10 آلاف ناخب لبناني بسوريا يحسمون نتائج الانتخابات في بعلبك

80 % منهم ينتخبون لائحة «حزب الله»

TT

10 آلاف ناخب لبناني بسوريا يحسمون نتائج الانتخابات في بعلبك

يعدل الناخبون اللبنانيون المقيمون في القرى الحدودية السورية، موازين القوى الانتخابية في دائرة بعلبك الهرمل في أقصى شمال شرقي لبنان، حيث يتوقع أن يدخل نحو عشرة آلاف ناخب لبناني من الأراضي السورية إلى لبنان في يوم الانتخابات، ويصب القسم الأكبر منهم أصواته لصالح اللائحة المدعومة من «حزب الله» و«حزب البعث» وحلفائهم.
وقالت مصادر محلية في مدينة الهرمل لـ«الشرق الأوسط»، إن أعداد المقترعين في الهرمل والقرى المحيطة بها في البقاع الشمالي، وصلت في انتخابات عام 2018 إلى 35 ألف مقترع، بينهم 10 آلاف مقترع حضروا من قراهم من سوريا، مضيفة: «في هذه السنة نتوقع دخول العدد نفسه للمشاركة في الانتخابات».
ويقيم لبنانيون في قرى حدودية سورية في ريف القصير (ريف حمص الغربي)، حيث يعملون في الزراعة، ولهم أقارب في داخل الأراضي اللبنانية ويزورونهم باستمرار، فيما يتنقل لبنانيون مقيمون في لبنان إلى الداخل السوري لتفقد أراضيهم الزراعية، ويتنقل لبنانيون مقيمون في سوريا إلى الأراضي اللبنانية بشكل شبه يومي عبر الحدود المتداخلة. ويسكن هؤلاء في قرى وبلدات ريف القصير مثل بلوزة، حاويك، السماقيات، زيتا، الديابية، غوغران، برج الحمام، ربلة، حوش سمعان، الجنطلية، المصرية ومحيط جوسية والنزارية.
وقالت المصادر، إن هؤلاء اللبنانيين المقيمين في سوريا يدلون بأصواتهم في صناديق الاقتراع في مدينة الهرمل وقرى ملاصقة لها مثل القصر وحوش السيد علي وبلدتي جديدة الفاكهة وعرسال، وقالت إنه في الانتخابات الماضية، «صوت نحو 8 آلاف منهم لصالح اللائحة المدعومة من (حزب الله) و(حزب البعث) وحلفائهما»، أما الآخرون، وهم نحو 20 في المائة من أصل 10 آلاف صوت، فقد صوتوا لصالح اللائحة المعارضة لـ«حزب الله» التي كانت مدعومة من «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل»، خصوصاً في صناديق بلدات تسكنها أغلبية سنية مثل عرسال والفاكهة.
ويدخل هؤلاء إلى لبنان في يوم الانتخابات عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية. وقالت فعاليات منهم لـ«الشرق الأوسط»، إن التنقل في يوم الانتخابات «لا يتم في العادة على نفقتنا الخاصة»، بالنظر إلى ضعف إمكاناتهم المادية، وينتظرون من يقلهم على نفقته الخاصة. أما القاطنون في القرى الواقعة مباشرة على الحدود اللبنانية السورية من شمال الهرمل، فهؤلاء ينتقلون من هذه القرى إلى صناديق الاقتراع سيراً على الأقدام من معبري القصر وحوش السيد علي غير الشرعيين كي يدلوا بأصواتهم في صناديق اقتراع البلدتين.
ولا يعني ذلك أن الجميع يسلكون المعابر غير الشرعية، إذ ينتقل بعضهم عبر معبر القاع ويحضرون للمشاركة في العملية الاقتراعية، كذلك أهالي بلدة ربلة الذين نزحوا من الشواغير اللبنانية في الستينات من القرن الماضي (معظمهم من المسيحيين)، ويسكنون في ريف حمص، وينتقلون إلى الداخل اللبناني لتفقد ممتلكاتهم في بلدة الشواغير التي قال أحد سكانها لـ«الشرق الأوسط»، إنه في يوم الانتخابات «سينتقل من يريد منهم المشاركة في الاقتراع بواسطة حافلات نقل سورية إلى الحدود اللبنانية، ومن بعدها يتم نقلهم بحافلات لبنانية تنتظرهم على الحدود لتنقلهم ذهاباً وإياباً إلى صناديق الاقتراع، حيث سيدلون بأصواتهم».
وغالباً ما تكون نسبة الاقتراع مرتفعة، ويرتبط ذلك بالإمكانيات اللوجيستية وتوفير بدلات النقل والانتقال من أماكن سكن الناخبين من ريف حمص إلى لبنان وبالعكس، وهذا غالباً ما توفره اللائحة المدعومة من «حزب الله».
وعادة ما يقترع سكان النزارية في ريف حمص، في صناديق اقتراع الجديدة وجديدة الفاكهة وعرسال، وهم ينتخبون القوائم المعارضة لـ«حزب الله». وعادة ما ينقلون بطريقة شرعية من خلال معبر جوسية الحدودي إلى الداخل اللبناني بحافلات نقل عمومية سورية إلى الحدود اللبنانية، حيث تكون حافلات لبنانية بانتظارهم كي تؤمن انتقالهم إلى مكان تسجيل أسمائهم في هذه القرى كل وفق سجلات قيده.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.