«ميتروبوليتان 2022»... بريق ورسائل سياسية مبطنة بالذهب

الممثلة بلايك لايفلي (أ.ف.ب)
الممثلة بلايك لايفلي (أ.ف.ب)
TT

«ميتروبوليتان 2022»... بريق ورسائل سياسية مبطنة بالذهب

الممثلة بلايك لايفلي (أ.ف.ب)
الممثلة بلايك لايفلي (أ.ف.ب)

بالتاج الذي زين رأسها وزيها الأنيق من دار «شانيل» الباريسية، والذي لم تتقيد فيه بتعليماتها بأن يختار الضيوف أزياء مستوحاة من التاريخ الأميركي، أكدت آنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية والمسؤولة عن محتوى الطبعات العالمية، أنها ملكة الفعالية بلا منازع... فهي، وبكل بساطة، حولت «حفل الميتروبوليتان» السنوي؛ الذي انطلق في عام 1948 مقتصراً على الطبقات الثرية في نيويورك، إلى ملتقى للنجوم يتكيف مع عصر الشبكات الاجتماعية. الآن؛ وما إن يذكر اسم الحفل حتى يقفز اسمها إلى الأذهان... هي التي تختار الضيوف، وتفرض الشروط، وتسن القوانين، وتختار العناوين.

آنا وينتور (أ.ف.ب)  -  هيلاري كلينتون وفستان مطرز عند الأكتاف بأسماء 60 امرأة أميركية ملهمة (أ.ف.ب)

هي أيضاً من حولت هذه الفعالية؛ التي بدأت منذ أكثر من نصف قرن، من مجرد حفل خيري لجمع التبرعات لصالح «متحف الميتروبوليتان للفنون» في نيويورك، إلى عرض أزياء بأهمية «السوبر بول». هذه السنة اختارت «غيلدد غلامور» عنواناً للحفل؛ وكأنها تريد أن تنتقم من أناقة الراحة والأسلوب العملي الذي فرضته فترة الحجر والتباعد خلال جائحة «كوفيد19»؛ لا سيما أن العنوان كان الإشارة لكي يختار الضيوف أزياءهم من العصر الذهبي لأميركا في أواخر القرن التاسع عشر بكل فخامته وبريقه. لم يكن الاختيار موفقاً بالنسبة للبعض ممن رأوا أنه لا يتناسب مع الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه العالم عموماً؛ والولايات المتحدة الأميركية خصوصاً.

الممثلة سارة جيسيكا باركر (أ.ف.ب)

بيد أن هذا التناقض أو التجرد من الواقع لم يثن مئات النجوم عن المشاركة واستعراض أفكارهم وترجماتهم لهذه الفترة من خلال أزياء تلعب على الفخامة المبالغ فيها، من أجل إثارة الأنظار حيناً؛ وعلى رسائل سياسية حيناً آخر. جيل بايدن؛ زوجة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي افتتحت الحفل هذه السنة، صرحت بأن الحدث يشكل «احتفالاً بالمصممين الذين صاغوا هوية أميركا الحقيقية». أما هيلاري كلينتون التي حضرت المناسبة بعد غياب 21 عاماً، فلم تستطع أن تقاوم الجني السياسي الساكن بداخلها، واختارت فستاناً من تصميم جوزيف ألتازورا طُرّز بخيوط من لون الفستان النبيذي نفسه بأسماء 60 امرأة ألهمنها طوال حياتها، مثل والدتها، وليدي بيرد جونسون، وإليانور روزفلت، وهارييت توبمان المؤيدة لإلغاء العبودية، ووزيرة الخارجية الراحلة مادلين أولبرايت... وهلم جرا.

العارضة جيجي حديد (أ.ف.ب)

رسالة رأت أنها مناسبة لهذه الفترة التي تحتفل بالتنوع وبالحركات النسوية الجديدة. الممثلة سارة جيسيكا باركر اختارت هي أيضاً أن تحتفل بامرأة، وسوداء، هي إليزابيث هوبز كيكلي، التي كانت أول سوداء تدخل البيت الأبيض في عام 1860 بصفتها مصممة أزياء لماري تود لينكولن، وكانت النتيجة فستاناً بالأبيض والأسود صممه لها الشاب كريستوفر جونز ردوجرز. أما إيريك آدمز، رئيس بلدية نيويورك، فارتدى سترة سهرة عليها رموز نظام مترو الأنفاق في نيويورك، كُتب على ظهرها عبارة: «أوقفوا عنف السلاح». كما انتهز الفرصة ليكون واقعياً ويُنوه بأن الفترة لم تكن ذهبية بالكامل ملقياً الضوء على الصعوبات الاقتصادية التي عانى منها العديد من الناس خلال العصر المذهب المزدهر في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. قال: «رغم وجود بعض الاختراعات العظيمة وبعض الهندسة المعمارية الرائعة... فإنها كانت أيضاً فترة مظلمة؛ ويجب ألا ننسى ذلك». أما الممثل ريز أحمد؛ فظهر بزي عُمال أنيق، فسّره قائلاً إنه كان مناسباً لكي يُعطي المهاجرين حقهم «فقد كان لهم فضل كبير في جعل هذه الفترة ذهبية ومزدهرة».

