قمة «كامب ديفيد» تختتم بتعهد أميركي بـ«الوقوف إلى جانب» الخليج ضد «أي عدوان خارجي»

أوباما يتوجه إلى الخليج العام المقبل واتفاق على تقوية العلاقات بين الطرفين.. ويؤكد أن واشنطن «تلتزم بتعهداتها»

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتوسط القادة الخليجيين بعد انتهاء قمتهم أمس، ومن اليسار الى اليمين: الشيخ محمد بن زايد والأمير سلمان بن حمد آل خليفة والسيد فهد بن محمود السعيد والشيخ صباح الأحمد الصباح والشيخ تميم بن حمد آل ثاني والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وعبد اللطيف الزياني  (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتوسط القادة الخليجيين بعد انتهاء قمتهم أمس، ومن اليسار الى اليمين: الشيخ محمد بن زايد والأمير سلمان بن حمد آل خليفة والسيد فهد بن محمود السعيد والشيخ صباح الأحمد الصباح والشيخ تميم بن حمد آل ثاني والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وعبد اللطيف الزياني (إ.ب.أ)
TT

قمة «كامب ديفيد» تختتم بتعهد أميركي بـ«الوقوف إلى جانب» الخليج ضد «أي عدوان خارجي»

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتوسط القادة الخليجيين بعد انتهاء قمتهم أمس، ومن اليسار الى اليمين: الشيخ محمد بن زايد والأمير سلمان بن حمد آل خليفة والسيد فهد بن محمود السعيد والشيخ صباح الأحمد الصباح والشيخ تميم بن حمد آل ثاني والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وعبد اللطيف الزياني  (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتوسط القادة الخليجيين بعد انتهاء قمتهم أمس، ومن اليسار الى اليمين: الشيخ محمد بن زايد والأمير سلمان بن حمد آل خليفة والسيد فهد بن محمود السعيد والشيخ صباح الأحمد الصباح والشيخ تميم بن حمد آل ثاني والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وعبد اللطيف الزياني (إ.ب.أ)

اختتمت قمة «كامب ديفيد» أعمالها أمس بالتأكيد على الشراكة التاريخية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، إذ أطلق الطرفان «الشراكة الاستراتيجية الأميركية - الخليجية» التي ستكون أساسا لتقارب الطرفين وتطوير مجالات التعاون.
واستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما قادة من دول مجلس التعاون الخليجي، وترأس الوفد السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، رافقه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وكان أول الواصلين لمقر البيت الأبيض الوفد السعودي برئاسة الأمير محمد بن نايف، تلاه الوفد القطري برئاسة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، ثم الوفد العماني برئاسة فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس مجلس الوزراء، ثم الكويتي برئاسة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ثم الإماراتي برئاسة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، ثم البحريني برئاسة ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.
وبينما تعهد قادة الخليج والولايات المتحدة بالعمل على حلول سياسية للأزمات في المنطقة، أكدت الولايات المتحدة أنها مستعدة لحماية منطقة الخليج من أي «عدوان خارجي».
وفي ختام 3 جلسات من المشاورات في منتجع «كامب ديفيد» الرئاسي، صرح الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه طمأن زعماء دول الخليج خلال «الاجتماع الممتاز» بأن الولايات المتحدة ستقف بجانبهم ضد الهجمات الخارجية وأنه أجرى محادثات «صريحة» بشأن إيران وتنظيم داعش وقضايا أخرى. وأضاف أوباما وهو يتكلم متوسطا القادة الخليجيين أمام الصحافيين: «كنت واضحا للغاية في أن الولايات المتحدة ستقف إلى جوار شركائنا في مجلس التعاون الخليجي ضد الهجمات الخارجية». وأضاف أنه ملتزم بعقد قمة للمتابعة في العام القادم مع زعماء الخليج لبحث التقدم بشأن القضايا. وبحسب البيان المشترك الصادر عن قمة أمس، فإنه «مثلما حصل مع عمليات عاصفة الحزم، ستتشاور دول مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة عندما تخطط القيام بعمل عسكري خارج حدود دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة عندما تكون بحاجة إلى دعم أميركي في مثل هذا العمل».
وخرجت الدول الخليجية والولايات المتحدة من قمة «كامب ديفيد» متفقة على أنه من الضروري منع إيران من الحصول على سلاح نووي، والسعي وراء اتفاق دول يمنعها من ذلك. وبعد أن قدم وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الطاقة الإميركي ارنست مونيز شرحا للمفاوضات النووية التي يشرفان عليها مع إيران ضمن إطار الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا، قال أوباما إنه على مؤشرات إيجابية من الدول الخليجية بأنها ستدعم اتفاقا نوويا «في حال حصلنا عليه». وأضاف: «لا يمكنني أن أطلب من قادة الخليج، مثلما لا يمكنني الطلب من الكونغرس الموافقة على اتفاق لم يتم التوصل إليه بعد».
وأقر أوباما بأن إيران تشكل تهديدا أوسع من التهديد النووي، قائلا: «غالبية الأعمال المزعزعة للاستقرار في المنطقة التي تقوم بها إيران هي قليلة التكلفة والتقنيات»، أي أن رفع العقوبات لن يؤثر على أعمال إيران مباشرة. وشدد أوباما على ضرورة التعاون لـ«مكافحة الإرهاب ومنع الارهاب الذي يأتي من دول مثل ايران ومنظمات لداعش».
وفي مؤتمر صحافي لاحق، قال أوباما إن انه سيكون من الضروري التوصل الى حوار أوسع مع ايران، تشمل دول الخليج وايران. وأضاف: «قضينا وقتا طويلا نناقش ايران والعمل على منع طهران من الحصول على سلاح نووي»، موضحا: «في حال وصلنا الى اتفاق نووي ام لا مع ايران، ستكون امامنا تحديات في التعامل مع ايران بما في ذلك منعها من زعزعة استقرار المنطقة». وحرص أوباما على توجيه رسالة غير مباشرة الى طهران، قائلا: «هذه الجهود ليست لتهميش ايران، فنحن نرحب بايران تبني الثقة وتنهي الخلافات بالمنطقة». ولفت الى ان «انهاء التوتر في المنطقة سيتطلب حوارا اوسع يشمل الخليج وايران»، مشيرا الى انه في حال تم التوصل الى اتفاق نووي مع ايران ستعمل بلاده على تشجيع حوار في المنطقة بين دول الخليج وايران. ولكنه اضاف: «نريد ان نتأكد من قدرة حلفائنا في التعامل مع ايران من موقع ثقة وقوة»، موضحا أن الدعم الامني الأميركي للخليج هدفه ان «يكون هذا الحوار من موقع ثقة وقوة» لدول الخليج. ولفت أوباما الى ان المنطقة تشهد «تحديات استثنائية للمنطقة»، وان بلاده تتعاون وتنسق مع الخليج في هذه المرحلة. وكرر انه ملتزم بانه «في حال اي عدوان أو تهديد اي عدوان نحن سنكون على استعداد للتباحث مع شركائنا الخليجيين حول الخطوات التي نقوم بها لمنع اي عدوان خارجي». وأضاف ان بلاده «تلتزم بتعهداتها»، مضيفا سنزيد «تعاوننا الامني العالي المستوى» مع دول الخليج.
وبعد تصريحات أوباما المقتضبة، تحدث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني باسم قادة الخليج المجتمعين، قائلا ان الرئيس الأميركي سيزور منطقة الخليج العام المقبل لعقد قمة مماثلة.
وفي البيان الختامي، كان هناك تأكيد بين قادة دول مجلس التعاون والولايات المتحدة على ضرورة حل النزاعات القائمة في المنطقة. وبحث قادة الخليج وأوباما التطورات في اليمن، حيث عبر أوباما عن «الترحيب بالهدنة» في اليمن. وشدد البيان الختامي على التزام الولايات المتحدة بالعمل على تطبيق قرارات مجلس الامن الدولي بمنع تزويد الحوثيين بالسلاح. واتفق المجتمعون على ضرورة «الجهود المشتركة لمواجهة (القاعدة في الجزيرة العربية) وضرورة الانتقال من العمليات العسكرية الى العملية السياسية»، بالتأكيد على «مؤتمر الرياض» المرتقب عقده يوم الاحد المقبل.
وبات من الواضح التوافق بين الطرفين على الحل في سوريا، اذ أكدت الاطراف المشتركة على التزامها بـ«دعم المعارضة المعتدلة ورفض المجموعات المسلحة والعمل على حل سياسي انتقالي من دون (الرئيس السوري) بشار الأسد». وكرر أوباما الدفاع عن موقفه بعدم اتخاذ اجراء عسكري ضد النظام السوري بعدما تم التوصل الى اتفاق ينزع برنامج سوريا النووي.
وتم مناقشة الصراع العربي - الاسرائيلي، اذ شدد الطرفان على حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية. وفي مؤتمره الصحافي، قال أوباما ان التواجد في «كامب ديفيد» يذكر بعمليات سلام سابقة مع اسرائيل، في اشارة الى التفاوض مع الرئيس المصري الراحل انور السادات، على السلام بين اسرائيل ومصر. ولفت اوباما انه من الضروري التوصل الى «حل الدولتين لتبقى اسرائيل دولة ديمقراطية ويهودية».
واتفق قادة الخليج والرئيس الاميركي على انه «بناء على منتدى التعاون الاميركي - الخليجي الاستراتيجي، ناقش القادة على (شراكة استراتيجية اميركية - خليجية) لتحسين عملهم لتحسين التعاون الأمني، خاصة تسريع نقل السلاح بالاضافة الى تحسين جهود مكافحة الارهاب وحماية الامن البحري وأمن الفضاء الالكترونية ونظام الدفاع الصاروخي».
ومع مغادرة القادة الخليجيين، لمنتجع «كامب ديفيد» مساء أمس، يبدأ العمل على تطبيق بنود محددة في البيان الختامي، بما في ذلك تسريع عمليات التدريب المشترك.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.