«الميتافيرس» الصيني... مستقبل واعد لأجيال التواصل الاجتماعي

وسائل التطوير ومراكز الحوسبة الخارقة ستدعم النمو الاقتصادي وتجتذب المواهب

«الميتافيرس» الصيني... مستقبل واعد لأجيال التواصل الاجتماعي
TT

«الميتافيرس» الصيني... مستقبل واعد لأجيال التواصل الاجتماعي

«الميتافيرس» الصيني... مستقبل واعد لأجيال التواصل الاجتماعي

تعدّدت توصيفات «الميتافيرس» منذ ظهوره، وأبرزها وصفه بأنه الثورة المقبلة في عالم التواصل الاجتماعي، وبأنه التصميم الذي سيكون خطيراً، وأنه يمثل مستقبل الإنترنت، إضافةً إلى اعتباره فرصة تجارية غير مسبوقة. لا شكّ في أنّ هذه التوصيفات ستتغيّر باستمرار، ولكنّ الشيء الوحيد الأكيد في الميتافيرس، سواء كان المستقبل فعلاً أم مجرّد موضة عابرة، هو أنّ الصين لن تفوّت فرصة تشكيل هذه البيئة الجديدة.

{ميتافيرس صيني}
وها نحن نشهد اليوم على ولادة ميتافيرس بمواصفات صينية قد يتحوّل في نهاية المطاف إلى سوق بقيمة 8 تريليونات دولار.
يستثمر اللاعبون الصينيون أموالهم اليوم في عوالم افتراضية بسرعة توازي تلك التي يتمتّع بها وادي السيليكون. فقد جمعت هذه العوالم 16 ألف طلب لعلامات تجارية مرتبطة بالميتافيرس، بالإضافة إلى استثمارات عمالقة التقنية في البرامج والأجهزة والبنى التحتية الأساسية المطلوبة لبناء الميتافيرس. وقد أعلنت شركة «تينسنت» مثلاً عن مشروع استثماري مشترك مع منصّة «روبلوكس» عام 2019، وهي تعمل منذ ذلك الوقت على تأسيس محفظة قوية عن الميتافيرس تغطي كلّ شيء من التواصل الاجتماعي إلى ألعاب الفيديو والحوسبة السحابية. بدورها، عمدت شركة «علي بابا» إلى الاستثمار في الواقعين المعزز والافتراضي منذ عام 2016، بينما أطلقت «بيدو» عالم «تشي رانغ» الافتراضي، وعزّزت «بايت دانس» قدراتها في تطوير وصناعة الأجهزة والأدوات الخاصة بالميتافيرس بالإضافة إلى استحواذها على «بيكو»، صانعة إكسسوارات الرأس المعزز بتقنية الواقع الافتراضي. وهذا ليس إلّا بعض أمثلة صينية كثيرة تستكشف الفرص التي يخبّئها هذا العالم الجديد.
ولكنّ موقف بكين من فكرة الميتافيرس لا يزال غامضاً؛ فعلى الرغم من وجود إشارات متوجسة ولجان تابعة للحكومة تحذّر من مخاطره على الأمن القومي، يرى القادة الصينيون في الميتافيرس تقنية مبتكرة تستحق الدّعم. وكما هو الحال غالباً في الصين، تحصل التجارب المهمّة في البلاد على المستوى الحكومي. ففي أواخر 2021، وليس بعد مضيّ وقتٍ طويل على تغيير اسم فيسبوك إلى «ميتا»، أعلنت حكومة شانغهاي أنّ الميتافيرس سيكون جزءاً من «خطة السنوات الخمس» الرابعة عشرة لتطوير صناعة المعلومات الإلكترونية، وواحداً من أربعة مجالات جديدة للاستكشاف. بعدها، سارعت أربع حكومات محلية أخرى منها مقاطعتا ووهان وخبي إلى الالتحاق بشانغهاي، وتعكف بلديات كثيرة أيضاً على تنظيم ندوات ومناقشات تتمحور حول تطوير الميتافيرس.
يُجمع الخبراء على أنّ المكاسب التي سيعود بها دعم فكرة الميتافيرس الصيني ستكون أكبر بكثير من المخاطر على اختلافها، خصوصاً أنّ تطوير البنى التحتية الضرورية للميتافيرس، كتكتّلات التطوير ومراكز الحوسبة الخارقة، سيكون له تأثيرات توسعية تطال صناعات محلية أخرى، بالإضافة إلى دعم النمو الاقتصادي وجذب المواهب –وكلّ هذا سيحصل في ميتافيرس ستبنيه الصين وفقاً لشروطها بدل السماح للآخرين بالسيطرة عليه.

جيل افتراضي جديد

تسير الأمور في هذا المجال بسرعة كبيرة لأنّ الميتافيرس طوّر علاقة وطيدة مع المستهلكين الشباب في الصين. ولكنّ هذا الأمر ليس جديداً لأنّ جميع مكوّنات هذا العالم الافتراضي كانت حاضرة في البلاد قبل ظهور تطبيقاته الرسمية، فضلاً عن أنّ مبادئ العالم الرقمي والاتصالات تحظى بقبول واسع هناك لأنّ معظم النشاطات اليومية باتت مدعومة بالتقنية.
حقّقت تطبيقات مثل«كيو كيو شو QQ Show» المصمّم لصناعة الشخصيات الافتراضية من تطوير شركة «تنسينت»، نجاحاً هائلاً في بداية الألفية. استمتع الجيل الجديد حينذاك بفكرة تبديل ملابس الشخصيات الافتراضية، ولكنّه نبذ هذه المنصة وأسلوبها بعد ظهور شبكات اجتماعية أخرى ذات تصاميم بسيطة و«ملفات شخصية حقيقية» بعد عام 2010. أمّا اليوم، فقد تكيّفت تطبيقات تصميم الشخصيات الافتراضية الثلاثية الأبعاد كـ«زيبيتو Zepeto» و«تاو باو لايف Taobao Life» مع هذا الأمر ومنحت المستهلكين فرصة للتعبير عن أنفسهم بطريقة مبتكرة، وللانضمام إلى مجموعة أكبر تتفق مع اهتماماتهم وعاداتهم. يدلُّ هذا الأمر على أنّ الحياة والهوية الافتراضيتين بالنسبة للكثير من المستهلكين الصينيين في الميتافيرس هي مرحلة تطورية طبيعية للاتصال بأقرانهم.
يشكّل تطبيق «زيلي Zheli» حالة مثيرة للاهتمام أيضاً بعد أن تفوّق أخيراً على تطبيق التواصل الاجتماعي «وي تشات» كأكثر التطبيقات تحميلاً في متجر التطبيقات الصينية. يقدّم الأوّل تجربة اجتماعية حميمة تتيح للمستخدم الاتصال بخمسين صديقاً فقط، وتقدّم له تصميمات عصرية للشخصيات نجحت في أَسْر قلوب المستخدمين الشباب.
يعد تطبيق «سول Soul» الاجتماعي المرتبط بالميتافيرس أيضاً مثالاً أخر، إذ يستخدم هذا التطبيق خوارزمية للاتصال بمستخدميه عن طريق اهتماماتهم وهواياتهم المشتركة. يحقّق «سول» توازناً حذراً بين حرية الهوية الافتراضية والإثارة التي تولّدها العلاقات الحقيقية من خلال مزايا عدّة كمحادثات الفيديو المدعومة بالواقع المعزز والاتصالات الصوتية المدعومة بوظائف مشابهة.
احترم تطبيق «سول» حقيقة أنّ الجيل الصيني الجديد منفتح ومحب للاطلاع ومبدع، وعزّز منصته بثقافات فرعية تتنوّع بين الـ«غوفينغ» (الجماليات الصينية التقليدية) والموجة اليابانية الجديدة في السينما، خصوصاً أنّ الشباب يُبدون حماسة كبيرة لبناء علاقات أعمق من خلال مواضيع مثيرة وإبداعية في العوالم الافتراضية اللانهائية.

