حديث عن «حسم وشيك» في ماريوبول

قوات روسية على طريق قرب ماريوبول أول من أمس (أ.ب)
قوات روسية على طريق قرب ماريوبول أول من أمس (أ.ب)
TT

حديث عن «حسم وشيك» في ماريوبول

قوات روسية على طريق قرب ماريوبول أول من أمس (أ.ب)
قوات روسية على طريق قرب ماريوبول أول من أمس (أ.ب)

اتجهت الأوضاع في مدينة ماريوبول الاستراتيجية بجنوب أوكرانيا نحو حسم وشيك أمس، بعد مرور أكثر من أربعين يوماً على حصارها بشكل محكم، وتدمير مواقع تمركز القوات الأوكرانية فيها.
وأعلن الجيش الروسي عن فرصة أخيرة لمغادرة عناصر الجيش الأوكراني، وفتح ممرات لإجلاء الجنود الموجودين في منطقة «آزوفستال» الصناعية بميناء ماريوبول، بعد ساعات قليلة من توجيه دعوة لهم لإلقاء السلاح والاستسلام. وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه «نظراً للوضع الكارثي في مصنع آزوفستال للمعادن... فتحت القوات الروسية ممراً للسماح بخروج جنود الجيش الأوكراني ومقاتلي التشكيلات القومية الذين يلقون السلاح طوعاً»، موضحة أن وقفاً لإطلاق النار يسري في الموقع لتأمين عملية الإجلاء.
وكانت روسيا قد دعت القوات الأوكرانية إلى «إلقاء السلاح فوراً» ووجهت نداءها للجنود للاستسلام بالتزامن مع إطلاق عملية عسكرية واسعة في كل مناطق الشرق والجنوب في أوكرانيا. وقالت الوزارة في بيان: «لا تعاندوا القدر واتخذوا القرار الصحيح الوحيد بوقف العمليات العسكرية وإلقاء السلاح». وأضافت: «نتوجه إلى جميع جنود الجيش الأوكراني والمرتزقة الأجانب: مصير لا تحسدوا عليه ينتظركم بسبب استخفاف سلطات كييف». ودعت الوزارة كييف إلى اعتماد «المنطق وإصدار أوامر مماثلة للمقاتلين بوقف مقاومتهم العبثية». لكنها أضافت في البيان: «لأننا ندرك أنهم لن يتلقوا توجيهات وأوامر من هذا النوع من سلطات كييف، ندعو (المقاتلين) إلى اتخاذ هذا القرار بشكل طوعي وإلقاء سلاحهم».
وعرضت الوزارة وقف إطلاق النار عند منتصف نهار أمس، «لتخرج كل الوحدات المسلحة الأوكرانية من دون استثناء بين الثانية والرابعة بتوقيت موسكو من دون أسلحة أو ذخيرة».
في الوقت ذاته، تواصلت في المدينة عمليات تمشيط واسعة النطاق، وقالت المصادر العسكرية الروسية إن الجيش يعمل على «القضاء على جيوب المقاومة التي ما زالت منتشرة في بعض المناطق».
ومع الاستعداد لبدء عملية اقتحام مصنع «آزوفستال» حيث يتحصن، كما تقول موسكو، مئات المتطوعين من كتائب قومية أوكرانية، قال الناطق باسم قوات جمهورية دونيتسك، إدوارد باسورين، إن القوات الشعبية بإسناد من القوات الروسية والطيران والمدفعية الحربية ستباشر الهجوم على المنطقة للقضاء على من يرفض المغادرة طوعاً.
في الوقت ذاته، قال الرئيس الشيشاني رمضان قديروف الذي تقوم قوات تابعة له بالجزء الأكبر من معركة ماريوبول، إن القوات الروسية سوف «تنتهي اليوم أو غداً (أمس أو اليوم) من عصابات المتطرفين في ماريوبول، وتسيطر بشكل كامل على مصنع آزوفستال للتعدين». ونشر قاديروف في الأيام الماضية مقاطع فيديو للمعارك بمدينة ماريوبول.
في الأثناء، نفت وزارة الدفاع الروسية صحة معلومات أوكرانية حول وجود عدد كبير من المدنيين في مجمع «آزوفستال»، ووصفتها بأنها مغالطة تهدف لإنقاذ القوميين المتطرفين المتمركزين هناك. وقال رئيس مركز إدارة الدفاع الروسي، ميخائيل ميزينتسيف، إنه «على مدى الساعات الـ24 الماضية، تم رصد عدد من المنشورات في وسائل الإعلام الأوكرانية، أعلن فيها ممثلو كييف الرسميون أن عدداً كبيراً من المدنيين موجودون في آزوفستال. نحن على يقين من أن هذه مغالطات، تم اختراعها فقط لإنقاذ القوميين».
وتوجه لسلطات كييف قائلاً: «إذا كان أي من السكان المدنيين موجوداً في آزوفستال، فنحن نطالب باتخاذ كل الإجراءات للإفراج عنهم والخروج من الممرات الإنسانية التي تم إنشاؤها». وأكد، في الوقت نفسه، أن السلطات الروسية تضمن الإجلاء الآمن لجميع المدنيين دون استثناء وتنقلهم كجزء من القوافل الإنسانية في أي اتجاه يختارونه.


