(تقرير اخباري)
يخشى عدد كبير من الليبيين أن أزمة بلادهم، التي لا تزال تراوح مكانها، قد تدخل مجدداً مرحلة الاقتتال في حال فشل الجهود الدولية والإقليمية في إنهاء التنازع على السلطة، متسائلين عما تبقى في جعبة البعثة الأممية لتقديمه للبلد، الذي استُنزفت ثرواته في الصراعات السياسية منذ عقد ونيف.
وقبل أيام من انتهاء تفويض البعثة في ليبيا، تعمل ستيفاني ويليامز، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، على أصعدة مختلفة، وتقوم بجولات مكوكية عدة للبحث عن حل يمكّن من إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية، ويحول دون تفشي الفوضى السياسية في البلاد. لكن بعض المتابعين الليبيين يرون أن «تشتت المسارات السياسية؛ وتمسك كل فريق بما يراه مناسباً لأجندته، زادا من تعقيد الأزمة، وأبقيا عليها دون حل»، مشيرين إلى أن «الهوة تتسع بين جبهتي شرق ليبيا وغربها».
وتعاني ليبيا فوضى أمنية وسياسية ومخاوف أمنية منذ الإطاحة بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، لكن هذه الحالة تصاعدت مجدداً بسبب الصراع على السلطة بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا. ومقابل هذه التخوفات الليبية، تسابق ويليامز الزمن لإطلاع القوى الدولية على مستجدات الأوضاع المتوترة في ليبيا، والجهود التي بذلتها البعثة للتقريب بين الأفرقاء للتوافق على «مسار دستوري» لإجراء الانتخابات.
في هذا السياق، قالت ويليامز إنها التقت في لندن، مساء أول من أمس، اللورد أحمد، لورد منطقة ويمبلدون، وزير شؤون جنوب آسيا وشمال أفريقيا والأمم المتحدة والكومنولث في وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية، بالإضافة إلى عدد من كبار المسؤولين في المملكة المتحدة لإطلاعهم على الوضع الحالي في ليبيا، موضحة أن الاجتماعات سادها «اتفاق تام على دعم مسار انتخابي - دستوري قابل للتطبيق في ليبيا، ويسمح بإجراء انتخابات وطنية في أقرب وقت ممكن»، ومؤكدة أن جميع الحاضرين أكدوا مجدداً «ضرورة الحفاظ على الهدوء على الأرض، وتعزيز حقوق الإنسان والمساءلة وسيادة القانون».
ويأتي اجتماع ويليامز بمسؤولين بريطانيين، عقب لقاءات عدة أجرتها في عواصم مختلفة بهدف حلحلة الأزمة السياسية في ليبيا، وسبق لها القول إنها أطلعت وزيري الدولة بوزارة الخارجية الألمانية، توبياس ليندنر وأندرياس ميكايليس، على الوضع الحالي في ليبيا، بما في ذلك نتائج المشاورات الأخيرة التي عقدتها لجنة «المسار الدستوري» في مصر بين ممثلي مجلس النواب و«الأعلى للدولة».
ورعت البعثة محادثات سياسية بالقاهرة أجرتها اللجنة لمدة أسبوع، لكنها لم تثمر شيئاً ملموساً، وتم تأجيلها إلى ما بعد عيد الفطر، في حين يمضي الدبيبة بمسار آخر منفرداً، يعتمد على الترويج لمشروع الدستور، الذي سبق وأقرته لجنة مستقلة قبل خمسة أعوام.
ويرى سياسيون ليبيون أن البعثة الأممية، التي تواجه انتقادات من جل الأطراف في ليبيا، لن تستطع بمفردها حل المعضلة الليبية، وأكدوا تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على بلادهم، مستندين في ذلك إلى رؤية مجلس العلاقات الأميركية - الليبية، التي تؤكد أنه «بإمكان باريس وواشنطن وروما حسم الصراع في ليبيا، وتحقيق الاستقرار حال تشديد الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين».
وقال المرشح الرئاسي سفير ليبيا السابق في الأردن، محمد البرغثي، إن الأطراف الدولية «لن تأتي بمعجزة، وتصنع حلاً لقضيتنا»، متابعاً: «لقد تأكد لدينا أن الأجسام السياسية التي تراكمت طيلة السنوات الماضية هي المشكلة وليست الحل»، قبل أن يلفت إلى أن «السلاح هو الآخر غير قادر على صناعة الحل».
وطرح البرغثي، أمس، مجموعة من الأفكار، آملاً أن تشكل نواة «لمبادرة وطنية جامعة» يُمكن تطويرها وتبنيها، وذهب إلى أن الأمور في ليبيا اليوم «هي غاية في الصعوبة والخطورة، كما أن الوضع الدولي برمته على صفيح ساخن».
وتتضمن المبادرة المبدئية «تشكيل لجنة وطنية من 30 شخصية ليبية ليسوا أطرافاً في الصراعات القائمة»، مقسمين على أقاليم ليبيا الثلاثة، على أن يتم اختيار أحد قضاة المحكمة العليا منسقاً للجنة.
وقال إن مهمة اللجنة تتمثل في «وضع خارطة طريق للخلاص الوطني»، وتعمل على مناقشة كل الأمور المتعلقة بالشأن الليبي، وطرح التساؤلات كافة، كما تضع خارطة طريق «تستجيب لكل المخاوف والمحاذير والقضايا العالقة، وتُبنى على العدل وليس المُغالبة».
واقترح البرغثي أن يكون الاجتماع الأول للجنة في القرضابية، القريبة من سرت (450 كيلومتراً شرق طرابلس)، وذلك لرمزية المكان، و«من هناك تبدأ مسيرة استعادة الوطن وبناء الدولة».
وينتهي تفويض البعثة الأممية في ليبيا مع نهاية الشهر الجاري، وسط توقع أن تتجدد خلافات الأطراف الدولية حول تعيين مبعوث جديد خلفاً للسلوفاكي يان كوبيش، الذي سبق أن استقال نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
هل تنقذ جولات ويليامز المكوكية ليبيا من الفوضى السياسية؟
قبل أيام من انتهاء تفويض البعثة... وفي ظل تزايد اتساع الهوة بين جبهتي الشرق والغرب
هل تنقذ جولات ويليامز المكوكية ليبيا من الفوضى السياسية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة