يضع الشيف ثيتيد تون تاساناكاجون، الحائز نجمة «ميشلان»، الكافيار الأسود، على أحد أطباق مطعمه الفاخر الواقع في بانكوك، مضيفاً بالتالي هذا المكون المصنوع محلياً وذا السعر المقبول إلى وصفاته العائلية التقليدية التي يعيد تنفيذها على طريقته.
ويتزايد حضور هذا النوع من الطعام الفاخر المرتبط في الغالب بالدول الاسكندينافية الباردة، على موائد المطاعم الفخمة في هذه الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا، إذ بات في إمكان الطاهي الشهير البالغ 37 عاماً أن يقدم الكافيار بأسعار معقولة بفضل مزرعة مبتكرة تقع خارج العاصمة، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وعبر استخدام أساليب حصاد بتقنية عالية، تقدم المزرعة، وهي شراكة تايلاندية روسية، منتجاً يتسم باحترام أكبر للحيوانات وبأسعار مقبولة، وتجنب بالتالي الأسماك المهددة بالانقراض التي توفر الكافيار الشهي، مصيرها المتمثل بالنفوق.
ويقول تون، وهو يضع الكافيار فوق إحدى الصلصات التايلاندية الشهيرة في مطعمه «لانياي نوسارا»، «إن سعره مقبول أكثر من أسعار المنتجات المستورد». ويضيف أن إضافة الكافيار إلى الأطباق تساعد كذلك في تبديد الانطباع السائد بأن الأطباق التايلاندية ينبغي أن تكون دائماً حارة ونكهاتها قوية.
وحسب الشيف، فإن الكافيار المصنوع محلياً قد «أتاح فرصة أمام طهاة كثيرين لإضافته إلى أطباقهم كذلك».
إنه وقت حصاد «الذهب الأسود» في مزرعة «ستورغن» التايلاندية الواقعة على بعد حوالي 200 كيلومتر من منتجع «هوا هين» الساحلي الشهير. وتزود هذه المزرعة الموزع المحلي «كافيار هاوس» بالكافيار.
وتسبح مئات الأسماك العملاقة داخل أحواض ذات حرارة مياه معتدلة تبلغ 21 درجة مئوية، وشتان تالياً بينها وبين مياه بحر قزوين الباردة، حيث تعيش الأنواع حياة برية.
ويقول الشريك في ملكية المزرعة أليكسي تيوتين لوكالة الصحافة الفرنسية، «لا أحد يملك نوعاً مماثلاً من المزارع في بلد استوائي المناخ».
وتستطيع الأسماك التي قد يبلغ طولها أربعة أمتار، أن تعيش لمدة تصل إلى مائة عام.
وعادة ما يقتل منتجو الكافيار إناث الأسماك لاستخراج البيض، لكن مزرعة تيوتين «تحلب» أسماك الحفشية.
ويشير الرجل البالغ 55 عاماً إلى أن استخدام الأسماك لأطول فترة ممكنة يساعد في جعل المشروع مستداماً ومربحاً.
وأثناء الحصاد، تُنقل الأسماك إلى «غرفة الشتاء»، حيث تُثبت الحرارة فيها بداية على ست درجات مئوية، ومن ثم ترتفع إلى 15 درجة، قبل استخراج بيض السمك.
ويقول تيوتين، «إذا كانت السمكة تزن 25 كيلوغراماً مثلاً، نتوقع أن تعطينا عادة بين 2.6 و2.7 كيلوغرام من الكافيار»، مضيفاً أن المزرعة تتوقع أن تنتج ما يصل إلى طنين هذا العام.
وتتطلب تربية أسماك الحفشية في بيئة مماثلة لبيئتها الطبيعية كميات هائلة من الطاقة، وبغض النظر عن استخدام الألواح الشمسية تبلغ فاتورة الكهرباء الشهرية نحو تسعة آلاف دولار.
ويقول تيوتين، «إننا نبرد الماء لأن درجة حرارته في الخارج تبلغ 31 درجة، وهي حرارة لا تستطيع هذه الأسماك تحملها فتنفق فوراً».
لكن المناخ الاستوائي السائد في تايلاند وفّر للشركة ميزة تنافسية، إذ إن ارتفاع درجة حرارة الماء يساعد أسماك الحفشية على النضوج في سن السادسة مقابل نضوجها في روسيا عند بلوغها الحادية عشرة.
وفيما تقتصر السوق التي تمد «كافيار هاوس» بمنتجها على متاجر ومطاعم محلية، حيث تباع علبة الكافيار بين 230 و832 دولاراً، تأمل الشركة في تصدير منتجها مستقبلاً.
وطالت العقوبات الأوروبية التي فُرضت أخيراً على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا، لكن تأثيرها على الكافيار بسيط لأن روسيا تمثل مصدراً صغيراً.
أما المنافسة الكبيرة، فتأتي من الصين التي أصبحت تمثل سوقاً عملاقة للكافيار، إذ تنتج 84 في المائة من الكمية الإجمالية المنتجة في العالم، حسب تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية.
وتضرر إنتاج الكافيار خلال جائحة «كوفيد – 19»، جراء القيود المفروضة على المطاعم الراقية وشركات الطيران والسفن السياحية، رغم أن بعض المطاعم الفاخرة تكيفت مع الوضع من خلال تقليص حصص الكافيار وإدخالها إلى الوجبات الجاهزة.
لكن من المتوقع أن تسجل سوق الكافيار العالمية معدل نمو سنوي مركب بنسبة سبعة في المائة بين عامي 2020 و2025، وفق تقرير صادر عام 2021 عن شركة «تكنافيو ريسرتش».
وفيما تمثل فرنسا وألمانيا والصين وإسبانيا والولايات المتحدة واليابان وروسيا أسواق الكافيار الرئيسية، يتزايد الطلب بسرعة في بلدان تقع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
أما عشاق المطبخ التايلاندي الأثرياء وكذلك الطهاة، فيدركون جيداً فوائد الكافيار، إذ إن هذا المكون غني بالفيتامينات والمعادن وأحماض الأوميغا 3 الدهنية.
ويقول نوبادون خمساي (43 عاماً)، وهو شريك آخر في ملكية المزرعة للوكالة، «بعدما أرسلنا للطهاة التايلانديين عينات من الكافيار ليجربوها، بدأوا في طلب كميات منها بعد بضعة أيام فقط»، ويضيف: «يقول الطهاة إن المنتج جيد، والأهمية تكمن في أنه مصنوع في تايلاند، وهم فخورون جداً بتقديم هذا المنتج التايلاندي للزبائن».
مزرعة مبتكرة في تايلاند تنتج كافياراً محلياً في بلد استوائي المناخ
مزرعة مبتكرة في تايلاند تنتج كافياراً محلياً في بلد استوائي المناخ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة