بوتين يتعهد مواصلة العملية العسكرية حتى «تطبيع الوضع» في دونباس

مسودة روسية لاتفاق سلام... وتشكيك بجدية كييف في المفاوضات

بوتين مترئساً اجتماعاً في الكرملين أمس (رويترز)
بوتين مترئساً اجتماعاً في الكرملين أمس (رويترز)
TT

بوتين يتعهد مواصلة العملية العسكرية حتى «تطبيع الوضع» في دونباس

بوتين مترئساً اجتماعاً في الكرملين أمس (رويترز)
بوتين مترئساً اجتماعاً في الكرملين أمس (رويترز)

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، أن العمليات الحربية سوف تتواصل حتى تحقق أهدافها. وقال إن «الأوضاع المأساوية» في دونباس «أجبرتنا على شن العملية العسكرية»، متعهدا بأن تضمن موسكو «إحلال السلام واستئناف الحياة الطبيعية» في المنطقة.
وكان بوتين يتحدث خلال اجتماع لمنظمات غير حكومية دعيت للمشاركة فيه طفلة لجأت من لوغانسك إلى مدينة سيفاستوبول، وتعمد إجراء مقاربات بين الوضع الحالي في دونباس وفي المدينة التي ضمتها روسيا مع القرم في العام 2014. وقال الرئيس الروسي مخاطبا الطفلة اللاجئة: «ذكرت أن حياتك تغيرت بشكل ملموس منذ مغادرتك لوغانسك... وللأسف فقد تغيرت الكثير من الأمور خلال السنوات الماضية في لوغانسك لكن للأسوأ، لأنه على مدى السنوات الثماني تواصلت هناك غارات وعمليات قصف مدفعي وأعمال قتالية، وبطبيعة الحال عاش الناس ظروفا صعبة للغاية». وأشار بوتين إلى أن «حياة سكان شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبول تغيرت تماما عن الوضع في دونباس»، مضيفا أن «المأساة في دونباس وخصوصا جمهورية لوغانسك الشعبية هي التي أجبرت روسيا على بدء هذه العملية العسكرية».
وجدد الرئيس الروسي التأكيد على أن هدف العملية العسكرية التي أطلقتها موسكو في 24 فبراير (شباط) الماضي يكمن في «مساعدة مواطنينا في دونباس»، وزاد: «سوف نتصرف تدريجيا وسنحقق وضعا يضمن تطبيع الحياة هناك وتغييرها نحو الأفضل كما حصل في سيفاستوبول».
وفي موضوع آخر، شدد الرئيس الروسي خلال اجتماع مع قادة عسكريين على أهمية اختبار صاروخ «سارمات» الباليستي الروسي العابر للقارات، لأول مرة أمس. وشدد على أن «هذه المنظومة لا نظير لها في العالم حاليا». وكان لافتا تركيز الكرملين على أهمية اختبار هذا الصاروخ الأحدث في ترسانة روسيا الصاروخية، على خلفية تقارير غربية تحدثت عن أن الحرب الأوكرانية أظهرت وجود ثغرات كبيرة في قدرات روسيا العسكرية.
بدورها، أفادت وزارة الدفاع في بيان بأن الصاروخ «سارمات» أطلق بنجاح في الساعة الـ15:12 بتوقيت موسكو من نفق في مطار «بليسيتسك» الفضائي في مقاطعة أرخانغيلسك شمال البلاد. ووفقا للبيان، فقد «تم تحقيق أهداف عملية الإطلاق بالكامل، وتم تأكيد المواصفات المعلنة في كافة مراحل تحليق الصاروخ، ووصلت الرؤوس الحربية التدريبية إلى منطقة محددة في معسكر (كورا) في شبه جزيرة كامتشاتكا (في أقصى شرق البلاد)». وتعد هذه أول عملية إطلاق تجريبي ضمن برنامج اختبارات «سارمات»، والذي ستسلم المنظومة الجديدة منه بعد إتمامه إلى القوات الصاروخية الاستراتيجية للجيش الروسي. وأكدت الوزارة أن الاستعدادات جارية في الجيش الروسي لانتقال الأفواج الصاروخية الرئيسية إلى استخدام «سارمات» بدلا عن صاروخ «فيوفودا».
وهنأ بوتين قادة وزارة الدفاع، خلال اجتماع افتراضي ترأسه بالاختبار الناجح لـ«سارمات»، واصفا هذا الاختبار بأنه «حدث كبير ومهم في تطوير المنظومات الدفاعية المستقبلية للجيش الروسي». ولفت الرئيس الروسي إلى أن المنظومة الصاروخية الجديدة تحظى بـ«أرفع مواصفات تكنولوجية تكتيكية»، مؤكدا قدرة «سارمات» على اختراق كل وسائل الدفاع الصاروخي المعاصرة. وزاد: «ليس هناك أي نظير له في العالم حاليا ولن يظهر على مدى وقت طويل. إنه سلاح فريد في الواقع يعزز القدرات الدفاعية لقواتنا المسلحة ويضمن أمن روسيا بشكل موثوق في مواجهة أي تهديدات خارجية، ويجبر الذين يحاولون تهديد بلدنا في خضم خطاباتهم العدوانية المسعورة على التفكير جيدا».
وشكر بوتين كل من أسهم في تصميم «سارمات»، مشددا على أن ذلك جاء باستخدام المكونات والتكنولوجيات الروسية، ما يسهل الإنتاج المتسلسل لهذه الصواريخ داخل البلاد، ويسرع تسليم المنظومة الجديدة إلى القوات الصاروخية الاستراتيجية الروسية.
ويعد «سارمات» أول صاروخ روسي الصنع بالكامل، إذا لم تستخدم روسيا تقنيات غربية لتطويره. وهذا أمر له أهمية خاصة على خلفية القيود وحزم العقوبات التي حرمت روسيا من واردات مهمة في المجال الدفاعي.
وتتيح مواصفات الصاروخ وفقا للوزارة توسيع قائمة الأسلحة التي يمكن تجهيزه بها، فيما يخص عدد الرؤوس الحربية وأنواعها على حد سواء، بما يشمل خصوصا رؤوسا فرط صوتية. ما يجعله «الصاروخ الأقوى والأبعد مدى على مستوى العالم ويعزز بشكل ملموس القدرات القتالية للقوات النووية الاستراتيجية الروسية».
في غضون ذلك، كشف الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن روسيا سلمت إلى الجانب الأوكراني مسودة وثيقة تتضمن «صيغة واضحة للتوصل لاتفاق»، وقال إن «الكرة الآن في ملعب كييف، وننتظر منها جوابا».
في الوقت ذاته، اتهم الناطق الرئاسي كييف بأنها «تنحرف باستمرار عن الاتفاقات التي سبق أن وافقت عليها، وتقوم بإدخال تعديلات على موقفها باستمرار»، محذرا من أن الموقف الأوكراني «يتسبب بعواقب وخيمة على مسار المفاوضات ومستوى جديتها وفاعليتها». وردا على سؤال حول ما إذا كانت موسكو طرحت مواعيد نهائية لتلقي الرد الأوكراني، قال بيسكوف: «الأمر يعتمد على الجانب الآخر، لكنني أكرر مرة أخرى، أن ديناميكية العمل في الجانب الأوكراني تسير بشكل سيئ، والأوكرانيون لا يظهرون رغبة كبيرة لتنشيط عملية المفاوضات».
ولم يكشف الكرملين تفاصيل عن مضمون الوثيقة التي سلمت إلى كييف، لكنه لمح إلى أن الصياغة الروسية تشكل ردا «يشتمل تفاصيل واضحة ومحددة» عن الملفات المطروحة للنقاش، وعلى الوثيقة الأوكرانية التي كانت كييف سلمتها إلى الجانب الروسي في اجتماع عقد في إسطنبول قبل أسابيع. وكانت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا قالت في إيجاز أسبوعي أمس، إن «المفاوضات الروسية الأوكرانية تتواصل بخصوص تسوية الوضع في أوكرانيا وضمان وضعها كدولة حيادية غير نووية خارج تكتلات عسكرية، وتشمل أجندة النقاش مسائل نزع السلاح واستئصال النازية واستئناف الوضع القانوني للغة الروسية والاعتراف بالوقائع الحالية على الأرض، منها تبعية شبه جزيرة القرم لروسيا واستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك». واتهمت زاخاروفا المفاوضين الأوكرانيين بـ«محاولة إطالة أمد العملية التفاوضية من خلال رفض اتخاذ مواقف بناءة إزاء المسائل ذات الأولوية ورفض الرد سريعا في بعض الأحوال على المواد والمقترحات المطروحة من الجانب الروسي». وقالت إنه «إذا كان نظام كييف ملتزما برغبة التفاوض التي عبر عنها علنا، فيتعين عليه الشروع في البحث عن صيغ واقعية للاتفاقات».
واتهمت زاخاروفا القيادة الأوكرانية بـ«فقدان السيطرة على الوضع» وقالت إن «واشنطن والناتو يديران العمليات حاليا وليس (الرئيس فولوديمير) زيلينسكي». وزادت أنه «في السنوات الأخيرة تم بناء نهج كييف للمفاوضات بالطريقة نفسها تماما، ومصير اتفاقيات مينسك معروف ولم يتم تنفيذها. النظام في كييف ليس مستقلا إنه خاضع للرقابة. ويستخدم المفاوضات كعنصر للتشتيت».
على صعيد آخر، قالت الدبلوماسية الروسية إن بلادها حذرت فنلندا والسويد من عواقب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «ناتو». وقالت إن «بروكسل، تحت رعاية الولايات المتحدة، عملت على جذب السويد وفنلندا إلى هياكلها منذ فترة طويلة، وتم اتخاذ تدابير مختلفة تحت ستار التدريبات لدمج البلدين فعليا في نشاطات الحلف. لقد حذرنا من ذلك بكل الطرق، سواء بشكل علني أو من خلال قنوات الاتصال الثنائية. إنهم يعرفون ذلك، لذلك لا يوجد ما يدعو للدهشة. تم إبلاغهم بكل شيء، وإلى أين سيؤدي ذلك». وكان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، قال إن روسيا سوف تتخذ تدابير قوية بينها تعزيز الحدود الغربية عسكريا إذا انضمت السويد وفنلندا إلى الأطلسي.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.