«تحت سقف واحد»... لوحات فنية تدعو إلى لمّ الشمل

لوحة «الحضن» تتناول شخصية الأب في العائلة الواحدة
لوحة «الحضن» تتناول شخصية الأب في العائلة الواحدة
TT

«تحت سقف واحد»... لوحات فنية تدعو إلى لمّ الشمل

لوحة «الحضن» تتناول شخصية الأب في العائلة الواحدة
لوحة «الحضن» تتناول شخصية الأب في العائلة الواحدة

لطالما ردد الأجداد في الماضي، عبارة «نحمد الله على وجود سقف فوق رأسنا»، ولصغر سننا لم نكن نستوعب معناها الحقيقي. نتطلّع إلى الأعلى، نبحث عما يحمله سقف المنزل بعد أن نقيسه بنظرنا يميناً ويساراً، لعلنا نكتشف مغزى كلام من هم أكبر منا.
الفنان التشكيلي السوري طارق بطيحي، أدرك أهمية هذا السقف عندما كبر ورزق بالأولاد. وعلم أنه يعني الأمان، وأن أفراد العائلة الواحدة عندما يجتمعون تحته، يكونون في منأى من أي مخاطر قد تداهمهم. ومن هذا المنطلق رسم مجموعة من اللوحات التعبيرية، وعرضها في غاليري «آرت أون 56» في منطقة الجميزة، بعنوان «تحت سقف واحد».

لوحة «الندبة» التي تضررت في انفجار بيروت وأعاد بطيحي عرضها

 

يقدم طارق في لوحاته صوراً، يستذكرها من مخيلته، وتمثل الجد والجدة والطفل والأم والأب، يرافقها بتعابير فنية غنية بالمشاعر ليؤكد على أهمية لمّ شمل العائلة. فكما المسن والشاب، كذلك الزوج والزوجة والأشقاء، عندما يعيشون تحت سقف منزل أو دار، يكونون محميين برأيه. أما السقف الحقيقي الذي أراد الإشارة إليه في لوحاته من الـ«أكليريك»، فهو سقف الوطن. فالإنسان من دون وطن، يبقى في حال ضياع وتشرد. فما حال عدد كبير من سكان الكرة الأرضية بأكملها، الذين يعانون من التشتت والاضطراب؟
يعلق طارق بطيحي لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «جميعنا سكان الأرض، لا نشعر بالأمان، ولا سيما في الوطن العربي. وبعيد حصول انفجار بيروت تأثرت كثيراً بمشاهد قاسية، فيها الكثير من المعاناة. وكوني من سوريا وعشت تجربة الحرب، فقد تأثرت بما يحصل في لبنان، وشعرت بأن الأوطان تتشابه، وأن الإنسان في بيروت أو دمشق أو أي عاصمة أخرى يعاني من أزمات متشابهة. من هنا ولدت عندي فكرة المعرض، كي أبرز هذا اللا أمان الذي يحيط بنا، ونراه جلياً في عيون الناس الذين نلتقيهم».

«عروس بيروت» التي تمثل بيروت المجروحة

 

شخصيات لوحات طارق بطيحي حزينة في مجملها، وغارقة ببحر من الهموم. هنا أب يحمل ابنه محني الرأس، لا يعرف كيف يواجه مصيره الغامض، وهناك فتاة يغلبها التعب وهي تنظر إلى الأعلى. وفي لوحات أخرى يأخذنا طارق إلى آفاق البحر وزرقته بحيث يلفتنا رجل يغرق فيه إلى حد الاختناق، فيما عروس تدير ظهرها للأزرق المتوسط، مع نظرات تدل على الإحباط.
ويوضح بطيحي: «أعمل عادة على الحالة التعبيرية عند الإنسان. وهذه الصور التي جسدتها في لوحاتي تنبع من الواقع، وقد استخدمت ألواناً فاقعة، وأخرى دافئة، كي أبرز هذا التناقض في المشاعر عند الناس. ولذلك تلاحظين أن بعض هذه اللوحات يحمل منحى تجريدياً، كي يغوص الناظر إلى اللوحة في أعماقها، ويستنتج الرسالة التي أريد إيصالها على طريقته».

لوحة «الغارق» ضمن لوحات طارق بطيحي في غاليري «آرت أون 56»
 

الأزرق يحضر بقوة في لوحات الفنان التشكيلي طارق بطيحي، ويمكن لزائر المعرض أن يفهم هذه الزرقة بأنها السماء أو البحر، أو حتى غلاف أمان تتقوقع في داخله تلك الشخصيات. فهذه الأسئلة التي يطرحها مشاهد اللوحات على نفسه، تترجم أسلوب الرسام. ويوضح: «الأزرق بشكل عام، لون يريح النظر ويبعث على الأمل. وقد استوحيته بداية من لون البحر ومن ثَم أصبح عنصراً أساسياً في لوحاتي، يهدّئ من وقع ألوان أخرى صاخبة. كما أشعر أن اللوحة الواضحة المعالم التي تميل إلى الفن التعبيري فقط، لم تعد تغريني. لذا اتبعت في بعضها التلميح والتجريدي، كي أفسح أمام المشاهد الفرصة لتوسيع نظرته للأمور. فهذه الخطوط الغامضة التي تعتري لوحاتي تشبع رغباتي الفنية أكثر وتوسع آفاقي».
وبين لوحات «الحضن»، و«الجدة»، و«عروس بيروت»، و«الكاب الأصفر»، و«الندبة» وغيرها، تجذبك وجوه شخصيات هذه اللوحات. فهي تنظر إليك مباشرة بعيون مليئة بالأمل حيناً وبالحلم والصلابة أحياناً أخرى. ونسأله عن سبب تسميته إحدى اللوحات بـ«عروس بيروت»، فيرد: «إنها بيروت عروس المدن، التي استفاقت في أحد الأيام مذعورة على صوت دوي انفجار. لقد سيجتها بالأبيض كي تبقى رمزاً من رموز الأمل والفرح. ولكن، كما تلاحظين فإن عينيها حزينة لأن جرحها لم يندمل بعد».

الرسام طارق بطيحي في معرضه «تحت سقف واحد»
 

هذا الجرح الذي يتحدث عنه طارق، أصاب واحدة من لوحاته بالمعنى الحقيقي وليس المجازي. وأطلق عليها اسم «الندبة»، لأن انفجار بيروت تسبب بإصابتها في وسطها. «هي لوحة تعني لي الكثير. كانت حاضرة هنا في هذا الغاليري في 2 أغسطس (آب) استعداداً لمشاركتي في معرض جماعي يقام في 6 منه. عندما وقع انفجار بيروت في 4 أغسطس، طالتها شظاياه بشكل ملحوظ. اليوم، أعيد عرضها هنا في المكان نفسه معلقة على الحائط نفسه الذي تضرر من الانفجار».
لوحات طارق بطيحي ليست مجرد رسمات كما يقول، فهو يعتبرها أشخاصاً يمثلون الإنسان في أحواله المختلفة. «إن النسيج الذي أرسمه في كل لوحة، يشبه إلى حد بعيد الأعصاب والخلايا عند الإنسان. أشعر كأنه من لحم ودم، وجروحه حقيقية تطيب وتشفى بريشتي».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.