مواصفات صينية
يختلف الميتافيرس الصيني عن غيره بعامل جوهري هو السيطرة الحكومية والرقابة السياسية وفق استراتيجية تنظيمية لم تُحدّد بعد –ما يضع الشركات الصينية في حالة من الحذر بعد عامٍ من الضوابط التنظيمية التي تستهدف التقنيات التعليمية، وألعاب الأطفال الإلكترونية، وحماية البيانات الشخصية، والعملات المشفّرة، والاحتكارات التقنية في إطار تحوّل الحكومة إلى ما يُسمّى «الازدهار العام». تُمنع في الصين مثلاً تجارة الرموز غير القابلة للاستبدال (يُسمح بجمعها فقط) واستخدام العملات المشفّرة. ففي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، اضطرّت منصة «روبلوكس» إلى إيقاف عملها في الصين وسط توقعات بأنّها تحتاج إلى المزيد من الوقت للحصول على الضوء الأخضر التنظيمي.
توجد أيضاً عوامل أخرى يختلف فيها الميتافيرس الصيني. فبينما يركّز معظم الاستكشافات داخل الميتافيرس على البصريات، تقدّم الصوتيات فرصة مهمّة لتطوير الاختلاط الاجتماعي. تلعب مزايا التدفّق الحي والمحتوى الصوتي الذي يصنعه المستخدمون والذي يسهم في تعزيز الصداقات وبناء المجموعات، الدور الأكبر في عودة المستخدمين إلى الميتافيرس الصيني، وأبرزها تطبيق الغناء «وي سينغ»، وعملاق المدونات الصوتية والكتب الصوتية «هيمالايا إف إم». ويركّز معظم التطبيقات الغربية على الوظائف التي تهمّ المستخدمين، بينما تستثمر التطبيقات الصينية رغبة المستهلك في التواصل البشري؛ فحتّى عندما يتواصل النّاس باستخدام شخصيات افتراضية أو شاشات، يضفي الصوت البشري نوعاً من الأنسنة أو الأصالة لأنّه يعطي لمحة عن شخصية الفرد ويشعل مخيلة المستخدم، ما يؤدّي إلى نشأة علاقات أعمق. وفي دولة يشيع فيها الهوس بالتدفّق الحي والصداقة، يستطيع الميتافيرس المدعوم بالصوتيات أن يحقّق توازناً مؤثراً بين مجهولية الهوية والابتكار والأصالة.
مع الإقبال على المزيد من الاندماج بين العالمين الافتراضي والحقيقي، يمكنكم أن تتخيّلوا مثلاً زوجين يستمتعان بجولة تبضّع في منزلهما في الميتافيرس، حيث يستطيعان التبضّع بناءً على تجربتهما المفضّلة في نزهة هادئة في ممرات سوبرماركت حيوي التصميم أو في متجر ذي طابع سيبراني غير مألوف لبيع المنتجات الرقمية المحدودة الإصدار. ولكنّ الفكرة الأساسية هي أنّ المستهلكين ليسوا مهتمين بنسخة ميتافيرس لإعلان منتج ما، بل يتدفّقون إلى الميتافيرس للتواصل مع البشر، لذا على العلامات التجارية ابتكار قيمة حقيقية تحسّن حياة المستهلكين –مع التركيز على الثقافات الفرعية الكثيرة والصيحات والاختلافات بين الريف والمدينة، والتجارب الفريدة.
يشهد الميتافيرس نمواً سريعاً في الصين ويبدو أنّ الشباب الصيني يحبّ هذه العوالم ويضعها في خانة التطوّر الطبيعي، ما يمنحه حريات جديدة ووسائل للتعبير عن نفسه ببناء علاقات اجتماعية حميمة.
* «ذا ديبلومات»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

أفضل الأقفال الذكية

تكنولوجيا القفل الذكي «نوكي«

أفضل الأقفال الذكية

• القفل الذكي «نوكي» Nuki. يتميز القفل الذكي «نوكي» بمكونات عالية الجودة، وقدرات تكامل سلسة، وتصميم أنيق، كما تصفه الشركة. يعتبر هذا القفل المبتكر جديداً على ال

غريغ إيلمان (واشنطن)
علوم تعرف على معلم الذكاء الاصطناعي الجديد... الخاص بك

تعرف على معلم الذكاء الاصطناعي الجديد... الخاص بك

أصبحت تطبيقات المساعدة المعتمدعلى الذكاء الاصطناعي، اليوم، أكثر من مجرد أجهزة للرد الآلي. وفي واقع الأمر، يعدّ كل من «وضع الدراسة» الجديد من «تشات جي بي تي»،

جيرمي كابلان (واشنطن)
الخليج المهندس أحمد الصويان وأنطونيو غوتيريش يبحثان الموضوعات المشتركة وسُبل التعاون (هيئة الحكومة الرقمية)

غوتيريش يشيد بتقدم السعودية النوعي في الحكومة الرقمية

أشاد أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، بما حققته السعودية من تقدم نوعي في مجال الحكومة الرقمية، عادّاً ما وصلت إليه نموذجاً دولياً رائداً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تكشف البيانات أن المستخدمين يلجأون للمساعد لطرح أسئلة صحية وعاطفية وفلسفية وليس فقط لحلول تقنية أو عملية (شاترستوك)

كيف يتحول «مايكروسوفت كوبايلوت» من أداة عمل إلى رفيق يومي للمستخدمين؟

يكشف التقرير أن «كوبايلوت» لم يعد مجرد أداة إنتاجية بل أصبح شريكاً رقمياً يلجأ إليه المستخدمون للعمل والقرارات اليومية بما يطرح تحديات ثقة ومسؤولية للمطوّرين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تُفقد الهيميانوبيا آلاف الناجين من السكتات نصف مجال رؤيتهم وتحدّ بشدة من قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية (أدوبي)

علاج مبتكر وواعد لاستعادة المجال البصري لدى الناجين من السكتات

تقنية تجمع تدريباً بصرياً مع تحفيز دماغي متعدد الترددات أعادت تنسيق الإشارات البصرية لدى مرضى الهيميانوبيا، محققة تحسناً في إدراك الحركة وتوسّعاً في مجال الرؤية

نسيم رمضان (لندن)

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)
صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)
TT

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)
صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)

حذرت مجموعة من الخبراء من قيام نماذج الذكاء الاصطناعي بتحسين مهاراتها في الاختراق، مشيرين إلى أن قيامها بتنفيذ هجمات إلكترونية بشكل كامل بمفردها يبدو أنه «أمر لا مفر منه».

وبحسب موقع «أكسيوس»، سيُدلي قادة من شركتي «أنثروبيك» و«غوغل» بشهادتهم اليوم أمام لجنتين فرعيتين تابعتين للجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب الأميركي، حول كيفية إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة الأخرى لمشهد التهديدات الإلكترونية.

وكتب لوغان غراهام، رئيس فريق اختبار الذكاء الاصطناعي في «أنثروبيك»، في شهادته الافتتاحية التي نُشرت حصرياً على موقع «أكسيوس»: «نعتقد أن هذا هو المؤشر الأول لمستقبل قد تُمكّن فيه نماذج الذكاء الاصطناعي، على الرغم من وجود ضمانات قوية، الجهات المُهدِّدة من شنّ هجمات إلكترونية على نطاق غير مسبوق».

وأضاف: «قد تصبح هذه الهجمات الإلكترونية أكثر تعقيداً من حيث طبيعتها وحجمها».

وحذرت شركة «أوبن إيه آي»، الأسبوع الماضي، من أن نماذج الذكاء الاصطناعي المستقبلية ستمتلك على الأرجح قدرات سيبرانية عالية الخطورة، مما يقلل بشكل كبير من المهارة والوقت اللازمين لتنفيذ أنواع معينة من الهجمات السيبرانية.

بالإضافة إلى ذلك، نشر فريق من الباحثين في جامعة ستانفورد ورقة بحثية توضح كيف اكتشف برنامج ذكاء اصطناعي يُدعى أرتميس ثغرات في إحدى الشبكات التابعة لقسم الهندسة بالجامعة، متفوقاً على 9 من أصل 10 باحثين بشريين شاركوا في التجربة.

كما أفاد باحثون في مختبرات Irregular Labs، المتخصصة في اختبارات الضغط الأمني ​​على نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة، أنهم لاحظوا «أدلة متزايدة» على تحسن نماذج الذكاء الاصطناعي في مهام الهجوم السيبراني.

ويشمل ذلك تحسينات في الهندسة العكسية، وبناء الثغرات، وتسلسل الثغرات، وتحليل الشفرات.

وقبل ثمانية عشر شهراً فقط، كانت تلك النماذج تعاني من «قدرات برمجية محدودة، ونقص في عمق الاستدلال ومشكلات أخرى»، كما أشارت شركة Irregular Labs.

وأضافت الشركة: «تخيلوا ما ستكون قادرة عليه بعد ثمانية عشر شهراً من الآن».

لكن، على الرغم من ذلك، لا تزال الهجمات الإلكترونية التي تعتمد كلياً على الذكاء الاصطناعي بعيدة المنال. ففي الوقت الراهن، تتطلب هذه الهجمات أدوات متخصصة، أو تدخلاً بشرياً، أو اختراقاً لأنظمة المؤسسات.

وقد تجلى ذلك بوضوح في تقرير «أنثروبيك» الصادم الشهر الماضي، إذ اضطر قراصنة الحكومة الصينية إلى خداع برنامج كلود للذكاء الاصطناعي والتابع للشركة ليقنعوه بأنه يُجري اختبار اختراق عادي قبل أن يبدأ باختراق المؤسسات.

وسيُخصص المشرعون جلسة الاستماع اليوم (الأربعاء) للبحث في الطرق التي يستخدم بها قراصنة الدول ومجرمو الإنترنت الذكاء الاصطناعي، وما إذا كانت هناك حاجة إلى أي تغييرات في السياسات واللوائح التنظيمية لتحسين التصدي لهذه الهجمات.


5 توقعات لدور الذكاء الاصطناعي المتنامي في الإعلام عام 2026

5 توقعات لدور الذكاء الاصطناعي المتنامي في الإعلام عام 2026
TT

5 توقعات لدور الذكاء الاصطناعي المتنامي في الإعلام عام 2026

5 توقعات لدور الذكاء الاصطناعي المتنامي في الإعلام عام 2026

يدخل قطاع الإعلام مرحلة محورية في علاقته بالذكاء الاصطناعي، تتسم بتسارع تبنيه وازدياد التحديات. وفيما يلي خمسة توقعات رئيسية لعام 2026، تسلط الضوء على كيفية إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي للصحافة والنشر والعلاقات العامة، كما كتب بيت باشال (*):

حقوق النشر

1.تفاقم نزاعات حقوق النشر

من المتوقع أن يتفاقم الجدل العالق حول حقوق النشر بين الناشرين وشركات الذكاء الاصطناعي قبل أن يتحسن. ورغم وجود اتفاقيات ترخيص، فإن التوتر الأساسي لا يزال قائماً: إذ يطالب الناشرون بتعويضات مقابل استخدام المحتوى، بينما تدافع شركات الذكاء الاصطناعي عن مبدأ الاستخدام العادل.

يلجأ كثير من الناشرين حالياً إلى حظر برامج زحف الذكاء الاصطناعي، ما يحد من الوصول إلى البيانات الحديثة، ويجعل أدوات الذكاء الاصطناعي أقل تنافسية. ومع ذلك، تتمتع «غوغل» بميزة فريدة نظراً لتوحيد محرك البحث وبرامج زحف الذكاء الاصطناعي لديها، فلا يمكن لأي ناشر حظر محرك بحث «غوغل».

ويضع هذا الوضع المنافسين، مثل «أوبن إيه آي» و«بيربليكسيتي»، في موقف غير مواتٍ، ويتوقع باشال أن تُعطي شركات الذكاء الاصطناعي الأولوية للتنافسية على حساب الامتثال لأوامر الآخرين.

غرفة الأخبار

2. تحوّل غرف الأخبار نحو منتجات الذكاء الاصطناعي لجني الإيرادات

يتطور دور الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار من مجرد أدوات لرفع الكفاءة إلى منتجات مُدرّة للدخل.

