فقدان النصاب يمنع انعقاد جلسة طرح الثقة بوزير الخارجية

«القوات»: بوحبيب محسوب على «التيار الوطني»

TT

فقدان النصاب يمنع انعقاد جلسة طرح الثقة بوزير الخارجية

حال عدم اكتمال النصاب دون انعقاد جلسة البرلمان اللبناني التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، للنظر بطلب طرح الثقة بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب من قبل نواب حزب «القوات اللبنانية»، وذلك على خلفية ما قالوا إنها مخالفات وارتكابات في انتخابات المغتربين وتوزيعهم على الأقلام. واستدعى هذا الأمر رداً تفصيلياً من بوحبيب واتهامات متبادلة بين رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل و«القوات».
ورفع بري الجلسة لعدم توفر النصاب المطلوب لعقدها، وأعلن بعد ذلك الأمين العام للمجلس النيابي، عدنان ضاهر، في بيان، أن «عدد النواب الحاضرين بلغ 53 نائباً، وبسبب عدم اكتمال النصاب ألغى الرئيس نبيه بري الجلسة».
وسأل رئيس «التيار»، النائب جبران باسيل: لماذا طرح الثقة بوزير الخارجية ما دام أن القرار صدر عن وزير الداخلية (في إشارة إلى توزيع المراكز وأقلام الاقتراع)؟ وأضاف: «يُريدون تحميل ما حصل في موضوع اقتراع المُغتربين لـ(التيار)، وما حصل في أستراليا هو أن هناك ماكينة حزبية سجّلت الناخبين بطريقة خاطئة»، مضيفاً: «ليدفعوا ثمن غبائهم، والغباء أضيف إلى أسلوبهم الميليشياوي»، في إشارة إلى اعتراض «القوات» على طريقة توزيع المغتربين في أستراليا.
في المقابل، جدّد «القوات»، على لسان النائب جورج عدوان، تحميل المسؤولية لباسيل انطلاقاً من أن بوحبيب محسوب عليه، وقال: «باسيل هو وزير الخارجية الفعلي، وهو عضو فاعل في المنظومة التي أوصلت لبنان إلى هنا، ويترك ودائعه في الوزارات، وخصوصاً باسكال دحروج التي تتولى تنظيم الانتخابات بدلاً من الوزير بوحبيب». أضاف: «سوف نرى تصويت غير المقيمين لمن سيصبّ، ولسنا الوحيدين الذين اعترضنا؛ فـ(حركة أمل) و(حزب الله) اعترضا على ألمانيا، وتمت تلبية طلبهما».
وفي رد منه على طلب طرح الثقة به، تحدّث الوزير بوحبيب في مؤتمر صحافي رافضاً التهم التي وُجّهت إليه. وقال إن «السياسة المطبقة في الوزارة تهدف إلى إبعادها والعاملين فيها، قدر الممكن، وبكل صدق وإخلاص عن التجاذبات السياسية الانتخابية، وحصر دورها بعمل تنظيمي تقني»، مؤكداً العمل على تسهيل حركة الاقتراع بدل تعقيدها.
وأوضح أن الخارجية اعتمدت منهجية عملية واضحة ليتمكن كل المغتربين من الإدلاء بأصواتهم بحسب التوزيع الجغرافي للناخبين ضمن المدينة الواحدة، على أساس الرمز البريدي أو عنوان السكن، وقامت وزارة الداخلية بتوزيع أسماء الناخبين على الأقلام العائدة لكل مركز من هذه المراكز الانتخابية وفقاً للدوائر الانتخابية الصغرى، مشيراً إلى أن «اختيار المراكز يعتمد على قيود الدول المضيفة، ومنها حالة (كورونا) في البلد، والاعتبارات الأمنية والمادية، وتحديداً توفر المراكز مجاناً، والتوزيع الجغرافي الذي يسهل على الناخب عملية الاقتراع لقرب المركز من عنوان سكنه الذي دون عند التسجيل»، مؤكداً أنه «لم يكن هناك إمكانية قانونية لتحديد مراكز الاقتراع مسبقاً، والسماح للناخب، عند التسجيل، باختيار المركز الذي يريد الاقتراع فيه، لأنه لا يمكن التكهن بعدد المسجلين مسبقاً واستيفاء شرط الـ200 ناخب لفتح مركز اقتراع قبل انتهاء مهلة التسجيل».
وقال: «بالنسبة للمسافات بين مراكز الاقتراع في سيدني، فإن المسافة القصوى بين أبعد مركزين للاقتراع في مدينة سيدني لا تزيد على 35 دقيقة بالسيارة»، وشدد على أن «إيداع المعلومات الصحيحة لدى التسجيل يقع على مسؤولية الناخب. وبالتالي، فإن وزارة الخارجية والمغتربين لا تتحمل مسؤولية أخطاء الأفراد والماكينات الانتخابية. كما أنه لا يمكن أن تقوم الوزارة بتعديل مراكز اقتراع الناخبين من مكان إلى آخر، بناء على طلب أي جهة كانت. وكذلك، لا يمكن للوزارة أن تلبي رغبات جميع الأطراف التي قد تتضارب مصالحها الانتخابية؛ فهذا أمر يعرض نتائج الانتخابات للطعن».
وتحدث بوحبيب عن الموضوع الثاني الذي بُني عليه طرح الثقة، وهو «عدم تسليم قوائم الناخبين لأصحاب العلاقة، مما يمنعهم من معرفة عدد المندوبين لكل مركز من مراكز الاقتراع»، وأوضح أن «تحديد أقلام الاقتراع يصدر بموجب قرار عن وزارة الداخلية والبلديات بالتنسيق مع وزارة الخارجية، كما يعود إلى وزارة الداخلية صلاحية نشر لوائح الشطب والقوائم الانتخابية، وستعلن عنها قريباً بواسطة رابط إلكتروني، لكي يتمكن كل ناخب من معرفة مكان اقتراعه وكيفية توزيعه على قلم الاقتراع».
وعن طريقة اعتماد مندوبي المرشحين في أقلام الاقتراع الاغترابية، أوضح بوحبيب أن «الوزارة اعتمدت آلية مبسطة مقارنة بانتخابات 2018 لتحديد شروط إعطاء تصاريح المندوبين، وذلك عبر إمكانية أن يكون المندوب مسجلاً في القوائم الانتحابية في لبنان أو في الخارج».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.