«جيش البحر» التونسي يقود العمليات لتفادي كارثة بيئية قبالة قابس

رجال يقفون بجوار قارب على الشاطئ بينما يُرى قارب عسكري في الخلفية قبالة سواحل قابس حيث غرقت السفينة (رويترز)
رجال يقفون بجوار قارب على الشاطئ بينما يُرى قارب عسكري في الخلفية قبالة سواحل قابس حيث غرقت السفينة (رويترز)
TT

«جيش البحر» التونسي يقود العمليات لتفادي كارثة بيئية قبالة قابس

رجال يقفون بجوار قارب على الشاطئ بينما يُرى قارب عسكري في الخلفية قبالة سواحل قابس حيث غرقت السفينة (رويترز)
رجال يقفون بجوار قارب على الشاطئ بينما يُرى قارب عسكري في الخلفية قبالة سواحل قابس حيث غرقت السفينة (رويترز)

أكدت رئاسة الجمهورية التونسية أن فريقاً تابعاً لـ«جيش البحر» التونسي مكوناً من مجموعة من الغواصين أنهى معاينة وضعية الباخرة المنكوبة، وتمكن من تحديد المواقع التي تقتضي التدخل السريع، كما تأكد من أن شحنة الوقود لا تزال محكمة الإغلاق.
وقالت إن هذه العملية جرت بتنسيق مع سائر الجهات المعنية؛ خصوصاً وزارة البيئة ووزارة النقل، إلى جانب السلطات الحكومية في قابس (جنوب شرقي تونس).
جاءت تلك التأكيدات في وقت تزداد فيه شكوك محلية حول مماطلة أصحاب الباخرة في مغادرة السواحل التونسية وتعريض السفينة للغرق سعياً لحصول مالكيها على تعويضات من كبرى شركات التأمين.
وفي هذا الشأن، قال مبروك كورشيد، الوزير التونسي السابق لأملاك الدولة، إن «هذه الباخرة مارقة، وهي على ما يبدو تسير بوثائق مزورة بعد أن كشفت التحقيقات الأولية عن أنها لا تمتلك شهادة شحن»، وأكد أنها انطلقت بعلم دولة أفريقية ثم غيرته إلى علم دولة أفريقية أخرى. وأضاف: «القرائن تؤكد أنها عملية تهريب للمحروقات، وقد تم إغراق الباخرة والتخلص منها؛ لأنها لم تعد مفيدة في عمليات التهريب». وعدّ أن سماح السلطات التونسية لـ«باخرة مارقة لا تحمل وثائق قانونية بدخول مياهها الإقليمية قد يحملها جزءاً من المسؤولية»؛ على حد تعبيره.
من ناحيتها؛ أضافت رئاسة الجمهورية التونسية أن ما لوحظ على سطح مياه البحر على مقربة من السفينة الغارقة بـ750 طناً من المحروقات، كان من تأثير بنزين خلال الساعات الأخيرة مصدره محركات السفينة وبكمية محدودة.
وأكدت أن تونس تلقت اتصالات من دول عدة أعربت عن استعدادها لتقديم يد المساعدة وتوجيه ما تحتاجه من دعم حتى تتجنب أي كارثة بيئية. وقالت إن التنسيق متواصل بين كل الأطراف للسيطرة على هذه الحادثة وذلك تحت قيادة «جيش البحر».
وكانت إيطاليا أعلنت عن وضع بارجتين ومروحيات وطائرة «درون» تعمل تحت الماء لدعم الجهود التونسية بعد غرق السفينة. ووضع الجيش الإيطالي هذه المعدات للمراقبة والتحكم في أي تسرب نفطي وفق ما أعلنت عنه وكالة الأنباء الإيطالية «أنسا».
ويوجد على متن السفينة المتجهة نحو مكان الحادث قبالة السواحل الشرقية لتونس، فريق تابع للقوات الخاصة للبحرية الإيطالية وهو مجهز بطائرة «درون» تعمل تحت الماء للتحقق من حالة السفينة التي غرقت على بعد 3 أميال من سواحل قابس وتحت عمق 15 متراً. كما أُعدّت سفينة أخرى، وهي في حالة تأهب مع طائرة دورية بحرية قادرة على مراقبة المنطقة وتحديد أي تسرب للمحروقات.
وكانت السلطات التونسية أكدت إنقاذ طاقم الباخرة المنكوبة الذي يضم 7 أفراد من جنسيات مختلفة، ويتكون الطاقم من قبطان جورجي، و4 أتراك، واثنين من أذربيجان، وقد نُقلوا إلى مستشفى ثم جرى إيواؤهم في فندق، وهم في حالة صحية عادية.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».