تساؤلات بشأن تأثير المقاطع القصيرة على «صُناع المحتوى»

تساؤلات بشأن تأثير المقاطع القصيرة على «صُناع المحتوى»
TT

تساؤلات بشأن تأثير المقاطع القصيرة على «صُناع المحتوى»

تساؤلات بشأن تأثير المقاطع القصيرة على «صُناع المحتوى»

أثيرت تساؤلات عدة بشأن مساهمة المقاطع المختصرة «الريلز» في تعزيز صناعة المحتوى، بعدما فتحت ميزة «الريلز» على «فيسبوك» و«إنستغرام» نافذة جديدة للمؤسسات الإعلامية لجذب مزيد من الجمهور. ويرى مراقبون أن «تقديم محتوى إخباري من خلال فيديو مدته قصيرة يعد تحدياً، ليس فقط على مستوى عمق الخبر؛ بل أيضاً لجهة السرعة والجودة والدقة، وجميعها تحديات يستوجب تذليلها أولاً».
الاتجاه للمقاطع المختصرة دفع خبراء في الإعلام ومتخصصين إلى «تأكيد أن (الريلز) أو المقاطع المصورة المختصرة، هي المستقبل، وأن الفيديو القصير هو الأكثر جذباً؛ لأنه لا يقتصر على تقديم معلومة فحسب؛ بل يوصلها للمتلقي في قالب مألوف له». وأشار بعضهم إلى أنه قد تكون «ميزة (الريلز) وسيلة مفيدة لـ(صُناع المحتوى) أفراداً كانوا أو مؤسسات»؛ لكنهم ربطوا ذلك بـ«ضرورة توفر المعلومة بشكل مُكثف ودقيق».
وأطلقت «ميتا» ميزة المقاطع القصيرة «الريلز» على تطبيق «فيسبوك» نهاية فبراير (شباط) الماضي، وتمت إتاحة الميزة من خلال التطبيقات على «iOS» و«Android». وسبق أن حصلت «إنستغرام» على هذه الميزة في أغسطس (آب) عام 2020.
ووفق شركة «ميتا» يتمكن مستخدمو «فيسبوك ريلز» من «(إعادة مزج) مقاطع فيديو الآخرين، ورفع مقاطع تصل مدتها إلى 60 ثانية. وتماماً كما هو الحال مع (إنستغرام ريلز) سوف يتمكنون أيضاً من حفظ المسودات».
«ميتا» أشارت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى أن «ميزة (الريلز) لا تقتصر على الأفراد، بينما هي فرصة جديدة أمام غرف الأخبار لتقديم خبر مختصر ودقيق يُناسب جيل الألفية الذي يشكل القاعدة الأكبر من الجمهور المستخدم للإعلام الرقمي». وأضافت: «بالفعل ثمة مؤسسات إخبارية كبرى انطلقت نحو استخدام هذه الميزة، وساهم في ذلك مشروع (فيسبوك الصحافي) بالتعاون مع (معهد رينولدز للصحافة)».
فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي، المحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، قال إن «(الريلز) أو المقطع المصور المختصر، هو القادم لا محالة؛ لأننا نلبي احتياجات جيل (زي) أو جيل الألفية الذي شبّ على المحتوى الرقمي المختصر والمُكثف. هذا النمط هو الذي دفع بتطبيق (تيك توك) إلى الصدارة، ثم اتجاه عمالقة التطبيقات: (يوتيوب) و(إنستغرام) و(فيسبوك) إلى ميزة الفيديو المختصر».
وأضاف رمزي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «بات الفيديو القصير هو الأكثر جذباً؛ لأنه لا يقتصر على تقديم معلومة فحسب؛ بل يوصلها للمتلقي في قالب مألوف له».
أما رامي الطراونة، رئيس وحدة المنصات الرقمية في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية، فقال إن «التطبيقات نفسها تدعم ميزة الفيديو المختصر (الريلز) وتعزز فكرة استخدامه من قبل (صُناع المحتوى) سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات». ويعزز هذا الرأي تأكيد آدم موسيري، رئيس «إنستغرام»، في يونيو (حزيران) من العام الماضي، على «سرعة نمو وانتشار الفيديوهات القصيرة». وقال حينها: «يقود الفيديو القصير قدراً هائلاً من النمو عبر (الإنترنت) لجميع المنصات الرئيسية في الوقت الحالي، وهو أمر أعتقد أننا بحاجة إلى المزيد منه».
حقاً فقد قدم «يوتيوب» العام الماضي دعماً مادياً لتحفيز «صُناع المحتوى» على استخدام ميزة «الشورتس» وهي الميزة الموازية لـ«الريلز»، بقيمة 100 مليون دولار، من خلال دفعات فردية تتراوح ما بين 100 دولار إلى 10 آلاف دولار بناءً على التفاعل مع مقاطع الفيديو القصيرة.
