التمور تركب موجة الأكل العصري والصحي

تتصدر قائمة الأطعمة «السوبر فوود»

دينا حمدي
دينا حمدي
TT

التمور تركب موجة الأكل العصري والصحي

دينا حمدي
دينا حمدي

يقع كثير من الطهاة في غرام حبة التمر، فمنهم من يحشوها بالمكسرات أو زبدة اللوز الطبيعية، ومنهم من يستخدمها في صناعة طبق من المهلبية المزينة بقليل من القرفة، لكن هناك من ينظر إلى التمور في مجملها على أنها طعام «خارق» يمكن تطويعه في وصفات الحلو والحادق بفضل مذاقه العميق.
لذا، لا يحلو الإفطار في شهر رمضان الكريم إلا على حبة تمر حلوة المذاق، وهذه العادة بما لها من دلالة إسلامية، ينصح بها خبراء التغذية، بدعوى أن حبة تمر واحدة قد تعوض الجسم ما فقده خلال ساعات طويلة من الصيام.
ويضم الخبراء التمر إلى قائمة الأطعمة «الخارقة» أو «السوبر فوود»، وذلك لما له من مذاق طيب منبعه سكر طبيعي، فضلا عن مزيج من العناصر الغذائية الأساسية لصحة الإنسان، والتي دفعت بوصفات التمر إلى الواجهة. وبين طيبة المذاق والمحتوى الغذائي القيّم لقاء يجمع الصحة وفنون الطهي على طاولة واحدة.
هنا أبو النصر، اختصاصية التغذية العلاجية، تنصح بتناول التمر على مدار العام وليس خلال شهر رمضان فقط، وتقول في حديثها لـ «الشرق الأوسط» «التمور، على الرغم من كونها حلوة للغاية، لنها تتفوق بقيمة غذائية عالية؛ فهي غنية بالبروتينات والمعادن مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم والكالسيوم. كذلك، يتكون التمر من حوالي 70 في المائة من الكربوهيدرات والألياف الداعمة لهضم سليم».
وتضيف: «وفق دراسات، فالتمور تحتوي على مواد كيميائية نباتية قد تساعد في خفض نسبة الكوليسترول وتقليل مخاطر الإصابة بمرض السكري والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية».
وتزيد: «التمر يحتوي على خليط من الفركتوز والجلوكوز وبعض أنواع السكروز، فهو لا يؤثر على مستوى السكر في الدم عند تناوله باعتدال».
صحيح أن الأصل في تناول التمور هو أن تُقدم دون تحضير أو تغيير للقوام والمذاق، لكن مع اتجاهات المطبخ العصري صعدت أطباق التمر مُرتكزة على معادلة القيمة والمذاق. تقول الطاهية المصري دينا حمدي، المقيمة في دبي، لـ«الشرق الأوسط» «أنا من عشاق التمر، وكطاهية أعتبره طعاما خارقا ويمكن تطويعه في عدد من وصفات الحلو والحادق بفضل مذاقه العميق».
«ففي أبسط الحالات يمكن نزع البذور واستبدال حشوات مثل المكسرات أو زبدة لوز طبيعية بها»، وتضيف الشيف دينا «التمر صنف متوفر في بلادنا العربية، لذا ارتبط بالأكلات التراثية، مثل طبق البيض بعجوة التمر، كما برز في وصفات أكثر عصرية ومهد لتطوير أطباق كلاسيكي، مثل مهلبية التمر، والكنافة بالمكسرات والتمر؛ وحتى الوصفات الحادقة».
قيمة التمر كانت جواز سفره لمطابخ عالمية، تقول الطاهية المصرية عن علاقة التمر بالمطبخ الغربي: «من خلال متابعتي لمنصات التواصل الاجتماعي، التمر مرتبط أكثر بالشرق الأوسط، نظراً للارتباط التاريخي والديني، لكن خلال السنوات الماضية لاحظت وجوده في المطبخ الغربي بوصفات مميزة، لاسيما التمر المدجول الذي يعد الأغلى سعرا في العالم».
وعن الأنواع المختلفة للتمور وأفضلها، تقول الشيف المصرية «أنواع التمور كثيرة، لكن أكثرها شهرة السكري، الرطب، المدجول، وتمر المبروم. ويتوقف الأمر على المنطقة الجغرافية و الطقس وحسب ذلك يتحدد السعر، لكن المذاق أرى أن لكلٍ مذاقه المميز».
وبالعودة إلى رأي خبراء التغذية، حول تضمين التمر في وصفات عصرية، وتأثير هذا التطوير على القيمة الغذائية، تقول اختصاصية التغذية العلاجية هنا أبو النصر، «لا مانع من استخدام التمر في العديد من الأكلات والمشروبات مثل التمر بالحليب، التمر المحشو بالمكسرات النيئة، والتمر وزبدة الفول السوداني».
«التمر المحشو بزبدة الفول السوداني يعتبر وجبة خفيفة صحية ويعتبر التمر بالشوكولاتة بديلا صحيا للحلويات»، هكذا تقول أبو النصر، وترى أن «الاعتدال في تناول التمر لا يشكل أي خطر على الصحة أو الوزن، كذلك، يفضل تناوله بشكل يومي ليس فقط على سفرة رمضان».
أما وصفة الطاهية دينا حمدي التي شاركتنا بها، فجاءت المهلبية بالتمر والقرفة، وتقول إنه يمكن تجهيزها خلال دقائق لتضفي على سفرة رمضان طبق حلو بلمسة شرقية. وعن المكونات، تقول: «لتحضير المهلبية بالتمر، نحضر كوبين من الحليب، وملعقتين من النشا، وربع كوب سكر، ومثله من معجون التمر، بالإضافة إلى نصف ملعقة قرفة، وربع كوب قشطة».
تتلخص خطوات التجهيز بوضع كل المكونات في قدر ويخلط جيداً على حرارة متوسطة مع التقليب المستمر حتى يتم الحصول على قوام المهلبية، وتقدم في كاسات ويفضل أن تحفظ في الثلاجة لمدة ساعتين قبل التقديم.


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.