أهالي الأنبار بين حصار وهجوم تنظيم داعش وعدم اهتمام الحكومة بهم

مجلس المحافظة يطالب بغداد بصرف رواتب الموظفين ومنتسبي الأجهزة الأمنية

أهالي الأنبار بين حصار وهجوم تنظيم داعش وعدم اهتمام الحكومة بهم
TT

أهالي الأنبار بين حصار وهجوم تنظيم داعش وعدم اهتمام الحكومة بهم

أهالي الأنبار بين حصار وهجوم تنظيم داعش وعدم اهتمام الحكومة بهم

تتفاقم معاناة أهالي الأنبار بشكل تصاعدي، وخصوصًا مع الانعدام التام في الخدمات الأساسية وانهيار القدرة الشرائية لعشرات الآلاف من المواطنين الذين قرروا العودة لمدنهم بعد رحلة النزوح الصعبة التي عاشوها في بغداد. وأكد عضو مجلس محافظة الأنبار عذال الفهداوي، أن «هناك إحباطا لدى آلاف الموظفين في الدوائر المدنية وضباط ومنتسبي شرطة المحافظة نتيجة عدم صرف رواتبهم لعدة أشهر»، مطالبا وزارة الداخلية والوزارات المعنية بالإسراع في صرف تلك الرواتب المتأخرة.
وقال الفهداوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك إحباطا كبيرا أصاب الآلاف من الموظفين والمتقاعدين وأصحاب الدخل المحدود وضباط ومنتسبي شرطة الأنبار نتيجة عدم صرف وزارة الداخلية رواتبهم لثلاثة أشهر ماضية ودخولهم بالشهر الرابع»، مبينا أن «جميع الموظفين في الدوائر الحكومية المدنية والضباط والمنتسبين من جهاز الشرطة يعيشون على رواتبهم وتأخرها سبب حالة إنسانية صعبة للكثير منهم».
وطالب الفهداوي «الحكومة المركزية بالإيعاز إلى الوزارات المعنية بالإسراع في صرف الرواتب المتأخرة وألا تكون جزءًا وسببًا في معاناة إضافية لأهالي الأنبار فوق المعاناة التي يواجهونها في صعوبة العيش في ظل أوضاع أمنية متردية ونقص هائل في الخدمات».
ومع سوء الأحوال الجوية بهبوب عواصف رملية ضربت البلاد، وخصوصًا محافظة الأنبار الصحراوية، تسببت بوفاة نازح من المحافظة وإصابة 19 آخرين بحالات اختناق.
وقال مصدر طبي محلي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «أحد نازحي الأنبار، والذي يسكن في مخيم بمدينة الحبانية السياحية (30 كم) شرق مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار توفي وأصيب 19 آخرون بحالات اختناق نتيجة العاصفة الترابية التي ضربت أجزاء واسعة من البلاد».
وتشهد البلاد عواصف ترابية تؤثر بشكل كبير على مدى الرؤية، ويستغلها مسلحو تنظيم داعش لشن هجمات على مركز مدينة الرمادي ومدن أخرى في محافظة الأنبار.
ومع هبوب العاصفة الرملية صدت القوات الأمنية هجومًا واسع النطاق لمسلحي تنظيم داعش على معمل الحراريات في ناحية الكرمة (70 كم) شرق مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار. وقال آمر اللواء 30 في «الحشد الشعبي» العقيد جمعة الجميلي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الأمنية تمكنت من صد هجوم واسع النطاق لمسلحي تنظيم داعش الإرهابي على معمل الحراريات في ناحية الكرمة شرق الرمادي، مستغلا تقلبات الجو وسوء الأحوال الجوية».
وأضاف الجميلي، أن «القوات الأمنية تمكنت خلال العملية من قتل 7 من عناصر تنظيم داعش وإحراق 3عجلات كانوا يستخدمونها أثناء الهجوم، دون حصول مسلحي التنظيم على أي موطئ قدم لهم قرب المعمل».
من جانب آخر، طالب رئيس مجلس شيوخ وعشائر الأنبار المقاتلة لـ«الإرهاب» الشيخ نعيم الكعود، الحكومة المركزية بفك الحصار عن 129 أسرة محاصرة من قبل تنظيم داعش غرب الرمادي، مبينا أن الأهالي يعانون من نقص الغذاء والدواء وانتشار الأمراض.
وقال الكعود في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مسلحي تنظيم داعش يحاصرون 129 أسرة في قرية الحاتمية إلى الغرب من ناحية البغدادي (90 كم غرب مدينة الرمادي) مركز محافظة الأنبار منذ أربعة أشهر ومنع عنها الغذاء والدواء». وأضاف أن «القرية تحت سيطرة القوات الأمنية إلا أن الأهالي يواجهون صعوبة في الدخول والخروج منها وتأمين الغذاء بسبب محاصرتها من قبل (داعش)»، مطالبا بـ«فك الحصار عن تلك الأسر ونقلها إلى أماكن آمنة في ناحية البغدادي».
وأكد الكعود، أن «قضاء حديثة وناحية البغدادي يحتضران بسبب نفاد المواد الغذائية، وخصوصًا مادة الطحين»، مطالبا الحكومة المركزية بإنقاذ مدينتي حديثة والبغدادي وتوفير المواد الغذائية لأهاليها، في وقت أمر فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بتوفير المواد الغذائية الأساسية لأهالي مدينتي حديثة والبغدادي غرب الأنبار.
وفي تطور لاحق أعلن الشيخ مال الله العبيدي رئيس المجلس البلدي لناحية البغدادي 90 كم غرب مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، أن القوات الأمنية صدت هجوما لمسلحي تنظيم داعش على ناحية البغدادي غرب الأنبار، وفيما أشار إلى أن مسلحي التنظيم استغلوا سوء الأحوال الجوية أكد وقوع إصابات في صفوف القوات الأمنية.
وقال العبيدي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الأمنية صدت، اليوم (أمس)، هجوما لعصابات تنظيم داعش الإرهابية على ناحية البغدادي من الجهة الغربية للناحية»، مبينا أن «مسلحي التنظيم استغلوا وكعادتهم سوء الأحوال الجوية التي شهدتها المنطقة». وأضاف قائلا: «خلال التصدي للهجوم تم تكبيد تنظيم داعش خسائر في الأرواح والمعدات، ولكن المعركة أدت أيضا إلى وقوع عدد من الإصابات في صفوف القوات الأمنية ومقاتلي العشائر خلال هجوم المسلحين على الناحية».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.