«توبة»... رؤية مغايرة للبطل الشعبي في مصر

مسلسل جديد لعمرو سعد تدور أحداثه في بورسعيد

لقطة من مسلسل «توبة» (الشرق الأوسط)
لقطة من مسلسل «توبة» (الشرق الأوسط)
TT

«توبة»... رؤية مغايرة للبطل الشعبي في مصر

لقطة من مسلسل «توبة» (الشرق الأوسط)
لقطة من مسلسل «توبة» (الشرق الأوسط)

فيما احتفت الدراما المصرية بشكل مبكر بنموذج البطل الشعبي، في عدد من الأعمال، التي قدمته في صورة الرجل «الشهم» أو «الجدع» المتمسك بالمبادئ والقيم رغم التضحيات والمغريات، فإن ثمة أعمالاً درامية مصرية قد انتهجت نهجاً مغايراً خلال العقود الثلاثة الأخيرة فيما يخص صورة البطل النمطية، فقد أبرزته وهو مهتم بجمع المال، والانتقام والقتل، بدعوى أنه بشر من لحم ودم، يتعرض للظلم فينتقم بكل قوة من أعدائه.
ويمثل مسلسل «توبة» الذي يجري عرضه حالياً ضمن ماراثون دراما رمضان النموذج الثاني، الذي يقدم صورة مغايرة للبطل الشعبي، الذي يجسده رجل أربعيني يعيش متنقلاً بين عدة مدن أبرزها بورسعيد، حيث يعمل في الكثير من المهن الحرة غير المستقرة، ويقدم شخصيته النجم عمرو سعد، الذي سبق وقدم نموذجاً مشابهاً لها في مسلسل «ملوك الجدعنة» بموسم رمضان الماضي، ما جعله قادراً على الإمساك بمفاتيح الشخصية التي تجمع بين مشاهد الحركة والكوميديا.

                                                                          عمرو سعد بطل المسلسل

وتعد شخصية «عاشور الناجي» في رواية «ملحمة الحرافيش» التي صدرت 1977 لأديب نوبل نجيب محفوظ، أشهر نموذج لبطل شعبي عرفته الدراما المصرية على غرار «الحرافيش» و«التوت والنبوت» و«شهد الملكة» و«المطارد».
ويعتمد نموذج البطل الشعبي غالباً على عدة مفردات كلاسيكية، أهمها أن يكون محبوباً من البسطاء، نصيراً للضعفاء، لا يهاب الظالمين ويعطي المظلوم حقه، ورغم أن هذه السمات تتوافر في شخصية «توبة» خلال الحلقات الأولى للمسلسل، فإن ثمة انتقادات تم توجيهها له، لتكريسه صورة البطل الشعبي الذي يهتم بكسب المال، وإشباع غريزة الانتقام، ويتاجر في المخدرات، وهو ما وصفه البعض بأنه «تشويه لصورة البطل الشعبي».
يلعب المكان في مثل هذه النوعية من الدراما دوراً محورياً حيث يعتمد بالأساس على الحارة الشعبية والمحلات المتجاورة والجيران الذين يعرف بعضهم بعضاً بالاسم، فضلاً عن الشوارع المزدحمة والأسواق.
ووفق نقاد، فقد أجادت الفنانة انتصار في تجسيد شخصية الخالة «أم سيحة» الكفيفة بائعة الحلوى على ناصية الشارع، ولا تقتصر مسحة الشر على الأدوار الذكورية، وإنما تتجسد كذلك في شخصية «غادة» التي جسدت شخصيتها مرو الأزلي، الفتاة التي تحب «توبة» رغم أنه متزوج وتسعى للوقيعة بينه وبين زوجته عبر اللجوء إلى أعمال السحر التي تلقى رواجاً في الثقافة الشعبية.
وللهروب من النمطية، عادةً ما يلجأ صنّاع العمل إلى تفجير مفاجأة من العيار الثقيل بهدف كسر توقعات المشاهد عبر الكشف عن الماضي الأسود للبطل، إذ يتبين أنه لص ومجرم شارك في الكثير من العمليات القذرة ما يشكّل صدمة كبرى لزوجته «لقا» التي جسدت شخصيتها أسماء أبو اليزيد، التي تواجهه في مشهد مؤثر للغاية وتسأله على الملأ: من أنت؟ وهل كنت أعيش طوال هذه السنوات وهماً كبيراً؟
رأى البعض أن المسلسل مأخوذ عن قصة فيلم «المشبوه» للنجم عادل إمام، إنتاج 1981، وهو ما ينفيه السينارست محمد فوزي، أحد مؤلفي المسلسل مع أحمد حلبة وأحمد بكر، مؤكداً أن ما يجمع بين العملين هو موضوع التوبة لدى شخص طيب القلب، لكن اضطرته الظروف إلى سلوك مسلك الانحراف، وفي النهاية تتغلب طبيعته الخيرة فيهجر عالم الإجرام، لكنه يواجه أشباح الماضي الذين يريدون اجتذابه للوراء.
ويضيف فوزي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ينتقد البعض العمل بزعم أن الشخصيات إما مُغرقة في طبيعتها الطيبة وإما مُغرقة في طبيعتها الشريرة، ويتناسى هؤلاء أن هذه هي طبيعة الدراما الشعبية التي يُفضَّل معها وضع خطوط فاصلة بين الخير والشر».



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.