الحرب الروسية - الأوكرانية: صعوبات تحول دون الالتزام بـ«عيد النصر»

أفراد من القوات الموالية لروسيا على يقودون دبابات قرب ميناء ماريوبول (رويترز)
أفراد من القوات الموالية لروسيا على يقودون دبابات قرب ميناء ماريوبول (رويترز)
TT

الحرب الروسية - الأوكرانية: صعوبات تحول دون الالتزام بـ«عيد النصر»

أفراد من القوات الموالية لروسيا على يقودون دبابات قرب ميناء ماريوبول (رويترز)
أفراد من القوات الموالية لروسيا على يقودون دبابات قرب ميناء ماريوبول (رويترز)

لا يزال التاسع من مايو (أيار) الموعد المرتقب لإعلان موسكو إحراز تقدم كبير في الحرب على أوكرانيا، وذلك في الذكرى السنوية للنصر على ألمانيا النازية، والذي تحتفل به روسيا في العادة بعرض عسكري ضخم وكلمة للرئيس فلاديمير بوتين.
بيد أن اقتراب الموعد لم يحمل تبدلات ميدانية تُذكر في إقليم دونباس الذي أعلنت روسيا أن «تحريره» هو هدفها من هذه الحرب. ويفسر عدد من المراقبين بطء التحضيرات الروسية لبدء المرحلة الثالثة من العملية العسكرية بصعوبات كبيرة تواجهها القيادة العسكرية الروسية، وبالإخفاق في الاستفادة من الأخطاء التي ظهرت أثناء المعارك قرب كييف وفي الشمال الشرقي الأوكراني.
نشر «معهد دراسة الحرب» (ISW) في تقييمه اليومي لعمليات 17 أبريل (نيسان)، أن القوات الروسية احتلت عملياً ميناء ماريوبول ووصلت إلى مرفأ المدينة، على الرغم من إنكار سلطات كييف. ولم يبقَ سوى مجموعات قليلة من الجنود الأوكرانيين موزعة في بعض الأحياء، إضافة إلى بضع مئات أكثرهم من كتيبة «آزوف» محاصرين في مصنع «آزوف ستال». ويضيف التقييم أن الكتائب الروسية التي شاركت في معارك كييف راحت تظهر في شرق أوكرانيا من دون أن يبدو أنها أعادت تنظيم ذاتها وتعبئة صفوفها التي يغلب عليها المفتقرون إلى الخبرة اللازمة ومن دون سد النواقص في الرجال والعتاد، فيما يُدفع عناصر قوات جمهوريتي دونباس ولوغانسك إلى الخطوط الأمامية.
ويستبعد المعهد أن تستطيع الكتائب المذكورة القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق تتجاوز الهجمات التكتيكية التي تشنها حالياً على محور ازيوم - روبيجنيه. وفي ظل الحاجة الماسة إلى تعويض الخسائر البشرية، يشير التقييم إلى صور ظهرت على موقع روسي للتواصل الاجتماعي لممول شركة «فاغنر» التي تتعاطى تجنيد المرتزقة يفغيني بريغوجين، في شرق أوكرانيا، فيما يبدو أنه جهد يشجع الكرملين عليه لضم مزيد من المقاتلين مدفوعي الأجر إلى الشركة.

ويرجع عدم شن الجيش الروسي لهجومه الذي طال انتظاره على المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الأوكرانية من الدونباس، إلى أن موسكو تبحث عن وسائل تقيها شر التعرض لهزيمة جديدة، حتى لو استغرق ذلك وقتاً وأضاع مناسبة عيد النصر في التاسع من مايو. ذاك أن المراقبين العسكريين الغربيين وصلوا إلى استنتاجات تضع الصعوبة التي سيواجهها الجانب الأوكراني في منع القوات الروسية من احتلال أجزاء من الأراضي الأوكرانية في مقابل ما يصفونه بـ«الأمراض المزمنة» التي يعاني منها الجيش الروسي، والتي ساد اعتقاد في الأعوام القليلة الماضية أن عملية التحديث التي أشرف بوتين عليها قد عالجت مكامن الخلل الكبيرة في الجيش.
المشكلة الكبرى، بحسب هؤلاء، هي الطبيعة شديدة المركزية لآلية اتخاذ القرار في القيادة العسكرية الروسية، ما يحرم المستويين المتوسط والأدنى من القادة من حرية المبادرة والعمل المستقل. وفي السياق ذاته، تحل صعوبة تبديل الخطط والنقص في المرونة بسبب جملة من المعطيات المتعلقة، من جهة بالتربية التي يتلقاها الضباط الروس وتضعهم في معزل عن الجنود وما يعاينون في الميدان من أخطاء. الجمود والمركزية المفرطة يتحملان مسؤولية كبيرة في انهيار سلسلة التحكم والقيادة التي انعكست انفلاتاً في سلوك الجنود الروس الذين انطلقوا في موجة من أعمال القتل والسرقة على ما يرى المراقبون.

جانب آخر يحتل حيزاً من النقاش يتعلق بمدى نجاح جيش حديث في تحقيق أهداف القيادة السياسية ما دام الفساد مستشرياً في كل مفاصل البلاد الاقتصادية والاجتماعية وفي ظل نظام استبدادي. ظهر ذلك في انخفاض الروح القتالية والمعنوية عند الجنود الروس وفي هجرهم آلياتهم ودباباتهم ما إن يفرغ منها الوقود، وفي سوء نوعية الغذاء الموزع على القوات ومشكلات الإمداد واللوجيستيات عموماً. وبحسب الخبراء، فإن الجيوش الحديثة هي انعكاس لأحوال مجتمعاتها ويصعب بناء قوات قادرة على تحقيق انتصارات نوعية، ما لم يؤمن الجنود بتفوق سياسي أو آيديولوجي أو أخلاقي معين لبلادهم. يضاف إلى ذلك أن التكنولوجيا الروسية، لم يثبت فقط أنها أقل تقدماً من نظيرتها الغربية في ساحة المعركة، بل ثبت أيضاً أن الأسلحة التي راهنت روسيا عليها كعناصر للتفوق على الأوكرانيين، قد أسيء تجهيزها وتخزينها وصيانتها، بحيث وصلت إلى ميدان القتال وقد فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها العملانية.
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الجيش الروسي سيفوت موعد التاسع من مايو مضطراً بسبب تنوع المشكلات الهيكلية التي كشفتها الجولة الأولى من الحرب، فلا شيء يدعو إلى الاعتقاد بأن موسكو ستتخلى عن الحرب كخيار استراتيجي في تناولها المسألة الأوكرانية. وما من بوادر لتخلي روسيا عن اعتمادها على الكم بدل النوع حتى لو كلف الاعتماد هذا خسائر بشرية ومادية ضخمة.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، بينما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.