ويعكس تبني صحيفة «نيويورك تايمز» للذكاء الاصطناعي في مجال النسخ وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي ازدياد الثقة بهذه التقنية. والأهم من ذلك، أن مبادرات مثل «Times AI Agent»، التي تُحوّل الأرشيفات إلى مجموعات بيانات جاهزة للذكاء الاصطناعي، تُشير إلى توجه نحو منتجات الذكاء الاصطناعي القابلة للاستثمار.

وبينما لا تزال الربحية غير مؤكدة، فإن الناشرين يُبدون استعداداً كبيراً للتجربة، على الرغم من الجدل الدائر، مثل ردة فعل نقابة «بوليتيكو» (Politico) على أداة ذكاء اصطناعي لقسمها المتميز. ويُشير هذا التوجه إلى أن الذكاء الاصطناعي سيُصبح جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات المنتجات التي تهدف إلى تحسين الأرباح.

انتعاش قطاع العلاقات العامة

3. نهضة العلاقات العامة «الرشيقة»

على عكس التوقعات بتراجعها، تشهد العلاقات العامة انتعاشاً مدفوعاً بالذكاء الاصطناعي. يُولي الذكاء الاصطناعي التوليدي أهميةً بالغةً للمصداقية عبر منصات متعددة، ما يجعل الاستشهاد الواسع النطاق أكثر أهمية من أي وقت مضى. تُعزز هذه الديناميكية أهمية العلاقات العامة، حيث يُسهم تأمين التغطية - حتى على المواقع الصغيرة - في تعزيز الظهور في الأنظمة البيئية القائمة على الذكاء الاصطناعي.

مع ذلك، يواجه القطاع ضغوطاً لتبني الذكاء الاصطناعي في توليد المحتوى لخفض التكاليف، ما يُجبر شركات العلاقات العامة على أن تُصبح أكثر رشاقةً وذكاءً. والنتيجة هي قطاع علاقات عامة مُعزز ولكنه مُتحول، يتكيف مع تأثير الذكاء الاصطناعي على المحتوى والمصداقية.

أصالة الكتابة البشرية

4. الأصالة تُعيد تأكيد ذاتها

على الرغم من المخاوف من هيمنة الذكاء الاصطناعي على الصحافة، فإن الكتابة البشرية تظل أساسية. فبينما يُمكن للذكاء الاصطناعي البحث والكتابة، فإن استخدامه يُغير ثقة الجمهور وعلاقاته.

استعادت الأصالة أهميتها، حيث يُنظر إلى سرد القصص الذي يقوده الإنسان كأنه عامل تمييز. لا يزال الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً داعماً، ما يُتيح التوسع الفعّال من حيث التكلفة في صيغ، مثل مقاطع الفيديو التوضيحية القصيرة. وفي نهاية المطاف يعمل الذكاء الاصطناعي بوصفه مُسرِّعاً وليس بديلاً، ما يُساعد وسائل الإعلام على التنويع دون التضحية بالأصالة.

التوجه المباشر إلى الجمهور

5. التركيز على الجماهير مباشرة

يستعد الناشرون لعالم يسمى «غوغل الأصغر»، حيث يُعد الاعتماد على ما تقدمه محركات البحث المحسنة أمراً محفوفاً بالمخاطر؛ لذا تتجه الأولوية نحو بناء علاقات مباشرة مع الجمهور من خلال التطبيقات الخاصة والنشرات الإخبارية والفعاليات المباشرة، وهي قنوات تتميز بتفاعل وولاء أكبر.

ومع ذلك، مع تبني مزيد من الناشرين لهذه الاستراتيجيات، ستشتد المنافسة على جذب الانتباه.

الصورة الأكبر

لم يعد تبني الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام خياراً. مع استخدام 34 في المائة من الأشخاص للذكاء الاصطناعي في البحث عن المعلومات - أي بارتفاع من 18 في المائة قبل عام - وإدراج أكثر من نصف الصحافيين للذكاء الاصطناعي في سير عملهم أسبوعياً، يتكيف القطاع الإعلامي بسرعة. وبينما لا تزال مسائل حقوق النشر وتحقيق الربح عالقة، يُتوقع أن يكون عام 2026 هو العام الذي تُعدّ فيه شركات الإعلام دليلها الخاص للبقاء في عصر الذكاء الاصطناعي.

*مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا»


هيمنة شركة «أوبن إيه آي» على سوق الذكاء الاصطناعي تهتز بعد 3 سنوات صدارة

ستبقى شركة «أوبن إيه آي» اليافعة من سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة رمزاً للعبقرية التي أطلقت الذكاء الاصطناعي التوليدي وأتاحته على أوسع نطاق (رويترز)
ستبقى شركة «أوبن إيه آي» اليافعة من سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة رمزاً للعبقرية التي أطلقت الذكاء الاصطناعي التوليدي وأتاحته على أوسع نطاق (رويترز)
TT

هيمنة شركة «أوبن إيه آي» على سوق الذكاء الاصطناعي تهتز بعد 3 سنوات صدارة

ستبقى شركة «أوبن إيه آي» اليافعة من سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة رمزاً للعبقرية التي أطلقت الذكاء الاصطناعي التوليدي وأتاحته على أوسع نطاق (رويترز)
ستبقى شركة «أوبن إيه آي» اليافعة من سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة رمزاً للعبقرية التي أطلقت الذكاء الاصطناعي التوليدي وأتاحته على أوسع نطاق (رويترز)

حقق برنامج «تشات جي بي تي» نجاحاً باهراً ارتقى بشركة «أوبن إيه آي» سريعاً إلى مصاف عمالقة التكنولوجيا. لكن بعد ثلاث سنوات من الصدارة، بات هذا الموقع الريادي مهدداً بفعل اشتداد المنافسة، ما يثير انتقادات وشكوكاً في أوساط القطاع الرقمي والمستثمرين.

كتب المستثمر مايكل بوري الذي اشتُهر بفضل فيلم «ذي بيغ شورت»، على منصة «إكس» مطلع ديسمبر (كانون الأول): «(أوبن إيه آي) هي (نتسكيب) المقبلة، مصيرها الفشل وتستنزف أموالها»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويشير بوري في هذا المنشور إلى بوابة «نتسكيب» الإلكترونية التي كانت تسيطر على ما يقرب من 90 في المائة من سوق متصفحات الإنترنت في أوائل عام 1996، لكنها لم تعد تستحوذ إلا على أقل من 1 في المائة من هذه السوق بعد تسع سنوات.

حقق برنامج «تشات جي بي تي» نجاحاً باهراً ارتقى بشركة «أوبن إيه آي» سريعاً إلى مصاف عمالقة التكنولوجيا (رويترز)

وقال غاري ماركوس، الباحث المعروف بتشكيكه في هيكلية منظومة الذكاء الاصطناعي: «كان هذا حتمياً. فقدت (أوبن إيه آي) ريادتها وبالغت كثيراً في خطواتها».

ستبقى هذه الشركة اليافعة من سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، رمزاً للعبقرية التي أطلقت الذكاء الاصطناعي التوليدي وأتاحته على أوسع نطاق.

حقق برنامج الدردشة الآلي الشهير «تشات جي بي تي» التابع لشركة «أوبن إيه آي» نمواً قياسياً غير مسبوق، إذ ارتفع عدد مستخدميه من الصفر تقريباً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 إلى أكثر من 800 مليون مستخدم أسبوعياً حالياً.

وبلغت قيمته السوقية 500 مليار دولار، وهو رقم أتاح البقاء في موقع الريادة بفارق كبير إلى أن نجحت «سبايس إكس» في التفوق عليه قبل أيام.

لكن في المقابل، من المتوقع أن تنهي «أوبن إيه آي» العام بخسارة بمليارات الدولارات، ولا تتوقع تحقيق أرباح قبل عام 2029.

وقد التزمت الشركة نفسها بدفع أكثر من 1.4 تريليون دولار لشركات تصنيع الرقائق الإلكترونية وجهات معنية ببناء مراكز البيانات لزيادة قدرتها الحاسوبية بشكل كبير، وهو أمر بالغ الأهمية لتطوير الذكاء الاصطناعي.