مقالات ذات صلة

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب) play-circle 01:00

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

بدأ التأثير العالمي لولاية ترمب الرئاسية الثانية في الولايات المتحدة حيث يُشعر به بالفعل حتى قبل انطلاق العهد الجديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ جانب من لقاء بين بوتين وترمب في اليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

بوتين يهنّئ ترمب ويؤكد انفتاحه على الحوار بشأن أوكرانيا لتحقيق «سلام دائم»

سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تهنئة دونالد ترمب، الاثنين، قبل ساعات من تنصيبه رئيساً، قائلاً إنه «منفتح على الحوار» بشأن أوكرانيا لتحقيق «سلام دائم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

بوصفها «أفضل طالب» في حلف الناتو، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة تحدي زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (وارسو)

لوائح أميركية للسيطرة على تدفقات رقائق الذكاء الاصطناعي حول العالم... ماذا نعرف عنها؟

تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)
تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)
TT

لوائح أميركية للسيطرة على تدفقات رقائق الذكاء الاصطناعي حول العالم... ماذا نعرف عنها؟

تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)
تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)

أعلنت واشنطن، اليوم (الاثنين)، أنها ستصدر لوائح جديدة تهدف إلى التحكم في وصول الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم إلى رقائق وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المصممة في الولايات المتحدة.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، ستنظم اللوائح تدفق رقائق الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الأميركية اللازمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً، فماذا نعرف عن هذه اللائحة؟

تقسيم العالم إلى 3 مستويات

قالت الحكومة الأميركية، الاثنين، إنها ستفرض المزيد من القيود على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي وتقنياتها بغرض ضمان الحفاظ على الهيمنة في مجال الحوسبة للولايات المتحدة وحلفائها، مع إيجاد المزيد من السبل لحرمان الصين من الوصول إليها.

وتضع اللوائح الجديدة حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن تصديرها إلى معظم البلدان، وتسمح بالوصول غير المحدود إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية لأقرب حلفاء واشنطن، مع الإبقاء أيضاً على حظر الصادرات إلى دول أخرى.

وتتجاوز التدابير الجديدة المُسهبة التي تم الكشف عنها في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن مجرد فرض قيود على الصين، وتهدف إلى مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على مكانتها المهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال التحكم فيه حول العالم.

وتقسم اللوائح العالم إلى 3 مستويات. وسيتم إعفاء 18 دولة من القواعد برمتها. وسوف يكون لنحو 120 دولة أخرى، من بينها إسرائيل، قيود خاصة بكل دولة. فيما سيتم منع الدول الخاضعة لحظر أسلحة مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية من تلقي التكنولوجيا تماماً.

وجاءت الدول التي تم إعفاؤها من هذه القيود كالتالي: أستراليا، وبلجيكا، وبريطانيا، وكندا، والدنمارك، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وآيرلندا، وإيطاليا، واليابان، وهولندا، ونيوزيلندا، والنرويج، وكوريا الجنوبية، وإسبانيا، والسويد، وتايوان، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

ما هي الرقائق المحظورة؟

تقيّد اللوائح تصدير الرقائق المعروفة باسم «وحدات معالجة الرسومات» أو (GPUs)، وهي معالِجات متخصصة تم إنشاؤها في الأصل لتسريع عرض الرسومات. وعلى الرغم من أنها معروفة بدورها في الألعاب، فإن قدرة وحدات معالجة الرسومات، مثل تلك التي تصنعها شركة «إنفيديا» الرائدة في الصناعة ومقرها الولايات المتحدة، على معالجة أجزاء مختلفة من البيانات في وقت واحد، جعلتها ذات قيمة للتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال، تم تدريب «تشات جي بي تي» الخاص بشركة «أوبن إيه آي» وتحسينه على عشرات الآلاف من وحدات معالجة الرسومات. ويعتمد عدد وحدات معالجة الرسومات اللازمة لنموذج الذكاء الاصطناعي على مدى تقدم وحدة معالجة الرسومات، وكم البيانات المستخدمة لتدريب النموذج، وحجم النموذج نفسه، والوقت الذي يريد المطور قضاءه في تدريبه.

هل هناك استثناءات؟

نعم. إذا طلب المشتري كميات صغيرة من وحدات معالجة الرسومات، فلن يتم احتسابها ضمن الحدود القصوى، وستتطلب فقط إخطاراً حكومياً، وليس ترخيصاً.

وقالت الولايات المتحدة إن معظم طلبات الرقائق تقل عن الحد المسموح به، خاصة تلك التي تقدمها الجامعات والمؤسسات الطبية والمنظمات البحثية. وهناك أيضاً استثناءات لوحدات معالجة الرسومات للألعاب.

إدارة ترمب

وسيكون بمقدور الشركات الكبرى المتخصصة في تقديم خدمات الحوسبة السحابية، مثل «مايكروسوفت» و«غوغل» و«أمازون»، الحصول على تراخيص عالمية لبناء مراكز بيانات، وهو جزء مهم من القواعد الجديدة التي ستعفي مشاريعها من حصص رقائق الذكاء الاصطناعي المخصصة للدول. وللحصول على تصاريح الموافقة، يتعيّن على الشركات المصرح لها الالتزام بشروط وقيود صارمة، بما في ذلك متطلبات الأمان ومتطلبات تقديم التقارير، وأن يكون لديها خطة أو سجل حافل من احترام حقوق الإنسان.

ورغم أنه من غير الواضح كيف ستنفذ إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب القواعد الجديدة، فإن الإدارتين تشتركان في وجهات النظر بشأن التهديد الذي تمثله المنافسة مع الصين. ومن المقرر أن تدخل اللوائح حيز التنفيذ بعد 120 يوماً من النشر، مما يمنح إدارة ترمب وقتاً لإعادة تقييمها.

ويمكن أن تتسع استخدامات الذكاء الاصطناعي لتصل بشكل أكبر إلى الرعاية الصحية والتعليم والغذاء وغير ذلك، لكنها يمكن أيضاً أن تُساعد في تطوير الأسلحة البيولوجية وغيرها والمساعدة في شن هجمات إلكترونية ودعم أنشطة التجسس، إلى غير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان.