مع حلول العيد... التحلل من الاحترازات يزيد شعبية الولائم في الرياض

تكدس الولائم في قصور الأفراح بالعيد
تكدس الولائم في قصور الأفراح بالعيد
TT

مع حلول العيد... التحلل من الاحترازات يزيد شعبية الولائم في الرياض

تكدس الولائم في قصور الأفراح بالعيد
تكدس الولائم في قصور الأفراح بالعيد

في أول عيد فطر تشهد فيه الرياض، تحللاً من الإجراءات الاحترازية، تبعته عودة كاملة لجميع الأنشطة التجارية، نمت معهما زيادة حركة الناس والأسواق وتصاعد نسبة ارتياد المطاعم، قُبيل شهر رمضان بالطريقة نفسها، التي اعتاد عليها الناس قبل جائحة «كورونا»، نجم عنها ازدياد الولائم ومناسبات الأفراح بنسبة تقدَّر بـ33%، في حين انخفضت أنشطة تطبيقات توصيل طلبات الوجبات السريعة بنسبة 25%، مع ارتفاع أسعار المواشي والخدمات ذات الصلة، بنسبة تتراوح بين 2.5 و3.5% وفق مختصين.
يأتي ذلك في وقت تداخلت عوامل عدة متعاكسة عالمياً ومحلياً، من بينها انخفاض الإصابة بفيروس «كورونا» وخفض الإجراءات الاحترازية والقيود والاشتراطات ذات الصلة، مقابل الخروج من نفق الإغلاق التام إلى الانفتاح التام، على مختلف الأنشطة التجارية والخدمات اللوجيستية وانسياب سلاسل الإمداد والغذاء، نجمت عنها زيادة في الأسعار بمختلف السلع والمنتجات، مع زيادة في النشاط التجاري وزيادة حركة المجتمع وزيادة حركة السفر، لأسباب مختلفة، فاقمت تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية من حدتها.
وفي ظل هذه العوامل المتداخلة، يقول محمد الماهل، أحد العاملين في مجال المواشي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأزمة الروسية - الأوكرانية دخلت على الخط مع أسباب أخرى، أعقبت جائحة (كورونا)، أدت بطريقة غير مباشرة إلى زيادة أسعار عدد من المنتجات والسلع والخدمات اللوجيستية والنقل، وبالتالي أسعار المواشي، التي ارتفعت بين 2.5% و3.5%، رغم عودة الأنشطة والانفتاح الاقتصادي».
وقال قيس عبد الله الحسن، عامل في مجال الولائم والخدمات المتعلقة بالأفراح، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن التحلل من الإجراءات الاحترازية من (كورونا)، جعل عيد الفطر السنة الحالية، مختلفاً عمّا كان عليه في العامين الماضيين، إذ أدت العودة الكاملة إلى زيادة الزوار المشاركين في تلبية الدعوات الاجتماعية المختلفة، وانتعاش الاستراحات لمختلف الجمعيات التي تعكس مشاركة جاليات العالم المقيمة في تقاسم الفرحة بعيد الفطر المبارك».
من جهته، قال عبد الرؤوف عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط»، وهو موظف في مجال التطبيقات الإلكترونية لتوصيل الوجبات السريعة، إن العودة الكاملة مع التحلل من الاحترازات، خفّضت من نسبة عمله إلى 25%، والسبب أن الكثير من الأسر والأفراد عادوا لممارسة هواياتهم التي كانوا عليها سابقاً، قبل انتشار فيروس «كورونا» الذي استلزم فرض الإغلاق التام وفرض القيود والاحترازات الصحية المشددة.
ولفت عبد المجيد إلى أن المتغيرات التي جاءت بعد التحلل من الاحترازات، والعودة الكاملة، والانفتاح على السفر، وعلى الأنشطة المختلفة، أعادت مظهر ارتياد المطاعم بزيادة تجاوزت نسبة الـ50%، عمّا كان عليه الوضع في العام الماضي، من حيث الوضع قبل التحلل من الاحترازات الصحية المتعلقة بـ«كورونا»، الأمر الذي قلل من نسبة حركتهم والطلب على الوجبات الجاهزة في مواقعهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».