في التصوير

ماكوجاتا شوموفسكا
ماكوجاتا شوموفسكا
TT

في التصوير

ماكوجاتا شوموفسكا
ماكوجاتا شوموفسكا

في غضون سنوات قليلة ارتفع شأن المخرجة البولندية ماكوجاتا شوموفسكا على نحو مطرد لتصبح واحدة من المخرجين الأوروبيين الذين يستطيعون الاشتراك في أي من المهرجانات العالمية الأولى. فيلمها قبل الأخير «الخروف الآخر» شهد عروضه الأولى، ما بين 2019 و2020 في مهرجانات تورونتو وسان سيباستيان ولندن وثيسولونيكي من بين أخرى.
فيلمها التالي «لن تثلج مرّة أخرى» (Never Gonna Snow Again) شهد عرضه الأول في مهرجان فينيسيا سنة 2020 ومنها انطلق صوب مهرجانات لندن والجونة وسواها.
ذلك الفيلم (الذي تناولناه على هذه الصفحة في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر (تشرين الأول) كان لافتاً للاهتمام بسبب غرابة حكايته. بطله أوكراني باسم زينيا (أليك أغوف)، الذي عبر الحدود إلى بولندا ليمارس مهنته في تدليك الأجساد المختلفة لمجموعة من سيدات المنازل اللواتي يرتحن لوجود غريب (من بلد آخر) في البيت يعالجهن من أسباب التعب ويمدهن، عبر التدليك، بالراحة الجسدية والعصبية. لكن تدليك زينيا ليس وقفاً على الأجساد وحدها بل هو قادر على الذهاب إلى ما بعد. يدخل في الذوات الخاصة بزبائنه ويبدو قادراً على معالجة علل في حياة كل منهم نفسية وعاطفية. حالياً تقوم شوموفسكا بعمليات ما بعد تصوير فيلم جديد أعطته عنواناً لافتاً أيضاً هو «عاصفة غير منتهية» Infinite Storm الذي قد يتوجّه كذلك إلى مهرجان فينيسيا أيضاً. الفيلم مأخوذ عن تحقيق قام به المؤلف تاي غاغنس حول قصّة حقيقية لامرأة اسمها بام بايلز أنقذت حياة رجل وجدته شبه عار فوق بعض جبال ولاية نيوهامبشاير الأميركية بمساعدته منفردة عبر الصقاع البعيدة وصولاً إلى حيث استطاعت أن تجد من يساعدها في نقله إلى المستشفى وكل ذلك وسط عاصفة ثلجية طويلة الأمد. مدير التصوير هو ميشال إنغلرت الذي عاونها كذلك في فيلمها السابق «لن تثلج مرّة أخرى». وفي حديث هاتفي مع المخرجة شوموفسكا بعد عودتها إلى بولندا، تقول إن إنغلرت وهي يتشاركان القرارات الفنية كلها ولكن: «أهم ما في هذا العمل بالنسبة لي هو قيام ناوومي ووتس بدور بايلز».
> لماذا؟
- «لأنه الدور الذي لبّته بكل ما لديها من بذل. أعتقد أنه أفضل أداء لها منذ سنوات عديدة. فيلمي هذا هو أفضل بسبب وجودها هي فيه». حول السبب الذي من أجله قررت تحويل تحقيق صحافي إلى فيلم سينمائي، تقول:
«أنا في عداد من يبحثون عن مواضيع غريبة في حكاياتها. لا يعنيني أن أتطرّق إلى قصص معهودة والقصّة هنا كان يمكن لها أن تنتمي إلى المعهود لولا أن الحادثة ذاتها عنت لي أشياء أخرى غير المغامرة المنهكة في رحلة خطيرة وصعبة. إنها عن قناعة امرأة ورغبة رجل في الحياة وسط العاصفة الفعلية التي غمرتهما». بالنسبة للسينمائية (49 سنة) أيضاً هو فيلم صراع بين الحياة والموت من دون أي قشور خارجية:
«حاولت منح الفيلم هذا الشعور حين تصبح الحياة هي الأولى من كل شيء آخر. البقاء على قيد الحياة يصبح الحاجة الأساسية للبشر وفي هذه الحكاية كانت هناك قرارات مهمّة من بينها أن تسعى بطلة الفيلم للنجاة وحدها، لكن هناك شخص لا تعرفه في هذه الحالة وقد يموت. في المقابل قد يموتان معاً إذا سارت الأمور على غير ما ترغب».
بدأت شوموفسكا الإخراج بفيلمين قصيرين سنة 1989 ثم حققت أول فيلم طويل لها سنة 2000 بعنوان «رجل سعيد». وبعد حفنة أخرى من الأفلام سجلت حضوراً فاعلاً عندما اشتركت في مسابقة مهرجان لوكارنو سنة 2008 بفيلم «33 مشهداً من حياة».
هذا الفيلم الذي شوهد هناك حينها دار ببراعة حول امرأة (البولندية يوليا ينتش) تتعرض لأزمات متوالية في غضون وقت قصير من اعتلال صحة أبيها إلى اختفاء زوجها وموت كلبها. لاحقاً ما أنجزت «جسد» حول فتاة تفكّر بالانتحار فيرسلها والدها المحامي إلى طبيبة نفسية. السجال بينهما حول الحياة علماً بأن حياة الطبيبة ذاتها لا تخلو من المصاعب والأزمات، يؤلّف موضوع الفيلم الذي شارك دورة 2015 من مهرجان برلين وفازت بطلته مايا أوستاشيفسكا بجائزة «الفيلم البولندي» كأفضل ممثلة.


مقالات ذات صلة

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز