عصام النجار: محظوظ كوني محاطاً بأشخاص عرفوا كيف يتلقفون مخاوفي

يستعد للقيام بجولة «حضل أحبك» العالمية

يحيي عصام النجار حفلات عدة في أكثر من 16 بلداً غربياً وعربياً
يحيي عصام النجار حفلات عدة في أكثر من 16 بلداً غربياً وعربياً
TT

عصام النجار: محظوظ كوني محاطاً بأشخاص عرفوا كيف يتلقفون مخاوفي

يحيي عصام النجار حفلات عدة في أكثر من 16 بلداً غربياً وعربياً
يحيي عصام النجار حفلات عدة في أكثر من 16 بلداً غربياً وعربياً

ما حققه المغني الأردني الشاب عصام النجار من نجاحات في مدة قصيرة، احتاج غيره من الفنانين إلى سنوات عدة لإحرازه. فهو وبظرف عام واحد، تجاوز عدد مشاهدي أغنيته «حضل أحبك»، 107 ملايين شخص. هذه الأغنية التي ولدت معه بالصدفة في أثناء مكالمة هاتفية كان يجريها مع صديقة له عبر «فيس تايم»، قلبت حياته رأساً على عقب. ويستعد الفنان اليوم للقيام بجولة «حضل أحبك» العالمية، التي يتنقل خلالها في نحو 16 بلداً عربياً وأجنبياً. تنطلق الجولة من الأردن في 10 يونيو (حزيران) المقبل، لتنتهي في 15 يوليو (تموز) في مدينة لوس أنجليس الأميركية.
ويقول النجار، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتوقع يوماً أن أصل إلى ما أنا عليه اليوم، وبهذه السرعة الكبيرة.
في أقل من سنة ونصف السنة، انتقلت من شخص يولد بالصدفة مادة موسيقية على (تيك توك)، من داخل غرفته الصغيرة، إلى فنان يحصد أرقاماً هائلة على منصات الموسيقى العالمية».
ويرى النجار ابن الـ19 ربيعاً، أن هناك أموراً تحصل في حياتنا من دون سابق إنذار فتأخذنا إلى مشاريع وأحلام أكبر منا. ألبومه الجديد «بريء»، شكّل له محطة فنية مميزة، إذ حصد أكثر من 2 مليار متابعة، عبر جميع المنصات الموسيقية العالمية.
ويعلّق النجار قائلاً: «كان حلمي الوحيد أن أبرع في مجال الموسيقى، ولكني لم أتخيل يوماً، أنني سأختبر كل هذه النجاحات في فترة وجيزة، وكذلك أن أصبح فناناً عربياً يصل بموسيقاه إلى العالم أجمعه».
الموسيقى في كل فنونها، تشكّل هاجساً عند النجار، وحلماً يراوده منذ صغره، ولكن ما طبيعة أحلامه؟ يرد في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «حلمي هو نفسه، وكررته أكثر من مرة، محوره موسيقى الـ«أرابيك بوب».
هذا النوع من الموسيقى يستهويني كثيراً، وأعمل من أجل تثبيت حضور الموسيقى العربية على جميع المنصات العالمية. فالأمر يعني لي الكثير، وأرغب في أن أكون من الأشخاص، الذين يحملون ثقافة وموسيقى بلادهم ويوصلونها إلى باقي بلدان العالم».
عصام الذي سيتوقف في جولته «حضل أحبك» العالمية في بلدان عديدة، بينها مصر، والأردن، ومسقط، وشيكاغو، ولندن، ونيويورك، ودالاس وغيرها، سيمر أيضاً إلى لبنان في 12 يونيو المقبل. وعن أكثر البلدان المتحمس للقاء جمهورها يقول: «لا أستطيع التمييز أبداً بين بلد وآخر، لكل جمهور ميزته وخصوصيته.
ولعل انطلاق جولتي من مصر، أم الفنون، تعني لي الكثير، وجدّ متحمس لتنظيم حفل في عمّان عاصمة بلدي الأردن في 10 يونيو. وأن أحاكي في موسيقاي جماهير مختلفة بين أميركا، وأوروبا، ودول عربية أخرى، هي محطات لن أنساها، وستطبع ذاكرتي دون شك. فما يهمني هو هذا التفاعل الذي سأحققه مباشرة مع محبي موسيقاي، فأقف أمامهم على المسرح، وليس من خلال منصات إلكترونية وشاشات تلفزة».