وحول أسباب رواج الفيديوهات القصيرة، يقول الطراونة لـ«الشرق الأوسط»، إن «مرتكز (صُناع المحتوى) في اختيار النمط المناسب، يعتمد على فترة الانتباه التي يستمر فيها المتلقي في المتابعة، والتي كانت تُقدر منذ سنوات بـ10 دقائق، بينما الآن نتحدث عن 4 ثوان فقط، ما يعني أن قدرة (صُناع المحتوى) على اقتناص انتباه المتابع تتقلص يوماً بعد يوم، بحكم الزخم الواقع الآن، ومن ثم جاءت ميزة (الريلز) كوسيلة مفيدة لصُناع المحتوى أفراداً كانوا أو مؤسسات؛ لكن بشرط أن توفر المعلومة بشكل مُكثف ودقيق».
وحول اتجاه الصحف للمحتوى المرئي، يشرح فادي رمزي فيقول إن «اتجاه الصحف للمحتوى المرئي لا يعني زوال المحتوى المقروء؛ لكن قد يتأثر نسبياً لصالح أنماط التكيف مع وسائل التواصل الاجتماعي، وستظل الكتابة هي الأصل والمرتكز وإن تنوعت الأدوات».
هنا يرى الطراونة أن «كافة أشكال المحتوى، سواء كان مرئياً، أو مقروءاً، أو صوتياً، أو حتى صحافة البيانات و(الإنفوغراف)، مُجرد أدوات، وإن لم تكن المؤسسة قادرة على توفير معلومة موثوقة ووافية، فلا يمكن لها أن تخرج بشكل لائق. والأصل في تقديم المحتوى هو الكتابة، وعلينا أن نتعامل مع حقيقة أن الصحف قبل المحتوى الرقمي لديها إرث لا يمكن التخلي عنه، وعليها بناء قيمة مضافة مرتكزة على هذا الإرث، من خلال أدوات عصرية».
بالفعل، أشار التقرير السنوي حول مستقبل الإعلام الرقمي لمعهد «رويترز» للإعلام، التابع لجامعة أكسفورد، إلى أن «عام 2022 سيكون عام الدمج الدقيق لصناعة الأخبار التي تأثرت بسبب جائحة (كوفيد-19)». ولفت إلى أنه في «العامين الماضيين غرقت الصحافة في الأجندة الإخبارية الكثيفة والمتلاحقة، وكذلك النقاشات المستقطبة حول السياسة والهوية والثقافة، وقد يكون هذا هو العام الذي تأخذ فيه الصحافة نفَساً، وتركز على الأساسيات وتعود أقوى».
ويقول رمزي، في هذا الإطار: «إننا أمام عام من تنوع إنتاج المحتوى الرقمي، مثل إنتاج محتوى صوتي و(رسالة إخبارية) معدة خصيصاً لجمهور مواقع التواصل الاجتماعي». ويضيف: «كذلك سوف نرى كثيراً من التحول نحو الفيديوهات القصيرة من قبل المؤسسات الصحافية العالمية، استكمالاً لاتجاه انطلق العام الماضي».
من جانبه، قال الطراونة إن «الصحافي المتمكن والمهني لن يتأثر سلباً بوتيرة التغيير، بينما سوف يتصدرها بإمكانات ومكتسبات جديدة». ويشير إلى أن «رحلة تطور المحتوى من المنتديات إلى (تيك توك) يعكس تطور صناعة المحتوى بمحطاته المختلفة؛ لكن هذا الأمر يتطلب مزيداً من المرونة والتكيف بما لا يخل بهوية مهنة الصحافة، على أن تبقى المصدر الأول للمعلومة الدقيقة».
ويرى رمزي أن «إضافة المحتوى المرئي لمنتجات الصحف يضع الصحافي في تحدٍّ، فمهارة الكتابة وحدها لن تصمد كثيراً، بينما نحن أمام الصحافي متعدد المهارات أو ما يطلق عليه بالإنجليزية (one man crew)، من ثم على الصحافيين تطوير مهاراتهم، من خلال التدريب والورش وتثقيف الذات فيما يخص التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي».
في سياق متصل، يقول رمزي إنه «بنظرة فاحصة لجمهور الإنترنت، كانت (بي بي سي) هيئة الإذاعة البريطانية، قد أجرت بحثاً قبل ظهور جائحة (كورونا)، وتوصلت إلى نتيجة باتت نظرية تقود استراتيجيتها لتقديم المحتوى؛ بل وتتخذها مؤسسات صحافية أخرى بعين الاعتبار، ومفادها أن الجمهور على الشبكة العنكبوتية بحاجة إلى 6 أشكال من المحتوى، بينها واحد فقط هو الإخباري في شكله المباشر، بينما هناك ثمة شكل آخر يسمى (اعطني ما وراء الخبر)، وثالث (أطلعني على الاتجاهات المتصدرة)، وجميعها أشكال من المحتوى الذي يخاطب العقل، بينما هناك 3 أشكال أخرى تخاطب العواطف، مثل المحتوى المُلهم، فضلاً عن المحتوى الترفيهي والتعليمي».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.