لبنان يتخطى مشكلة تأمين الكهرباء للانتخابات ويواجه انتقادات حول مراقبتها

يافطات انتخابية على جدران المباني في بيروت ( رويترز)
يافطات انتخابية على جدران المباني في بيروت ( رويترز)
TT

لبنان يتخطى مشكلة تأمين الكهرباء للانتخابات ويواجه انتقادات حول مراقبتها

يافطات انتخابية على جدران المباني في بيروت ( رويترز)
يافطات انتخابية على جدران المباني في بيروت ( رويترز)

تخطى لبنان معضلة تأمين الكهرباء لمراكز الاقتراع ولجان القيد في يوم إجراء الانتخابات، إذ أجرت وزارة الطاقة ترتيباً مع مؤسسة كهرباء لبنان لتأمين التغذية الكهربائية بأقصى وقت ممكن، فيما تعوض شبكة الكهرباء الموازية التقنين، وذلك على مدى 12 يوماً بدءاً من الأسبوع المقبل.
وتفاعلت الاستعدادات الحثيثة القانونية واللوجيستية لخوض عملية الاقتراع التي تبدأ الأسبوع المقبل في مراحلها الأولى، فيما دخلت «هيئة الإشراف على الانتخابات» في أول سجال مع منظمات مدنية لبنانية انخرطت في مواكبة العمليات الانتخابية، إذ أعربت الأخيرة عن قلقها من «التضييق على جمعيات المجتمع المدني وعلى حريتها في الوصول إلى المعلومات وتحليلها ونشرها».
وتُخاض الانتخابات على أربع مراحل، أولها يوم الجمعة المقبل حيث يقترع قسم من المغتربين، يليهم اقتراع القسم الآخر يوم الأحد المقبل، ثم اقتراع الموظفين، وأخيراً الانتخابات العامة في لبنان في 15 مايو (أيار).
وحددت «هيئة الإشراف على الانتخابات» مواقيت دخول لبنان في فترة الصمت الانتخابي، حيث يحظر على جميع وسائل الإعلام بث أي إعلان أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر باستثناء ما يصعب تفاديه من صوت وصورة لدى التغطية الإعلامية على نقل وقائع العملية الانتخابية.
ويسبق الصمت الانتخابي الانتخابات التي ستجري في الخارج بتاريخ 6 مايو المقبل، وانتخابات المغتربين المماثلة في 8 مايو، وانتخابات الموظفين الذين سيشاركون بالعملية الانتخابية في 12 مايو، والانتخابات العامة التي ستجري للمقيمين على الأراضي اللبنانية في 15 مايو.
ويتزامن ذلك مع تدابير لوجيستية، بينها إجراءات في وزارة الخارجية بهدف تسهيل استكمال المستندات المطلوبة لإصدار تصاريح مندوبي المرشحين واللوائح في البعثات اللبنانية في الخارج.
وتجاوز لبنان معضلة تأمين الكهرباء ليوم الاقتراع، حيث أعلن وزير الطاقة وليد فياض أن وزير الداخلية بسام مولوي ومؤسسة كهرباء لبنان متفقان على تغذية مراكز لجان القيد الـ26 الصغرى والكبرى بـ14 ساعة يومياً من 5 مايو إلى 16 مايو، فيما لن يتخطى التقنين في المراكز الـ26 الـ6 ساعات متتالية. وستتوفر باقي ساعات التغذية الكهربائية من مولدات شبكة الكهرباء الخاصة.
وفي ظل هذه الاستعدادات، تعمل جهات ومنظمات مدنية على إعداد تقارير بعد رصد لمخالفات وسياقات سير العملية الاقتراعية، وكان آخرها تقرير أصدرته «مهارات» و«مدنيات» مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أظهر 723 تعليقاً يتضمن عنفاً بحق 23 امرأة مرشحة للانتخابات، وذلك خلال شهري مارس (آذار) وفبراير (شباط) الماضيين، كما أظهرت تغطية تلفزيونية ضعيفة للمرأة في الانتخابات، حيث لم تتعد نسبة تغطية المرشحات 7 في المائة من أصل 93 في المائة للمرشحين خلال شهر فبراير.
غير أن هذه التقارير أثارت سجالاً بين مؤسسة «مهارات» و«هيئة الإشراف على الانتخابات» على خلفية اعتبار هيئة «الإشراف» أن المنظمة المدنية تشارك «في مواكبة الانتخابات والإشراف عليها بصورة غير قانونية»، وهو ما نفته المؤسسة التي قالت في ردود على الهيئة إنها «جمعية متخصصة بالرصد الإعلامي وإصدار دراسات وتقارير دورية»، وأضافت أنه «يأتي رصد التغطيات الإعلامية للحملات الانتخابية ضمن المواضيع التي تعمل عليها الجمعية منذ تأسيسها في 2006».
ورغم الإيضاحات في رسائل جوابية بين الهيئة والمؤسسة، نشرت الهيئة رسالة تفيد بأن مشاركة المنظمة المدنية «غير قانونية»، وأعربت «مهارات»، إزاء هذه المراسلات، عن «قلقها الشديد من التضييق الذي تمارسه هيئة الإشراف على الانتخابات وبالتفسير الضيق الذي تعتمده الهيئة للضغط على مؤسسة مهارات فيما لا تقوم الجمعية بالمراقبة بالمفهوم التي أوردته النصوص القانونية، إذ إن عملها مكتبي لا يقتضي الوجود على الأرض والاستحصال على التراخيص لدخول الإدارات العامة أو مراكز الاقتراع». وقالت إن عملها في زمن الانتخابات «يدخل في صلب مهمتها بمراقبة السياسات العامة والإصلاح واقتراح البدائل والدفع بتطوير السياسات لا سيما تنمية قطاع الإعلام ودوره في تعزيز التنوع والمحاسبة».
وانضم تحالف «الإصلاح الانتخابي» الذي يضم أربع منظمات مدنية، لدعم «مهارات»، حيث رأى أن عدم أخذ الهيئة بتوضيح «مهارات» «يشكل مؤشرا مقلقا على التضييق على جمعيات المجتمع المدني وعلى حريتها في الوصول إلى المعلومات وتحليلها ونشرها»، مشيراً إلى أنه «يمكن لأي فرد أو باحث أو جمعية أو حتى القطاع الخاص أن يراقب مجريات الانتخابات كل واحد ضمن اختصاصه ومن مكتبه وهذا حق مشروع في بلد ديمقراطي يكفل دستوره حرية التعبير وحرية تداول المعلومات وحرية عمل الجمعيات».
ورفض التحالف «هذا التضييق من قبل هيئة الإشراف على جمعية مهارات»، وطالب الهيئة «بالعودة عن تفسيرها الضيق للقانون ويدعم التحالف استمرار مهارات بعملها وبالتقارير التي تصدرها في إطار حقها المشروع في رفد النقاش العام حول تطبيق السياسات العامة وإصدار التوصيات بشأنها، لا سيما أن التفسير الضيق من شأنه أن يقيد عمل كافة الجمعيات أو الباحثين والأكاديميين الذين يحللون المعلومات والبيانات وينشرونها إذا ما تضمنت أي انتقاد للعملية الانتخابية أو لدور الهيئات والسلطات العامة».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.