 أحد أشهر المغنين الشباب  -  سيغني النجار في جولته أغاني من ألبومه الجديد «بريء»

يستعد عصام النجار لجولته هذه، متسلحاً بتدريبات كثيفة بدأها منذ أشهر. «في النهاية هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتقي من خلال هذه الجولة. كما أنها الأولى لي عالمياً، إذ سبق وأحييت حفلات في أبوظبي والأردن فقط. وجولة بهذا الحجم لا شك أنها تتطلب جهوزية تامة، وسأقدم فيها أغنيات منوعة، أبرزها من ألبومي الجديد «بريء»، الذي حصد أرقاماً مهولة على المنصات، تخطت ملياري مستمع. سعيد أنا لأني سأنقل كل هذه النجاحات من منصات التواصل الاجتماعي إلى خشبات مسارح عالمية».
النجار الذي يتذكر محبوه في أولى إطلالاته بأغنية «حضل أحبك» متأبطاً غيتاره، يؤكد أن هذه الآلة سترافقه في جولته العالمية. «إنه رفيقي وشريكي بنجاحاتي وسيكون معي في كل واحدة من إطلالاتي. وهو يكمل صورة الفنان التي طبعتني منذ انطلاقتي، لذلك لن أتخلى عنه اليوم».
ويشير المغني الأردني الشاب إلى أن كل ما يحصل معه في هذه الفترة يحمله مسؤوليات كبيرة، ليس فقط على الصعيد الفني بل كونه يمثل نموذجاً للشاب العربي الموهوب. «تجاوزت بموسيقاي حدود المنطقة العربية وهو ما يزيد من مسؤولياتي.
فأعطي الأمل لكل موهبة من عمري أو تنتمي إلى جيلي، فتحثه على المثابرة كي يصل بصوته إلى المدى». يعترف عصام النجار بأن مشاعر الخوف تتملكه، أمام خطوة فنية بهذه الأهمية. ويوضح: «أعتقد أن الخوف الذي ينتابني هو جزء من النجاح الذي أحققه، وهو يعني أنني آخذ الأمور بجدية كبيرة، كما يعبر عن احترامي للمتلقي».
توجه النجار أخيراً، إلى لوس أنجليس، لاستكمال التدريبات للجولة العالمية التي سيقوم بها، يرافقه فريق عمله الذي «أكن له كل احترام، وأتوجه بالشكر له لأني لولاه لما وصلت إلى ما أنا عليه. وفي المقدمة شركة (يونيفرسال أرابيك ميوزك)، وجميع الأشخاص المحترفين حولي. فهم أحاطوني منذ بداياتي برعاية كبيرة وزودوني بخبرات، سهّلت عليّ شق طريقي، لغاية اليوم». أحياناً، لا يستطيع أشخاص كثر الحفاظ على توازناتهم الشخصية، إثر نجاحات كبيرة يحصدونها، فكيف يمكن أن تتأثر شخصية عصام النجار بالشهرة التي يحققها؟ يقول: «لا أخفي عليك أنني منذ بداياتي اختبرت مشاعر مختلفة، لا سيما تلك الخاصة بهذه النجاحات، فكان وقعها عليّ كبيراً، وأنا في عمر صغير.
ولكن الإحاطة التي أحاطتني بها عائلتي الصغيرة، وشركة (يونيفرسال أرابيك ميوزك)، وفريق العمل المحترف برمته، سهّلت عليّ هذه الموضوعات. فهم تلقفوا مخاوفي وزودوني بالتوازن المطلوب في عملي.
فجميعنا نعلم أن الفنانين هم من أكثر الأشخاص تعرضاً لمشاعر متناقضة. كما أن الفنان يعيش نمط حياة مجهداً ومتعباً. وهو ما ينعكس الاضطراب.
وللنجاح ضريبته من ناحية القلق من الغد، وما سيتبعه من خطوات في مراحل مقبلة.
هذه الصورة التي يبنيها الفنان، خصوصاً، إذا ما حقق الشهرة منذ بداياته، إضافة إلى الحفاظ على النمط نفسه من خلال استمرارية نجاحه، وهو أمر في غاية الصعوبة. وأنا محظوظ كوني محاطاً، بكل هؤلاء الأشخاص كي أتمتع بالتوازن الذي أتحدث عنه».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».