«داعش» على بعد كيلومتر من تدمرالأثرية.. وعشرات القتلى والجرحى بقصف إدلب وحلب

138 قتيلاً في صفوف التنظيم وقوات النظام.. وحالات اختناق بغاز الكلور في جسر الشغور

«داعش» على بعد كيلومتر من تدمرالأثرية.. وعشرات القتلى والجرحى بقصف إدلب وحلب
TT

«داعش» على بعد كيلومتر من تدمرالأثرية.. وعشرات القتلى والجرحى بقصف إدلب وحلب

«داعش» على بعد كيلومتر من تدمرالأثرية.. وعشرات القتلى والجرحى بقصف إدلب وحلب

بات تنظيم داعش المتطرف على بعد كيلومتر واحد من مدينة تدمر، في ريف حمص بوسط سوريا، بينما استمرت المعارك العنيفة بين مقاتليه وقوات النظام التي أرسلت تعزيزات إضافية إلى المدينة الأثرية المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، وفق مصدر تابع للنظام و«المرصد السوري لحقوق الإنسان». وفي غضون ذلك، قتل وجرح عشرات المدنيين في قصفٍ للطيران الحربي التابع للجيش السوري النظامي على مدينة منبج، شمال شرقي مدينة حلب، الخاضعة لسيطرة «داعش» وسجّل حالات اختناق في قرية مشمشان بريف جسر الشغور في محافظة إدلب، جراء إلقاء هليكوبترات النظام العسكرية برميلاً متفجرًا يحوي غاز الكلور، وفق ما ذكر «مكتب أخبار سوريا».
رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أبلغ وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) بأن مقاتلي «داعش» على بعد كيلومتر واحد من الموقع الأثري في مدينة تدمر. ويشتهر الموقع الأثري الضخم القائم في جنوب مدينة تدمر بأعمدته الرومانية ومعابده ومدافنه الملكية، ويضم آثارًا قديمة بهندسة تمزج بين الحضارتين الرومانية واليونانية مع تأثير فارسي. وبالتالي، شقت تدمر طريقها إلى قائمة المدن المدرجة على لائحة تراث اليونيسكو. وأوضح عبد الرحمن أن «النظام أرسل تعزيزات عسكرية إلى تدمر بينما يقصف الطيران الحربي النظامي محيط المدينة، مضيفا أن الاشتباكات بين قوات النظام ومقاتلي «داعش» تدور في شمال وشرق وجنوب المدينة. ولقد ارتفعت حصيلة القتلى في المعارك المستمرة في المنطقة منذ ليل الثلاثاء الأربعاء إلى 138، بينهم 73 من قوات النظام والمسلحين الموالين و65 من مقاتلي التنظيم. كذلك، أعلن «المرصد» الخميس أن التنظيم «أعدم 26 مدنيًا» قرب تدمر، وأقدم عناصره على قطع رؤوس عشرة منهم بعد اتهامهم بالعمالة والتعاون مع النظام.
وفي المقابل، أكد محافظ حمص طلال البرازي لـ«أ.ف.ب»، أن الوضع في تدمر «تحت السيطرة»، مضيفا أن «تعزيزات (برية) في طريقها إلى المدينة وسلاح الجو والمدفعية يتعاملان مع أي عملية». ويوجد في مدينة تدمر اليوم وفق البرازي، أكثر من 35 ألف نسمة، بينهم نحو تسعة آلاف نزحوا إلى المدينة منذ بدء النزاع السوري قبل أربع سنوات. كذلك نزح المئات إلى المدينة من بلدة السخنة المجاورة بعد سيطرة التنظيم المتطرف عليها الأربعاء. وتقع البلدة على طريق سريع يربط محافظة دير الزور (شرق سوريا)، أحد معاقل التنظيم، بمدينة تدمر، وتمكن التنظيم أيضا من السيطرة في اليومين الأخيرين على كل النقاط العسكرية الواقعة على الطريق الذي يربط البلدة بتدمر. وبحسب «المرصد» يقطن أكثر من مائة ألف سوري بينهم نازحون في مدينة تدمر والبلدات المجاورة.
في موازاة ذلك، واصل النظام قصفه مناطق سوريا عدّة، فلقي عشرات المدنيين حتفهم، يوم أمس، جرّاء قصفٍ جوي شنّه الطيران الحربي على مدينة منبج، الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي.
وأشار المكتب إلى أن أكثر من 30 مدنيًا قتلوا وجرح العشرات جراء استهداف مصفاة يدوية لتكرير النفط وصهريج للمازوت في حي الحزاونة ومحيط فرن منبج الآلي بالمدينة، لافتًا إلى أنّ فرق الإنقاذ تحاول انتشال المصابين من تحت الأنقاض. ورجحت مصادر ميدانية تزايد عدد القتلى بسبب حالة بعض المصابين «الخطرة» ومعظمهم أطفال، في حين فرض التنظيم حظرًا للتجوال في محيط المنطقة التي استهدفها القصف. وأكد مصدر طبي فين منبج، لمكتب أخبار سوريا أنّ مستشفيات منبج «غصّت بالجرحى» بحيث تم تحويل عدد من المصابين إلى مستشفيات مدينة الباب، الخاضعة لسيطرة التنظيم أيضًا.
وفي مدينة عين العرب (كوباني)، أيضا في ريف حلب الشمالي الشرقي، أفرجت قوات الشرطة الكردية «الأسايش» عن 30 مدنيًا من أصل مائة كانت قد اعتقلتهم من القرى العربية الواقعة على ضفة نهر الفرات جنوبي المدينة، بعد مضي ما يقارب الشهر على سجنهم بتهمة مساعدة تنظيم داعش في تسلّله إلى تلك القرى.
وفي محافظة إدلب، استهدف الطيران الحربي التابع للنظام السوري، أمس، بعدة غارات، قرى منطقة جبل الزاوية الخاضع لسيطرة المعارضة، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بصفوف المدنيين. كما استهدف الطيران المروحي قريتي بليون وكنصفرة بثلاثة براميل متفجرة، أسفرت عن سقوط ثلاثة مدنيين وإصابة ثمانية آخرين بجروح، وأدى القصف لأضرار بالغة ببعض منازل وممتلكات السكان، بحسب «مكتب أخبار سوريا».
أيضا أشار المكتب إلى أن الطيران المروحي استهدف صباحًا قريتي مشمشان وعين السودة في ريف جسر الشغور الشمالي، الخاضعتين لسيطرة المعارضة بريف محافظة إدلب الغربي، ببراميل متفجرة تحوي غاز الكلور السام، مما أدى لإصابة 22 مدنيًا على الأقل بحالات اختناق، معظمهم من الأطفال، بالإضافة إلى سقوط عشرات الجرحى جراء الانفجار الناجم عن البراميل.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.