«راجعين يا هوى»... رؤية درامية متجددة للصراعات الأسرية

قصة المسلسل المصري مأخوذة من عمل إذاعي لأسامة أنور عكاشة

لقطة من المسلسل
لقطة من المسلسل
TT

«راجعين يا هوى»... رؤية درامية متجددة للصراعات الأسرية

لقطة من المسلسل
لقطة من المسلسل

استحوذ مسلسل «راجعين يا هوى» على اهتمام جمهور المشاهدين في مصر، حيث يعيد اسم الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، ليخوض السباق الرمضاني مجدداً بعد مرور 12 عاماً على رحيله، وهو من بطولة خالد النبوي، ونور، وهنا شيحة، ووفاء عامر، وأنوشكا، وطارق عبد العزيز.
المسلسل ليس من أعمال الكاتب الراحل التي لم ترَ النور، بل مأخوذ عن عمل كتبه خصيصاً للإذاعة بثته محطة «نجوم إف إم» عام 2003. من بطولة يحيى الفخراني ومعالي زايد، وأعيد تقديم العمل الإذاعي في شكل مرئي برؤية درامية للكاتب محمد سليمان عبد المالك، وإخراج محمد سلامة.
شخصيات المسلسل التي تقدم في إطار البطولة الجماعية، تتقاطع مع بعض أعمال عكاشة السابقة، وتدور الأحداث في إطار اجتماعي «لايت كوميدي» من خلال شخصية «بليغ أبو الهنا»، الذي يجسده خالد النبوي، الذي يعيش حياته كيفما يحلو له، فنجده مع بداية الحلقات في أوروبا، ينخرط بعلاقات متعددة، وتتراكم عليه الديون التي يطارده لأجلها أبو عدنان (الممثل الأردني منذر رياحنة)، ويأخذ صديقته رهينة، ليقرر بليغ العودة إلى مصر، للحصول على ميراثه ليقدمه وفاءً لديونه، يطالب به أرملتي شقيقيه المتوفيين «أمين» و«فطين»، وهما «يسرية» (وفاء عامر) و«شريفة» (أنوشكا)، اللتان تحملان عداوة لبعضهما وتقيمان جداراً عازلاً بينهما داخل قصرهما، لتمتد حالة العداء إلى الأبناء، وفيما تبدو الأولى امرأة شعبية، تتسم الأخرى بقدر من الأرستقراطية، مما يفجر مواقف ضاحكة بينهما.


النبوي ولطفي لبيب في كواليس «راجعين يا هوى»

يتماهى خالد النبوي مع شخصية «بليغ أبو الهنا»، الرجل الوسيم، الذي يتمتع بكاريزما خاصة، وتقع في حبه امرأتان الأولى «فريدة»، تجسد شخصيتها هنا شيحة وهي الحب القديم الذي تركه قبل السفر، والثانية د. ماجي (تؤديها اللبنانية نور) الطبيبة النفسية التي يلتقيها في الطائرة وتستعين به لإنقاذها من عريس يصر والدها على زواجها به، وتقدم «بليغ» لأسرتها بصفته خطيبها، لينسج التقارب بينهما خيوط قصة حب.
يجمع العمل لأول مرة بين خالد النبوي، وابنه نور الذي يؤدي شخصية «طارق أبو الهنا» نجل شقيقه الذي يتعلق به مع عودته لمصر، مما يثير رفض والدته (وفاء عامر) فتعرض على «بليغ» مبلغ 5 ملايين جنيه في مقابل الابتعاد عن ابنها، مثلما تتعلق به «ولاء أبو الهنا» التي تقدمها سلمى أبو ضيف، ابنة شقيقه الآخر، وتتصاعد الأحداث مع رفض أسرتي شقيقيه منحه ميراثه، مضطراً لمواجهة حالة العداء التي سيطرت على أسرة شقيقيه في البداية، ويعيد إليهم الوئام قبل أن يفكر في ميراثه.


إحدى لقطات المسلسل الرمضاني

المؤلف محمد سليمان عبد المالك الذي كتب الرؤية الدرامية للمسلسل، عدّ هذا العمل نوعاً من رد الجميل للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، مؤكداً في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أنه أقدم على هذه التجربة لشغفه بأعمال عكاشة، قائلاً: «هذا الشغف بدأ قبل احترافي الكتابة، فقد شاهدت أعماله كلها وقرأت رواياته، ومقالاته الصحافية، وأعتبر نفسي من المحبين والمعجبين بكتاباته، فقد أثر في أجيال كاملة من مؤلفي الدراما، وكنت قد استمعت لهذا المسلسل الإذاعي وظل في ذاكرتي، وحينما فكرت في تقديم عمل مختلف هذا العام تلاقت رغبتي مع رغبة المنتج تامر مرتضى في تقديم نص لأسامة أنور عكاشة، فأيقظ حلمي القديم، وتذكرت هذا المسلسل، وأعدت الاستماع له كاملاً، ووفرت لي الإذاعية نسرين ابنة الكاتب الكبير الحلقات مكتوبة بخط يده».


الممثل خالد النبوي

وعن كيفية تعامله مع النص الإذاعي وحجم إضافاته، يشير عبد المالك صاحب «ممالك النار»، و«باب الخلق»، و«خيط حرير»، قائلاً: «تعاملت مع النص الإذاعي كقصة لها بداية، ووسط، ونهاية، إن كل وسيط يفرض تقنياته، العمل الإذاعي عموماً يعتمد على شخصيات بسيطة، وصراعات درامية محدودة، وقد عملت على تطوير الشخصيات لتبدو في النهاية من روح شخصيات المؤلف الراحل، فقد رأى البعض في بليغ تلامساً مع شخصية (حسن أرابيسك) التي جسدها الفنان صلاح السعدني، ورأى في وفاء عامر روح شخصية (فضة المعداوي) في مسلسل (الرايا البيضا)، وفي شخصية أنوشكا بعض من ملامح (نازك السلحدار) في (ليالي الحلمية)».، وأضاف: «منذ البداية كنت حريصاً على الحفاظ على روح أسامة أنور عكاشة، وكان لدي إحساس بالمسؤولية لاسمه، ليس أنا فقط، بل كل فريق العمل والفنان خالد النبوي، الذي يقدم شخصية غير معتادة، وقد أداها بإجادة، ولاقت تجاوباً كبيراً من المتابعين، وأسعدني أن جمهوراً من الشباب يتابع المسلسل وهو جيل لم يعاصر أعمال أسامة، كما تتابعه الأجيال التي تربت على أعماله، ولديها حنين كبير لما قدمه من أعمال ستبقى خالدة في وجدان المشاهدين».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».