المصريون يستعيدون بهجة {الفطر} بالبالونات والزغاريد

زحام في الشوارع والحدائق... و«الفسيخ» يعوض «شم النسيم»

فرحة العيد لا تكتمل إلا بالأصدقاء (الشرق الأوسط)
فرحة العيد لا تكتمل إلا بالأصدقاء (الشرق الأوسط)
TT

المصريون يستعيدون بهجة {الفطر} بالبالونات والزغاريد

فرحة العيد لا تكتمل إلا بالأصدقاء (الشرق الأوسط)
فرحة العيد لا تكتمل إلا بالأصدقاء (الشرق الأوسط)

رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع الأسعار نتيجة تأثيرات جائحة (كوفيد – 19) والحرب الروسية - الأوكرانية، فإن المصريين حرصوا على استعادة بهجة وروح العيد، بكل مظاهرها وعاداتها بدءاً من «الكحك»، والملابس الجديدة، مروراً بالتجمع في الساحات لأداء الصلاة، ثم قضاء اليوم في الحدائق العامة.
احتفالات المصريين بعيد الفطر بدأت مساء الأحد، مع انقضاء آخر أيام شهر رمضان المبارك، حيث ازدحمت شوارع القاهرة ومختلف المحافظات المصرية، بالشباب والفتيات الذين سهروا حتى الصباح، على كورنيش النيل، وفي المقاهي، منتظرين بزوغ فجر أول أيام العيد، حيث تجمعت الأسر المصرية في الميادين والساحات لأداء صلاة العيد، في أجواء كرنفالية زينتها البالونات الملونة، والهدايا للأطفال، وسط زغاريد الأمهات احتفالاً بالعيد.

                                              زحام على محال «الرنجة» و«الفسيخ» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
وقضى محمود عبد الله، شاب في السادسة عشرة من العمر، أكثر من 12 ساعة متواصلة مع أصدقائه احتفالاً بليلة العيد، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «فرحة العيد لا تكتمل إلا بالأصدقاء»، مشيراً إلى أن «طقوس الاحتفال بدأت بمباراة كرة قدم مسائية، ثم جولات على كورنيش النيل، استكملت بجلسة على المقهى، وصولاً لأداء صلاة العيد، وتناول الكحك».
وأدى ملايين المصريين صلاة العيد في الساحات العامة، بعد تخفيف الحكومة من قيود وضوابط الحد من انتشار جائحة «كوفيد - 19»، حيث أعلنت وزارة الأوقاف المصري، عن «فتح جميع مصليات السيدات في المساجد الكبرى، السماح باصطحاب الأطفال في الصلاة للمرة الأولى منذ انتشار الجائحة، لإدخال البهجة والسرور على المصريين»، بينما عززت قوات الشرطة من تواجدها الأمني في الشوارع وفي الطرق الصحراوية لتأمين المسافرين خلال العيد.

                                                      احتفالات العيد على كورنيش الإسكندرية (الشرق الأوسط)
واستعدادات المصريين للعيد بدأت كالعادة قبل عدة أيام، لكنها لم تقتصر هذه المرة على العادات التقليدية المتعلقة بشراء الملابس الجديدة، و«كحك العيد»، بل أضيف إليها احتفال متأخر بعيد شم النسيم الذي تصادف هذا العام مع الاثنين الأخير من شهر رمضان، حيث شهدت محال بيع الأسماك المملحة زحاماً خلال الأيام القليلة الماضية، لشراء «الرنجة» و«الفسيخ»، لتعويض طقوس شم النسيم، وتقول نسمة محمود، سيدة ثلاثينية، إنها «أجلت الاحتفال بشم النسيم إلى أول أيام عيد الفطر، فلم يكن من المناسب، بالنسبة لها ولأسرتها، تناول الأسماك المملحة أثناء الصيام». وتوافد المصريون منذ الصباح على الحدائق والشواطئ، والمتنزهات العامة، ومراكز التسوق، واكتست شوارع مصر ببهجة العيد وألوانه، حيث تجمع الشباب والأطفال على طول كورنيش النيل وكورنيش الإسكندرية وفي الساحات العامة، لالتقاط الصور التذكارية احتفالاً بالعيد، بينما حرص كثير من المصريين على السفر إلى قراهم وبلداتهم الأصلية لقضاء العيد، من بينهم وائل عبد الله، شاب ثلاثيني، من سوهاج يعمل في القاهرة، ويقول إن «العيد لا يكون عيداً حقيقياً إلا في البلد مع الأهل».
وحاولت قوات الأمن تفريق التجمعات في بعض المناطق، ومن بينها كوبري ستانلي في الإسكندرية، لأنها تعطل حركة المرور على الكورنيش، في الوقت الذي تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للزحام الشديد في الساحات العامة، والشوارع، مع انتقادات لغياب الإجراءات الاحترازية الخاصة بڤيروس كورونا، وإن عبر آخرون عن «فرحتهم بعودة مظاهر فرحة العيد إلى شوارع مصر».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».