الآيرلندي. وهو أحد المصادر الرئيسية للتوتر بين المفوضية ولندن التي تطالب بإعادة التفاوض بشأنه بعمق.
بحسب بيانات نشرها في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) «مكتب الإحصاءات الوطنية»، شهد اقتصاد آيرلندا الشمالية انتعاشاً بعد من الوباء أسرع من أجزاء أخرى من المملكة المتحدة.
لكن البروتوكول قد يكلف إجمالي ناتجها المحلي 2.6 في المائة على الأمد الطويل، مقارنة بسيناريو بلا «بريكست»، حسب دراسة حديثة أجراها معهد «فريزر»، في ألاندر، بغلاسكو، بسبب الخلافات التجارية مع بريطانيا الشريك التجاري الرئيسي لآيرلندا الشمالية.
كانت آيرلندا الشمالية المقاطعة الوحيدة في المملكة المتحدة التي ظل فيها زواج المثليين محظوراً حتى فبراير (شباط) 2020، متأخرة ست سنوات عن بقية أنحاء البلاد. ودافع عن هذا الموقف «الحزب الوحدوي الديمقراطي المتشدد».
ولم يكن يسمح بالإجهاض إلا في حال خطر وفاة الأم. ومنذ أبريل (نيسان) 2020، أصبح من الممكن رسمياً إجراء عملية إجهاض. لكن عملياً ليس هناك سوى وسائل قليلة، وقررت الحكومة البريطانية تجاوز الحكومة المحلية لفرض تطبيق القانون.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».