بينما ينشغل الرجال المصريون في العشر أيام الأخيرة من شهر رمضان بالصلاة والعبادة والتهجد، تنشغل جل السيدات بإعداد وخبز الكعك والبسكويت وحلوى العيد المختلفة، حيث تتسم هذه الأيام بطقس إعداد الكعك التقليدي، وعادة اجتماع ربات البيوت والفتيات حول العجين لتشكيل الكعك ونقش وجهه وحوافه، ليخرج في صورة تبعث السعادة بنفس المتذوق.
جرياً على ممارساتها المعتادة في إعداد الكعك والبسكويت لأبنائها وأحفادها؛ وجدت «الجدة» جيهان علي (67 عاماً)، نفسها في مأزق مع بداية إعداد حلوى العيد هذا العام، بفعل حال الغلاء الذي ضرب البلاد، وارتفعت معه أسعار مكوناتها من الزبد والسمن والدقيق الأبيض والخميرة، ما جعلها تقلل كمية ما تصنعه من حلوى مقارنة بكل عام.
وبينما ترتفع روائح العجين من منزلها، تقول الجدة لـ«الشرق الأوسط»، «منذ سنوات طويلة وأنا أحرص على عادة إعداد حلوى العيد خلال الأيام العشر الأخيرة من شهر رمضان، إذ أجتمع مع جاراتي لإعداد العجين الخاص بالكعك والبسكويت والغُريبة والبيتي فور، ومن ثَم إرساله إلى أحد الأفران القريبة لتسويته». وتضيف: «إلا أن العام الحالي، ومع ارتفاع أسعار المكونات، قررت عمل كميات قليلة وليس كيلوات كثيرة مثلما كنت أفعل كل عام، وذلك حفاظاً على هذه العادة التي يفرح بها الصغير والكبير». وتنهي حديثها ضاحكة: «على رأي المثل (المَرأة الطهاية تكفي الفرح بوزة)»، في إشارة منها إلى حُسن التدبير.
وحسب بيانات رسمية، فإن أسعار مكونات حلوى عيد الفطر تشهد هذا العام ارتفاعاً يتراوح ما بين 20 إلى 30 في المائة مقارنة بالسنوات الماضية، بسبب زيادة تكلفة الخامات خلال الموسم الحالي، في ظل تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، إذ ارتفعت أسعار الدقيق، والسكر، والسمن البلدي، بجانب زيادة أسعار المكسرات نتيجة ارتفاع سعر الدولار.
على الجهة الأخرى، توجد الأنواع الجاهزة من الكعك مقابل تلك المُعدة منزلياً، التي تُباع في محال الحلوانية والأفران، والتي تشهد ارتفاع أسعارها هي الأخرى. وهو ما تشير إليه شعبة المخابز في اتحاد الغرف التجارية المصرية، مؤكدة أن القوى الشرائية والإقبال على شراء كعك العيد منخفضان جداً، لافتة إلى أن متوسط أسعار الكعك والبسكويت في المخابز ومحال الحلوانية 100 جنيه مصري (حوالي خمسة دولارات ونصف الدولار)، و120 جنيهاً لـ«الغريبة» و«البيتي فور» (حوالي ستة دولارات ونصف الدولار).
وهي الأسعار التي عملت على إحجام كثير من المصريين عن الشراء، أو الاتجاه إلى شراء كميات قليلة من الحلوى بما يناسب دخلهم.
أمام أصناف الكعك المتراصة أمام أحد الأفران الشعبية في محافظة المنوفية (بدلتا مصر)، تحير أحمد عبد الغني، الموظف في إحدى الشركات الخاصة، لاختيار ما يناسب دخله، يقول: «جئت لشراء أصناف كعك العيد مثلما أفعل كل عام، ولكني فوجئت بارتفاع أسعارها، لذا قررت الاكتفاء فقط بالكعك والبسكويت، واستغنيت عن الأنواع الأخرى».
ويكمل بينما يزن أحد العاملين كيلو من الكعك السادة وآخر من البسكويت له: «اخترت الكعك السادة لأنه أرخص في السعر من نظيره المحشو بالملبن أو المكسرات، كنوع من الاقتصاد والترشيد في النفقات، وحتى لا أثقل بمصروفات إضافية، بعد أن عانينا كثيراً من ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان، وهو ما انعكس سلباً على ميزانية الأسر المصرية».
فيما يؤكد علي الصعيدي، مالك الفرن نفسه: «رغم هذا الغلاء، لكن عادة تناول كعك العيد تدفع بالناس إلينا، ولكنهم يكتفون بشراء كميات قليلة، فكثيرون من زبائني اكتفوا بشراء كيلو أو اثنين من كل صنف، على عكس تعودهم السابق في شراء أضعاف هذه الكمية، كذلك قلت الكميات المُرسلة من ربات البيوت لتسويتها لدينا هذا العام»، لافتاً إلى أنه نال قسطاً كبيراً من «اللوم» من زبائنه لارتفاع أسعار بضاعته، لكنه يبادرهم بالرد: «ما باليد حيلة».
أما منى حفني، الموظفة الحكومية، فقد اختارت أن تتجه إلى أحد منافذ الجمعيات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين، التي طُرحت بها كميات كبيرة من «كعك العيد» بتخفيضات تصل إلى 30 في المائة مقارنة بأسعار الأسواق لتلبية احتياجات المواطنين. وتقول: «أشتري كعك العيد من الجمعيات الاستهلاكية، لأول مرة، بسبب السعر المخفض الذي أعلنت عنه الحكومة، فالكيلو منها يُباع بسعر 75 جنيهاً، إلى جانب التأكيد على أنها بجودة عالية، وهو ما دفعني إلى تجريبها، وأتمنى أن تنال رضا أطفالي».
مصريون يواجهون غلاء أسعار كعك العيد بالترشيد
مصريون يواجهون غلاء أسعار كعك العيد بالترشيد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة