أوباما يشدد على الدور الرئيسي والحيوي للسعودية في مواجهة تحديات النزاعات والإرهاب

ولي العهد السعودي التقى الرئيس الأميركي في واشنطن بحضور ولي ولي العهد

ولي العهد والرئيس الأميركي في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
ولي العهد والرئيس الأميركي في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
TT

أوباما يشدد على الدور الرئيسي والحيوي للسعودية في مواجهة تحديات النزاعات والإرهاب

ولي العهد والرئيس الأميركي في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
ولي العهد والرئيس الأميركي في البيت الأبيض أمس (أ.ب)

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن العلاقات مع السعودية وثيقة، مسترجعا في حديثه، أثناء لقائه الأمير محمد بن نايف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي، وبحضور الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بدء العلاقات بين البلدين منذ عهد الملك عبد العزيز والرئيس فرانكلين روزفلت.
وناقش اللقاء عدة مواضيع، منها اليمن والوضع الإقليمي في الشرق الأوسط، وجهود السعودية في محاربة الإرهاب، حيث أكد أوباما أن الرياض حليف مهم وأساسي في التحالف الدولي للحرب على تنظيم داعش المتطرف. وأكد الرئيس الأميركي، خلال اللقاء الذي عقد في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن أمس الأربعاء، أن دور السعودية الأساسي ليس محاربة الإرهاب فقط، بل تعزيز الجهود الرامية لاستقرار الشرق الأوسط. وقال «السعودية جزء أساسي من التحالف الدولي لمحاربة (داعش)، وأنا متأكد أنه ستكون هناك فرصة لمناقشة ما وصلنا إليه حتى الآن في الحرب على ذلك التنظيم في العراق، وكذلك في ما يتعلق بالأزمة المستمرة والمتواصلة في سوريا».
وفي اللقاء، قال الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السعودي، إن المملكة تعمل مع حكومة الولايات المتحدة الأميركية من أجل تخطي التحديات والمصاعب وصنع الاستقرار في المنطقة. وشدد الأمير محمد بن نايف على أهمية العلاقات بين الرياض وواشنطن، مؤكدا أن البلدين يسعيان لتعزيزها وتقويتها.
وقبل المحادثات الثنائية، أبدى الرئيس أوباما ترحيبه بالأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي، والأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد. وأكد على عمق علاقات الصداقة التي تجمع بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، وقال «سنعمل على تعميق ومواصلة تلك العلاقات في هذا الوقت الذي يشهد العديد من التحديات». وأوضح الرئيس الأميركي أن عقد قمة كامب ديفيد سيكون فرصة لمناقشة بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الأزمة في اليمن وكيفية البناء على اتفاقية وقف إطلاق النار التي بدأ سريانها في اليمن مساء الثلاثاء، وكيفية استعادة عملية سياسية في البلاد وإقامة حكومة شاملة.
من جانبه، نقل الأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي، تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس أوباما، مؤكدا على أهمية العلاقات بين البلدين. وقال الأمير محمد بن نايف إن «المملكة تتطلع إلى علاقات متينة وعميقة مع الولايات المتحدة، وسنناقش العديد من القضايا الإقليمية، وسنعمل مع واشنطن لتخطي المصاعب ووضع الأمور في مسارها الصحيح».
ولم يجب الرئيس الأميركي عن أي أسئلة للصحافيين أو مراسلي البيت الأبيض، خصوصا في ما يتعلق بحادثة القطار في ولاية فيلادلفيا، موضحا أنه سيعقد مؤتمرا صحافيا في وقت لاحق للحديث عن جميع القضايا ذات العلاقة بقمة كامب ديفيد، ومواضيع أخرى.
وينتظر أن يحتضن منتجع كامب ديفيد في ولاية ميريلاند، اليوم الخميس، قمة خليجية - أميركية يحضرها قادة وممثلو قادة دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس الأميركي باراك أوباما. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن اتفاقيات عسكرية وتعاون دفاعي بين المجتمعين، إلى جانب مناقشة ملفات حساسة وساخنة في المنطقة، ومنها الملف السوري، والحرب على الإرهاب وتحديدا تنظيم داعش المتطرف، وتطورات الأحداث في اليمن.
وبدأت الوفود الخليجية في الوصول إلى العاصمة الأميركية واشنطن قبل يومين. وشهدت واشنطن لقاءات ثنائية بين وفود خليجية، إلى جانب لقاء بين الرئيس أوباما وولي العهد السعودي وولي ولي العهد.
وكان الرئيس الأميركي قال في حوار مع «الشرق الأوسط»، نشر في عدد الأمس، إن إيران دولة راعية للإرهاب، وإنه يسعى لتعزيز العلاقة مع دول الخليج، مؤكدا أن بشار الأسد فقد شرعيته منذ زمن، وأن الحكم في العراق لن ينجح إلا بالتعددية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.