موسكو تحذّر من سيناريو «تفكيك» أوكرانيا... وغوتيريش يريد «إنقاذ» سكان ماريوبول

دعت إلى تقليص هيمنة الغرب على الأمم المتحدة... وقالت إن العالم أمام «لحظة الحقيقة»

قال لافروف، خلال اجتماعه أمس مع غوتيريش، إن الوضع حول أوكرانيا أصبح حافزاً لكثير من المشكلات التي تراكمت في المنطقة الأوروبية – الأطلسية (أ.ب)
قال لافروف، خلال اجتماعه أمس مع غوتيريش، إن الوضع حول أوكرانيا أصبح حافزاً لكثير من المشكلات التي تراكمت في المنطقة الأوروبية – الأطلسية (أ.ب)
TT

موسكو تحذّر من سيناريو «تفكيك» أوكرانيا... وغوتيريش يريد «إنقاذ» سكان ماريوبول

قال لافروف، خلال اجتماعه أمس مع غوتيريش، إن الوضع حول أوكرانيا أصبح حافزاً لكثير من المشكلات التي تراكمت في المنطقة الأوروبية – الأطلسية (أ.ب)
قال لافروف، خلال اجتماعه أمس مع غوتيريش، إن الوضع حول أوكرانيا أصبح حافزاً لكثير من المشكلات التي تراكمت في المنطقة الأوروبية – الأطلسية (أ.ب)

برزت أمس إشارات روسية لافتة إلى احتمال انهيار أوكرانيا كدولة وتفكيكها إلى دويلات عدة، تزامنت مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى العاصمة الروسية، التي استخدمتها موسكو لشنّ هجوم عنيف على الغرب، واتهمته بالهيمنة على القرار الدولي. وفي أول تصريح من نوعه لمسؤول روسي بارز، قال نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن الروسي، في مقابلة مع صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الرسمية، إن «سياسة الغرب ونظام كييف الخاضع لسيطرته لا يمكن أن يؤديا إلا إلى انهيار أوكرانيا». وزاد أن الولايات المتحدة، في محاولة للضغط على روسيا، قررت إنشاء «عدو لبلدنا»، واختارت أوكرانيا للعب هذا الدور. وقال باتروشيف إن الغرب «عمل منذ وقت طويل قبل انقلاب 2014 على غرس الكراهية تجاه روسيا لدى الأوكرانيين»، مشيراً إلى أن هذا أسفر عن «تقطيع أوصال العنصر الذي كان يوحد الشعوب التي تعيش في أوكرانيا». موضحاً أن «هذا التطور الذي عمل الغرب على تعزيزه تضافر مع الخوف من فظائع الكتائب القومية. ولا يمكن أن تكون نتيجته إلا تفكيك أوكرانيا إلى عدة دويلات». وكان سيناريو تقسيم أوكرانيا إلى شطرين، أحدهما في الشرق موالٍ لروسيا، والآخر في الشطر الغربي في البلاد، ويقع تحت سيطرة الغرب، تردد كثيراً لدى أوساط الخبراء الروس ومعلقين عسكريين، لكن لم تصدر عن المستوى الرسمي الروسي سابقاً إشارات إلى احتمال تفكك أوكرانيا إلى كيانات. وقال باتروشيف، في المقابلة، إن «هدف روسيا هو هزيمة موطئ قدم النازية الجديدة الذي أوجدته جهود الغرب على حدودنا. وترجع الحاجة إلى نزع السلاح إلى حقيقة أن أوكرانيا، المشبعة بالأسلحة، تشكل تهديداً لروسيا، بما في ذلك من وجهة حول تطوير واستخدام أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية». في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال اجتماعه أمس مع غوتيريش، إن الوضع حول أوكرانيا أصبح حافزاً لكثير من المشكلات التي تراكمت في المنطقة الأوروبية - الأطلسية. وأضاف مخاطباً الأمين العام: «لقد استجبنا على الفور لمبادرتكم لإجراء اتصالات في موسكو بشأن كثير من القضايا المهمة، بما في ذلك بالطبع الوضع حول أوكرانيا، الذي حفز كثيراً من المشكلات التي تراكمت على مدى العقود الماضية في المنطقة الأوروبية - الأطلسية». وزاد أن روسيا «تقدر رغبتكم في هذه الأوقات الصعبة في أن تبدأوا بجدية في التفكير في كيفية تطبيق مبدأ التعددية، الذي عارضه الغرب بصراحة في السنوات الأخيرة، وللأسف، فهو ركز على إقامة عالم أحادي القطب». وشدد لافروف على أن «التعددية الحقيقية يجب أن تقوم على أساس ميثاق الأمم المتحدة، الذي يكرس مبدأ المساواة في السيادة بين الدول». وقال لافروف: «بالطبع، نناقش اليوم جميع القضايا التي تبدو مهمة بالنسبة إليكم. وسوف تلتقون بعد ذلك مع الرئيس الروسي، ما يؤكد مرة أخرى على الأهمية التي نوليها للحوار مع زملائنا في الأمم المتحدة». وفي أعقاب اللقاء مباشرة، قال لافروف إن العالم «يمر الآن بلحظة الحقيقة التي ستحدد ما إذا كانت البشرية تعيش على أساس ميثاق الأمم المتحدة أو تستسلم لإملاءات أحد الأطراف». ولفت إلى أنه ناقش مع غوتيريش محاولات إنشاء شراكات وتحالفات بديلة عن الهيئات الدولية المختصة لمناقشة القضايا الرئيسية للسياسة الدولية خارج إطار الصيغ العالمية تحت رعاية الأمم المتحدة وبشكل يتعارض مع ميثاق المنظمة الدولية. وزاد: «لقد تحدثنا عن مصير هيئة الأمم المتحدة كلها، وعن تلك المحاولات من قبل زملائنا الغربيين، لنقل مناقشة القضايا الرئيسية إلى ما وراء إطار الأشكال العالمية تحت رعاية الأمم المتحدة ومنظومتها». ووفقاً للافروف، فإن مبادرة فرنسا وألمانيا لإنشاء تحالف متعدد الأطراف تعد مثالاً واضحاً لهذا التوجه لدى البلدان الغربية. وتساءل الوزير: «كيف يمكن لنا أن نسمي هذا إذا لم يكن تنافساً مع دور الأمم المتحدة؟ وعلى نفس الشاكلة مبادرة الولايات المتحدة الأميركية، التي تقدمت بها العام الماضي، لعقد قمة للديمقراطيات؛ حيث وجّهوا دعوات من تلقاء أنفسهم، من دون استشارة أي طرف، وتلك المبادرة ليست سوى محاولة لشطب القواعد الأساسية لميثاق المنظمة الدولية، والمبادئ الأساسية التي تستند إليها، وعلى رأسها المساواة في السيادة بين الدول». ونوّه لافروف إلى أنه في سياق الإصلاح المطلوب، يتعين على مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة «التخلص من العيب الرئيسي، وهو هيمنة الدول الغربية». في الشأن الأوكراني، رفض لافروف اقتراح كييف إجراء محادثات سلام في ماريوبول.
وقال إنه «من السابق لأوانه الحديث عن الجهة التي ستتوسط في أي مفاوضات». وزاد في الوقت ذاته أن روسيا «ملتزمة بالوصول إلى حل دبلوماسي بشأن أوكرانيا عبر المحادثات».
في المقابل، بدا اهتمام الأمين العام للأمم المتحدة منصباً بشكل أكبر خلال اللقاء على الوضع حول أوكرانيا، وخصوصاً منطقة ماريوبول. وقال للافروف إن الأمم المتحدة «مستعدة لاستخدام موارد المنظمة بالكامل لإنقاذ الأرواح وإجلاء الناس من مدينة ماريوبول المحاصرة». وزاد: «آلاف المدنيين في أمسّ الحاجة لمساعدات إنسانية تنقذ حياتهم، وكثير منهم غادروا مناطقهم». واقترح التنسيق مع «الصليب الأحمر» للسماح لمن يتحصنون داخل مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول بالمغادرة. وفي تعليقه على تقارير حول جرائم حرب محتملة في أوكرانيا، قال غوتيريش: «إنني قلق بشأن التقارير المتكررة عن جرائم حرب محتملة»، مضيفاً أنها «تتطلب تحقيقاً مستقلاً».
في غضون ذلك، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقش في محادثة مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان الوضع في أوكرانيا، ولا سيما ماريوبول. وجاء في بيان الرئاسة الروسية أنه «فيما يتعلق بالمسألة التي أثارها رجب طيب إردوغان بشأن الوضع في ماريوبول، أشار الرئيس الروسي إلى أن هذه المدينة قد تم تحريرها، ولا توجد عمليات عسكرية هناك». وقال بوتين خلال المحادثة إن «سلطات كييف يجب أن تعطي الأمر للجيش الأوكراني في آزوفستال بإلقاء السلاح، وسوف نضمن لهم الرعاية الطبية والعلاج وفقاً للمعايير القانونية الدولية». وأضاف بيان الكرملين أن الزعيمين ناقشا «جهود روسيا لضمان سلامة المدنيين، بما في ذلك تنظيم ممرات إنسانية، واتفقا على مواصلة التنسيق بين إدارات الدفاع في البلدين لخروج السفن التركية من موانئ البحر الأسود».
على صعيد آخر، وصف إيغور مورغولوف، نائب وزير الخارجية الروسي عملية إعادة توجيه استراتيجية موسكو الخارجية نحو الشرق بأنها «مسار موضوعي»، وقال إن موسكو سوف تعزز تعاونها مع الدول التي لم تنضم إلى العقوبات. وقال المسؤول، في مقابلة مع وكالة أنباء نوفوستي الحكومية: «إن إعادة توجيه استراتيجيتنا الاقتصادية الخارجية نحو الشرق لم تبدأ اليوم. هذه العملية موضوعية بطبيعتها، وتعزى أولاً قبل كل شيء إلى تحول منطقة آسيا والمحيط الهادي إلى قاطرة للتنمية الاقتصادية العالمية»، لافتاً في هذا السياق إلى أن «حصة دول آسيا والمحيط الهادي في التجارة الخارجية لروسيا تضاعفت منذ عام 2010 بأكثر من 3 أضعاف، بحلول عام 2022، تجاوزت 30 في المائة». وأشار مورغولوف أن ذلك «يضع أساساً متيناً لمزيد من بناء التعاون مع الشركاء الآسيويين الذين لا ينضمون إلى العقوبات المناهضة لروسيا. ليس فقط الصين، ولكن أيضاً عملاق اقتصادي مثل الهند، واللاعبون الاقتصاديون الإقليميون الكبار، إيران وباكستان وبنغلاديش وسريلانكا وفيتنام وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند ودول أخرى في جنوب شرقي آسيا».