الممثلة غلين كلوز وبيير باولو بكيولي مصمم دار «فالنتينو» (أ.ف.ب)

كان رجل الأعمال إيلون ماسك أيضاً ضمن قائمة مكونة من 400 شخص من نجوم الموضة والموسيقى والسينما والشبكات الاجتماعية والسياسة والأعمال حضروا الحدث هذا العام لتقديم دعمهم من جهة؛ وترسيخ مكانتهم بوصفهم مؤثرين من جهة ثانية. وبما أن الحفل أصبح أكبر عرض أزياء مفتوح في العالم، فإن التقليد الذي يحضر فيه المصمم مع النجمة التي اختارته أو اختارها لارتداء تصميمه لم يختف تماماً، حيث رافق بييرباولو بكيولي، مصمم دار «فالنتينو» النجمة غلين غلوز وهي تستعرض زياً لافتاً باللون الوردي بدرجة اخترعها المصمم هذا العام بالتعاون مع شركة «بانتون». الممثلة بلايك لايفلي؛ التي تشارك في رئاسة الحدث مع زوجها الممثل رايان رينولدز، تخايلت بفستان من تصميم «فيرساتشي» بذيل طويل رُسمت عليه محطة «غراند سنترال» المركزية في نيويورك و«تمثال الحرية» و«مبنى إمباير».

كايلي جينير بفستان زفاف من الراحل فرجيل أبلو (أ.ف.ب)

بدورها؛ احتفلت المغنية أليشيا كيز بنيويورك، واختارت فستاناً من رالف لورين مرصعاً بمائتي ألف قطعة من الكريستال في نقاط معينة جعلتها تبدو كأنها خط أفق المدينة.
أما كيم كارداشيان، فاختارت الفستان الذي ظهرت به نجمة الإغراء الراحلة مارلين مونرو خلال حفل عيد ميلاد الرئيس الأسبق جون كنيدي وأثناء أداء أغنيتها الشهيرة «عيد ميلاد سعيد سيدي الرئيس». الفستان الذي صممه جون لوي في عام 1962 واشترته شركة «ريبلي» في عام 2016 بـ5 ملايين دولار تقريباً، أعارته لها لمدة دقائق فقط قبل أن تغيره إلى فستان تقليد.
يذكر أنا وينتور حولت الحفل إلى فني وتجاري في الوقت ذاته. قبلها لم يكن وارداً أن تحضره كيم كارداشيان ومثيلاتها؟ لكن وينتور؛ وبحسها التسويقي، شعرت بأن ثقافة المجتمع، ومعها بوصلة المال، تغيرت. عندما حضرت كيم كارداشيان الحفل أول مرة أثار الأمر كثيراً من الاستغراب والاستهجان. الآن يبدو الأمر عادياً؛ بل وقد يفتقد حضورها البعض في حال غيابها لما تثيره من جدل وإثارة. هذا إضافة إلى أن عائلة كارداشيان من المليارديرات حالياً، والفكرة من الحفل هو جمع أكبر قدر من التبرعات لصالح «متحف الميتروبوليتان للفنون».
فثمن تذكرة الحفل الواحدة يقدر بـ35 ألف دولار ونحو 300 ألف دولار طاولة، غالباً ما يدفع ثمنها أحد الرعاة، بحسب أرقام غير رسمية لعام 2021. الهدف الثاني من الحفل هو تحفيز المشاهدين على زيارة المعرض السنوي الذي يقام في قسم الموضة في «متحف متروبوليتان» («ذي كوستوم إنستيتيوت»). يأتي عرض هذه السنة تحت عنوان: «في أميركا: مختارات من الأزياء الأميركية». ويسلط الضوء على الموضة الأميركية في القرنين التاسع عشر والعشرين بشكل كلي وليس على جزئها الذهبي فقط.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».