توفي أول من أمس (الأربعاء)، في مدينة العرائش المغربية (جنوب طنجة)، الشاعر حسن الطريبق عن عمر ناهز 83 عاماً.
ونعى اتحاد كتاب المغرب الشاعر الراحل، الذي «عُرف بحضوره الإبداعي والثقافي والمعرفي»، و«جمع بين الإبداع الشعري العمودي والتفعيلي، وأتقن اللغة الإسبانية، وبها كتب بعضاً من أشعاره».
وتطرق بيان الاتحاد إلى منجز الراحل، مشيراً إلى أنه كتب الشعر منذ عام 1958. وذلك إلى جانب الدراسة النقدية والأدبية، كما نشر إنتاجه في الصحف والمجلات، فضلاً عن مشاركاته في عديد من المؤتمرات واللقاءات الأدبية والثقافية في المغرب، وليبيا، وتونس، والجزائر، ومصر، والعراق، وإسبانيا.
وفضلاً عن حضوره على مستوى المشهد الأدبي المغربي، كانت للراحل بصمة على مستوى التدبير السياسي، حيث سبق له أن كان نائباً في البرلمان المغربي لعدة ولايات تشريعية، منتمياً لحزب الاستقلال.
ولد الطريبق سنة 1938 في مدينة القصر الكبير، وتابع دراسته الثانوية في مدينة تطوان، قبل أن يشتغل في التعليم الثانوي بالعرائش.
وعلى مستوى التكوين العالي، أحرز دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي سنة 1980 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في فاس، وعلى دكتوراه الدولة من كلية الآداب في الرباط، ليشتغل، لاحقاً، أستاذاً جامعياً في كليتي الآداب بفاس وتطوان.
وتنوع منجز الطريبق بين الشعر والمسرح والنقد. فمن أعماله الشعرية المنشورة، دواوين «تأملات في تيه الوحدة» (1972)، و«ما بعد التيه» (1974). وفي المسرح الشعري «مأساة المعتمد» (1972)، و«وادي المخازن» (1974)، و«بين الأمواج والقراصنة» (1982)، فضلاً عن «العقبى والنار» وهو مجموعة شعرية مسجلة على الأشرطة، كما أصدر ديواناً شعرياً باللغة الإسبانية، بعنوان «صدى الهروب»، أبدى فيه معرفة عميقة باللغة الإسبانية. وفي الأبحاث النقدية، ترك كتابات عديدة، بينها «القصيدة العربية الحديثة والمعاصرة بين الغنائية والدرامية»، و«نظرات في الشعر الإسباني وتطوره»، و«الشعر المسرحي في المغرب، حدوده وآفاقه».
وأكد الطريبق مكانته وحضوره في المشهد الأدبي المغربي، الشيء الذي جعله يحظى بالتقدير بين كتاب المغرب.
وكتب الناقد نجيب العوفي، في سياق تفاعل كتاب المغرب مع رحيله: «لكل أجل كتاب. تعازينا الأخوية والأدبية في رحيل الشاعر والكاتب الكبير حسن الطريبق، أحد الرموز التاريخية الفاعلة والمرموقة في أدبنا المعاصر، ورفيقنا الصّنديد على درب السجال النقدي في سنوات السبعينات الساخنة المتلاطمة بالأفكار والمنازع الأدبية والآيديولوجية. سجال لم يفسد لودّنا وصفاء طويّتنا قضية. تقارعت أقلامنا الفتية كالأسنة وتآلفت قلوبنا كالأحبّة. على روحه السكينة والسلام».
من جهته، كتب الأكاديمي والكاتب واللغوي عبد العلي الودغيري: «رحم الله رحمة واسعة أخانا الصديق العزيز، الشاعر الكبير، الناقد الكاتب الأديب، الأستاذ الباحث، الوطني الغيور، الدكتور حسن الطريبق الذي نعَته إلينا آخر الأخبار، بعد عمر مليء بالعطاء الأدبي، والفكري، والتجارب الشعرية الغزيرة والمتنوّعة، والحضور الفاعل المتميز على كثير من الواجهات، وأضاف: «جمعتني بالمرحوم صداقة وأخوة لسنوات وعقود، لكن ذلك لم يمنع من أن تقوم بيننا مناقشات وسجالات نقدية في فترة من الفترات كنتُ فيها مبتلى ابتلاءً بحرفة الأدب، وذلك على إثر صدور ديوانيه: (تأملات في تيه الوحدة)، و(ما بعد التيه)».
وتابع الودغيري قائلاً: «والحق يقال إن تلك السجالات والكتابات كانت في وقتها حدثاً أدبياً ذا أهمية في حد ذاته، ولا يمكن للباحث في الأدب المغربي المعاصر تناسيه أو تجاوزه. فقد شغل حيزاً لا بأس به من الفضاء الثقافي بالنقاش والحوار الجاد وتلاقح الرؤى والأفكار، وإن لم يخل من صخب المعارك التي تعالت فيها الصيحات واحتدت الأصوات وتُبودلت الاتهامات. لا سيما أن الظرفية كانت تعكس بحق ما أصبح يضطرم به الجسم الثقافي المغربي من تفاعلات سياسية واجتماعية وآيديولوجية وصراعات واصطفافات، حولت كثيراً من النقاش الدائر آنذاك في القضايا الأدبية، عن جادة الفكر والأدب والنقد والكتابة الموضوعية، وانحرفت به نحو اتجاهات أخرى، ألقيت فيها الحمم الحارقة التي ظلت آثارها وعقابيلها تفعل فعلها في الساحة الثقافية لسنوات وعقود بعد ذلك».
الشاعر المغربي حسن الطريبق يرحل بعد مسار أدبي متميز
العوفي عده الرفيق الصّنديد على درب السجال النقدي
الشاعر المغربي حسن الطريبق يرحل بعد مسار أدبي متميز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة