«المشوار»... رحلة هروب مثيرة مغلفة بإطار إنساني

العمل من بطولة محمد رمضان ودينا الشربيني

«المشوار»... رحلة هروب مثيرة مغلفة بإطار إنساني
TT

«المشوار»... رحلة هروب مثيرة مغلفة بإطار إنساني

«المشوار»... رحلة هروب مثيرة مغلفة بإطار إنساني

من الظواهر المألوفة في الوسط الفني المصري، نجاح أحد الفنانين بشكل استثنائي وكاسح في عمل ما، ثم تأثره سلباً في أعمال لاحقة، حيث يتراجع الاهتمام بعناصر القصة والإخراج والتصوير في ظل اعتقاد راسخ من بطل العمل بأن نجوميته وحدها أصبحت الضمان الفعلي لنجاح التجربة الجديدة. يتطلب الأمر عادة أكثر من تجربة تتراوح بين الفشل والمستوى المتوسط حتى يعيد هذا الممثل أو ذاك حساباته فيبحث عن قصة شديدة الحبكة وحوار شديد الجودة، ووراءهما مخرج كبير لا يخضع لنرجسية بطل العمل، ويجيد توجيهه لتدور عجلة النجاح من جديد. وحسب نقاد، فإن هذه الدورة مر بها كثير من النجوم مثل محمد هنيدي ومحمد سعد وأخيراً محمد رمضان. من هنا تأتي أهمية مسلسل «المشوار» بطولة الفنان محمد رمضان، الذي تعرض لانتقادات من جمهور «السوشيال ميديا» بسبب تجاربه الرمضانية الأخيرة، واتهموه بـ«الغرور والاستهتار»، لكنهم عادوا وأشادوا بتجربته الرمضانية الجديدة «المشوار».

رمضان مع دينا الشربيني في لقطة من المسلسل

اعتمد المسلسل على حبكة تشويقية من خلال «ماهر»، الذي يلعب دوره محمد رمضان. يعمل ماهر بأحد مصانع الملح في الإسكندرية، لكنه يخفي سراً كبيراً يتعلق بمحتويات حقيبة سفر يحرص عليها كأنها حياته. تشاركه السر زوجته العاملة البسيطة بالمصنع نفسه (دينا الشربيني).
في المقابل، يلقى القبض على أحد رجال الأعمال يدعى «وجيه بيه»، جسد شخصيته الفنان أحمد كمال، بسبب قطعة آثار مهربة دسها أحدهم عليه. تشتعل الأحداث حين نعرف أن إحدى العصابات كانت ترصد «ماهر» بسبب احتواء حقيبته على قطع آثار ثمينة ومبلغ مالي ضخم. يصبح خيط الدراما الأساسي هروب البطل رفقة زوجته وابنه من بيت خالته في الإسكندرية إلى القاهرة هرباً من عصابة لا تتورع عن الفتك به في سبيل تحقيق غايتها. تتطور الأحداث ليصبح العنوان الرئيسي لكل حلقة أو حلقتين: أين ستختبئ الأسرة الهاربة الليلة، كيف ستبيت ليلتها المقبلة وبحوزتها تلك الثروة الهائلة؟
المؤلف محمد فريد، كان موفقاً حين تعمد أن يطيل حيرة المتفرج، ولا يلقي له بالإجابة عن سؤال: هل «ماهر» جانٍ أم ضحية، وهل «وجيه بيه» مذنب أم بريء؟ هذه الحيرة صمدت في وجه تطورات الأحداث.
ويعتبر الناقد محمد البرعي، أن الإطار العام للقصة قد يبدو عادياً، لكن الإبداع الحقيقي يتجلى في تجسيد تلك الحالة الإنسانية لأسرة بسيطة تنام على الأرصفة وتعيش في رعب حقيقي، لكن يحدوها الأمل في أن تنتهي الأزمة على خير لتعيش حياة الأثرياء. حسب وصف البرعي، الذي يضيف في تصريح خاص إلى «الشرق الأوسط»: «هذا الانقسام بين الخوف والرجاء عبر عنه الأداء السلس التلقائي لكل من محمد رمضان الذي تخلص من مبالغات النجم الأوحد في أعمال سابقة بجانب دينا الشربيني».
ويرى البرعي أن «هذا المسلسل يعد أحد أفضل أعمال الموسم الرمضاني، على مستوى التصوير والإخراج والكادرات البصرية، بعدما أتاح تنوع البيئات المكانية المختلفة التلاعب بزوايا الرؤية على نحو مدهش، كما رأينا في مشاهد تلال الملح في الإسكندرية والسواحل وبيوت الصيادين، فضلاً عن حديقة الحيوان بالجيزة، ومحطات القطارات التي اتخذت منها الأسرة الهاربة ملاذاً غير آمن في بعض مراحل المسلسل».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».