مقالات ذات صلة

ستارمر: على أوروبا تحمّل «العبء الأكبر» في أوكرانيا وتحتاج لـ«دعم» أميركي

أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مؤتمر صحافي عقب اجتماع قادة أوروبيين بلندن (أ.ف.ب)

ستارمر: على أوروبا تحمّل «العبء الأكبر» في أوكرانيا وتحتاج لـ«دعم» أميركي

عَدَّ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن على «أوروبا تحمُّل العبء الأكبر» لضمان السلام في أوكرانيا، لكنه أشار إلى الحاجة للدعم الأميركي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا جانب من اجتماع رئيس الوزراء البريطاني مع قادة دول أوروبية وكندا والأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» في لندن الأحد (د.ب.أ)

اجتماع لحلفاء كييف لـ«رد الاعتبار» بعد مشادة المكتب البيضاوي

أكد رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الأحد، أن أوروبا تمر بـ«لحظة لا تتكرر إلا مرة في كل جيل بالنسبة إلى أمنها»، وذلك في مستهل اجتماع لنحو 15 حليفاً لكييف،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)

روسيا تشيد بمواقف ترمب وتَحمِل على أوروبا

أشاد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الأحد، بهدف الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، «المنطقي» لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنه حَمَل على القوى الأوروبية التي…

«الشرق الأوسط» (موسكو)
مايك والتز مستشار الأمن القومي الأميركي خلال كلمته في مؤتمر «العمل السياسي المحافظ» (إ.ب.أ) play-circle

مستشار الأمن القومي الأميركي: اجتماع ترمب وزيلينسكي «لم يكن كميناً»

قال مايك والتز، مستشار الأمن القومي الأميركي، اليوم الأحد، إن واشنطن تسعى لنهاية دائمة لحرب أوكرانيا، مع ضمانات أمنية تقودها أوروبا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال لقائها مع نظيرها البريطاني كير ستارمر (أ.ف.ب) play-circle

ميلوني: من المهم للغاية تجنب خطر انقسام الغرب

قالت رئيسة الوزراء الإيطالية، الأحد، إنه «من المهم للغاية تجنب خطر انقسام» الغرب، لدى وصولها إلى داونينغ ستريت لإجراء محادثات مع نظيرها البريطاني.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

TT

ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)
اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيرَيْه الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»، عقب المشادة الكلامية في البيت الأبيض التي أثارت مخاوف من انسحاب الولايات المتحدة من الملف الأوكراني وحدوث قطيعة مع حلفائها الأوروبيين.

وقال الرئيس الفرنسي لصحيفة «لا تريبون ديمانش» الأسبوعية، وعدة صحف أخرى تصدر الأحد: «أرى أنه بغض النظر عن الغضب، فإن الجميع بحاجة إلى العودة للهدوء والاحترام والتقدير، حتى نتمكّن من المضي قدماً بشكل ملموس؛ لأن ما هو على المحك مهم للغاية».

وذكر قصر الإليزيه أن ماكرون تحدّث منذ مساء الجمعة مع الرئيسَيْن الأوكراني والأميركي، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحذّر ماكرون من أنه إذا لم يتمّ إيقاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإنه «سيذهب بالتأكيد إلى مولدافيا، وربما أبعد من ذلك إلى رومانيا».

وقال ماكرون إن انسحاباً محتملاً للولايات المتحدة من الملف الأوكراني «ليس في مصلحة» واشنطن؛ لأن «ما تفعله الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات يتوافق تماماً مع تقاليدها الدبلوماسية والعسكرية».

وأضاف أنه إذا وافقت واشنطن على «توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار من دون أي ضمانات أمنية لأوكرانيا» فإن «قدرتها على الردع الجيواستراتيجي في مواجهة روسيا والصين وغيرهما سيتلاشى في اليوم نفسه».