صحف السودان بمانشيت واحد وافتتاحية موحدة لإدانة الاقتتال القبلي

حزب المؤتمر يحمل الخرطوم مسؤولية اندلاع القتال في دارفور

صحف السودان بمانشيت واحد وافتتاحية موحدة لإدانة الاقتتال القبلي
TT

صحف السودان بمانشيت واحد وافتتاحية موحدة لإدانة الاقتتال القبلي

صحف السودان بمانشيت واحد وافتتاحية موحدة لإدانة الاقتتال القبلي

حمّل حزب المؤتمر السوداني المعارض حكومة الخرطوم المسؤولية عن الدماء التي سفكت بين المجموعتين، بسبب عدم تدخلها في الوقت المناسب، وتلكؤها في تحمل المسؤولية واسترخاصها للأرواح. وفي غضون ذلك، قرر الصحافيون السودانيون الإلقاء بثقلهم خلف الجهود المبذولة لوقف القتال الأهلي الدائر بين إثنيتي «الرزيقات والمعاليا» في ولاية شرق دارفور، والذي راح ضحيته مئات القتلى والجرحى من الطرفين، حيث خرجت صحف الخرطوم أمس في سابقة تعد الأولى من نوعها، مكللة بالسواد وبعنوان رئيسي واحد «لا للدماء».
وكانت منطقة «أبو كارنكا» بشرق دارفور قد شهدت الاثنين الماضي مواجهات دامية بين قبيلتي المعاليا والرزيقات، اللتين تتقاتلان على ملكية أرض، وعقدت بسبب ذلك عدة مؤتمرات صلح، لكنها فشلت في حل الخلافات سلميا، واستمر الاقتتال العنيف بين الطرفين ليبلغ ذروته في الهجوم على أبو كارنكا الأسبوع الماضي، والذي خلف مئات القتلى والجرحى. وأمام هذا الوضع الدموي سارع صحافيون منضوون تحت لواء مبادرة «صحافيون ضد العنف القبلي»، إلى تنظيم وقفة احتجاجية السبت الماضي عشية الاقتتال أمام القصر الرئاسي، لتسليم مذكرة للرئيس عمر البشير، تطالبه بالتدخل شخصيا لوقف الاقتتال بين المجموعتين، بيد أن سلطات القصر الرئاسي رفضت تسلم المذكرة، وفرقت الشرطة الصحافيين.
وخرجت صحف الخرطوم أمس مجللة بالسودان، وهي تحمل عنوانا رئيسيا (مانشيت) واحدا يقول «لا للدماء»، تنفيذا لاتفاق بين رؤساء تحرير الصحف على التصدي لنزف دماء الاقتتال القبلي. وقد أعلنت أمس شبكة الصحافيين السودانيين، وهي تنظيم صحافي موازٍ لاتحاد الصحافيين الموالي للحزب الحاكم، في بيان، تأييدها لوقفة الصحافيين التي دعت بافتتاحية موحدة لوقف نزيف الدماء في دارفور، وأكدت وقوفها مع ما سمته «الروح التي بدأت تدب في الوسط الصحافي، مما يدل على أن غرس الشبكة ضرورة بث الوعي بالقضايا العامة وسط الصحافيين قد أتى أكله وطرح ثماره».
ووصلت الصحف للمكتبات وهي تحمل كلمة افتتاحية واحدة، عبر فيها الصحافيون عن حزنهم وألمهم لتصاعد الأحداث، وسيل الدماء في ولاية شرق دارفور، وللفت النظر لما اعتبرته قضية ملحة وعاجلة «ليقف الشعب كله صفا واحدا ضد العنف القبلي». ودعت الافتتاحية غير المسبوقة في تاريخ الصحافة السودانية إلى وقف الحرب، وعدم إهدار موارد البلاد في الصراعات القبلية، مؤكدة أن المبادرة التي تتبناها الصحافة السودانية تهدف إلى إحلال السلام بدارفور وجميع أنحاء البلاد. وقال رؤساء تحرير الصحف في بيان مشترك «يعتصرنا اليوم ألم يدمي القلوب على ما آل إليه الوضع في دارفور، بعد أن أصبح الدم رخيصا بلا ثمن، يستباح بكل أريحية قربانا لصراعات قبلية ممعنة في اللاوعي.. وقد قررنا نحن جميع الصحافيين السودانيين أن نكون في قلب الأزمة، بكل عقولنا وبصيرتنا لنصنع الحل الأمثل، ليس لتضميد جراح المعارك فحسب، بل لترسيخ قيم التعايش والوئام الاجتماعي الوطني».
من جهته، حمّل إبراهيم الشيخ، رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض، الحكومة السودانية مسؤولية اندلاع القتال الدامي. وأوضح في مؤتمر صحافي عقده أمس أن «كل القبائل ضحية لسياسات حزب المؤتمر الوطني، وهو يوظف هذه المجموعات لخدمته أجندته، وهذا فخ يجب أن ننتبه إليه حتى لا نتحول لأدوات تخدم هذه الأجندة».
وقال الشيخ إن السلاح الذي بيد القبائل «سلاح الجنجويد» والميليشيات التابعة للحكومة تقع إدارته تحت مسؤولية حكومة السودان، ويمثلها حزب المؤتمر الوطني. وأبدى تأييده لمبادرة الصحافيين.
وأوضح الشيخ أن حجم السلاح الموجود بأيدي المجموعات القبلية جعل النزاع شائكا ويستدعي معالجة موضوعية وشاملة تحسم قضية «الأرض والسلاح»، ودعا إلى نشر القوات النظامية في المنطقة بقوله «لو أن الدولة تدخلت في الوقت المناسب لوقف التربص بنشر قوات عازلة، لما حدث ذلك، ونحن نحمل الحكومة المسؤولية كاملة على إهمالها واسترخاصها للأرواح».
وتتهم إثنية المعاليا بشكل مباشر الحكومة السودانية بالانحياز ضدها، ويعتبرونها طرفا غير محايد في الاقتتال، فيما تقول إثنية الرزيقات إن خصومهم يستعينون برجال الحركات المسلحة وأسلحتها ضدهم، بما يجعل من الحرب الأهلية بين الطرفين انعكاسا للحرب التي تدور في دارفور منذ أكثر من 10 أعوام بين القوات الحكومية والحركات المتمردة المسلحة، والذي تتهم فيه الحكومة بالاستعانة بمجموعات قبلية ضد الحركات المسلحة، وتسليحها ضد الحركات المسلحة. ويعتبر النزاع بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا من أطول النزاعات القبلية بدارفور، حيث يمتد إلى سنة 1966، بسبب صراع على ملكية أراضي «حاكورة»، وقد أخذ الصراع بين الطرفين منحى أكثرة عنفا وحدة بعد اكتشاف النفط في مناطق النزاع، وبعد انتشار السلاح الفتاك بسبب الحرب في دارفور.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.