ويثير مسارها المالي تساؤلات، خصوصاً في ظل إعلان «غوغل» أن واجهتها للذكاء الاصطناعي «جيميناي» Gemini AI باتت تضم 650 مليون مستخدم شهرياً.

باتت منصة «غوغل» للذكاء الاصطناعي «جيميناي» Gemini AI تضم 650 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

«حصة من الكعكة»

وأظهر الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» سام ألتمان، وهو رجل بارع في مجال التجارة وصاحب شخصية جذابة، علامات استياء لأول مرة في أوائل نوفمبر عندما سُئل عن هذه العقود الضخمة بأكثر من ألف مليار دولار.

بعد أيام قليلة، حذّر في رسالة داخلية من أن الشركة تواجه خطر «بيئة مضطربة» و«مناخاً اقتصادياً غير موات»، متحدثاً عن تقدّم «غوغل» في المنافسة.

ثم أصدر إنذاراً عاجلاً حثّ فيه فرقه على تركيز جهودهم على «تشات جي بي تي».

الخميس، كشفت «أوبن إيه آي» عن نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي «جي بي تي 5.2» الذي يُصنّف أداؤه من بين الأفضل في معايير عدة، وأعلنت في اليوم نفسه عن شراكة رئيسية مع «ديزني».

يقول الشريك في شركة الاستثمار المباشر «فاونديشن كابيتال» Foundation Capital آشيو غارغ إن «(أوبن إيه آي) تستثمر مبالغ طائلة في تطوير نماذجها، لكن من غير الواضح كيف سينعكس ذلك اقتصادياً».

بالنظر إلى الخسائر المالية التي تتكبدها والتزاماتها الكبيرة، تُطرح علامات استفهام وفق آشيو غارغ عن تقييم «أوبن إيه آي» التي «تجمع حالياً أموالاً بأسعار تُثير تساؤلات حول عائد الاستثمار».

يقول إسبن روباك، الخبير المرموق في تقييم الأصول غير المدرجة لدى شركة بلوريس للاستشارات المالية: «لطالما توقعتُ انخفاض قيمة (أوبن إيه آي) السوقية نظراً لتزايد حدة المنافسة وعدم ملاءمة هيكلها الرأسمالي، لكنها تستمر في الارتفاع».

ويرى البعض أن هذه الفترة المضطربة قد تدفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل طرحها الأولي للاكتتاب العام، أو على العكس، تسريعه لجذب المستثمرين الأفراد الذين لا يزال ملايين منهم مهتمين بها.

كما ينتقد البعض شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة لتنويعها المفرط لأنشطتها، بدءاً من البنية التحتية وصولاً إلى شبكة «سورا» الاجتماعية للفيديوهات، وحتى تصميم جهاز متصل بالإنترنت.

لكن باستثناء بعض المعلقين المتشددين، لا تتوقع سوى قلة قليلة انهيار «أوبن إيه آي».

ويتوقع المحلل في مركز البحوث والتحليلات المالية CFRA أنجيلو زينو أنه «لن يكون هناك فائز» في سباق الذكاء الاصطناعي، «لكن لا بد من وجود عدة مزودين لنماذج عالية الجودة»، ومن بينهم «أوبن إيه آي» التي يرى أنها قادرة على النجاح من دون أن تبقى في الصدارة.

ويبدو أيضاً أن العديد من الاتفاقيات المبرمة مع مزودي خدمات الحوسبة والمعالجات والحوسبة السحابية تتضمن شروطاً مرنة إلى حد كبير.

في هذه الأوقات المضطربة، يُعدّ وجود مساهم رئيسي مثل «مايكروسوفت» (27 في المائة من رأس المال) أمراً بالغ الأهمية، لا سيما أن الشراكة الوثيقة مع مُبتكر نظام «ويندوز» تضمن لـ«أوبن إيه آي» إيرادات متكررة وكبيرة.

ويؤكد أنجيلو زينو أن «كل هذه الشركات ستحصل على حصتها من الكعكة، وسيزداد حجم الكعكة بشكل كبير».