السودان: حميدتي يرهن عودة العسكريين للثكنات بوقف تهديدهم
رهن نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، عودة القوات العسكرية للثكنات وتسليم السلطة للمدنيين، بترتيبات عدالة واضحة ومحددة، كذلك ووقف تهديد القادة العسكريين. وقطع بعدم تسليم العودة للثكنات إذا كانت «السكاكين» تشهر في وجوههم، في الوقت الذي قطع فيه بعدم التدخل في شؤون القضاء والعدالة، مؤكداً عدم وجود معتقلين سياسيين، وأن إطلاق سراح السياسيين المقبوض عليهم رهين بالأجهزة العدلية. وقال نائب مجلس السيادة، الذي يشغل في ذات الوقت قائد قوات الدعم السريع، عقب إفطار رمضاني نظمته إدارات أهلية في شرق العاصمة الخرطوم إن «بعض القوى السياسية تطالب القوات النظامية بالعودة للثكنات، والعسكريون لا يمانعون العودة، لكنهم لن يعودوا، لأن هناك من يتآمر عليهم ويشحذ سكينه ويضعها على رقابهم بهدف محو القوات النظامية من الوجود». وأضاف: «مثلما يقول الجماعة، نحن موافقون على أن نمشي لثكناتنا، لكن الحكاية لو كانت بدون عدالة فلا يمكن أن نذهب لثكناتنا، وهناك من يسن سكينه لذبحنا». وتابع موجهاً حديثة للمطالبين بعودة القوات العسكرية للثكنات وعودة الحكم المدني: «أنت تسن سكينك ليل نهار لتذبحني، فكيف أمشي لثكناتي، والله ما بمشي». وجاء خطاب حميدتي ضمن سلسلة خطابات رمضانية اتسمت بالتصالحية من قبل رئيس مجلس السيادة ونائبه، وتستهدف حل الأزمة السياسية الخانقة التي تشهدها البلاد منذ تولي الجيش الحكم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وشدد حميدتي على أهمية تحقيق العدالة وتنفيذ حكم القانون على كل شخص مدان، وإطلاق سراح من لم تثبت في حقه أي جريمة، نافياً وجود معتقلين سياسيين. من جانبه وعد رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان بإطلاق سراح المعتقلين في غضون أيام، قائلاً: «هناك متهمون ينبغي استكمال إجراءاتهم وفقاً للقانون. الحكم أساسه العدل ولن نتدخل في قضية أمام القضاء، فقط سنستعجل إجراءات الفصل في القضايا، وأن يتمتع من في السجون بحقوقهم كافة، بما في ذلك مقابلة محاميهم وأسرهم». وانتقد حميدتي ما أطلق عليه «محاولات البعض» لتمرير أجنداتهم الخاصة عبر الوسطاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وتمديد الفترة الانتقالية لأطول مدة ممكنة، قائلاً: «السبيل الوحيد للحكم هو الانتخابات». وسخر من محاولات البعض تشبيه اتفاق السلام بأنه مؤامرة منه ضد أهل شمال السودان، مشيراً إلى أن هذا الحديث يراد به شيطنته. وأضاف أنه يعي تماماً أن أهل الشمال تعرضوا للظلم مثلما تعرضت باقي أقاليم السودان. وحمل حميدتي المسؤولية عن سوء الخدمات وشح مياه الشرب والكهرباء في الخرطوم لنظام الإسلاميين المعزول، وقال: «المسؤولية يتحملها الذين حكموا السودان لثلاثين عاماً باسم الدين، وعجزوا عن توفير الماء لسكان الخرطوم، رغم وجود نيلين. الدين بريء منهم لأن الدين وفاء وإخلاص ليس مجرد حديث وشعارات». وأشار حميدتي إلى ما سماها بـ«المتاريس» التي توضع أمام اللجنة الاقتصادية التي يترأسها، وتتمثل في «الحسد والنفاق والكذب»، دون أن يحدد من وضعوا تلك المتاريس.
الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.
واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.
وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.
وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.
وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.
وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
تطييف القطاع الطبي
في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.
وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.
وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.
إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.
وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.
وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.
وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.
استهداف أولياء الأمور
في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.
وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.
في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.
ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.
وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.
ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.
وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.