«حوازيق» يحاول رد الاعتبار للكوميديا السورية المتعثرة

سلمى المصري... رهان رابح في البطولة

سامية الجزائري وسلمى المصري
سامية الجزائري وسلمى المصري
TT

«حوازيق» يحاول رد الاعتبار للكوميديا السورية المتعثرة

سامية الجزائري وسلمى المصري
سامية الجزائري وسلمى المصري

تحاول الكوميديا السورية «حوازيق» إضافة ضحكة إلى الموسم الرمضاني. بحلقات متصلة- منفصلة، تواجه الشخصيات مواقف لم تخطر على بالها، تضحك حيناً وترتبك حيناً آخر. الشخصيتان الرئيسيتان: سلمى المصري بدور «أم مطيع»، ووائل رمضان بدور شقيقها «أبو حازم»، يمسحان الهم عن القلب. تضاف إليهما شخصيات، بعضها يرفع المستوى وبعضها لا يقدم الكثير.
يكتب زياد ساري مسلسلاً من ثلاثين حلقة قصيرة، تعرضها «لنا»، و«سوريا دراما» وسواهما، وتطبيق «وياك». في نيته محاولة دفع الكوميديا السورية إلى الأمام بعد تعثرها واهتزاز حضورها. يترك للمخرج رشاد كوكش إدارة اللعبة بكاميرا تطارد عفوية الشخصيات وخفة ظلها. تسلُّم سلمى المصري القيادة، رهان في محله. تستطيع تحمل مسؤولية مسلسل المطلوب منه إحداث حالة، كما فعل قبله «ضيعة ضايعة» مثلاً. فطموح شركة «أفاميا» للإنتاج، يتخطى تقديم عمل كوميدي إلى محاولة إعادة الزخم للكوميديا السورية، ورد الاعتبار لموقعها في الصدارة.
سلمى المصري في البطولة، بوصلة المسلسل. هي أم لثلاثة أبناء غريبي الأطوار، لكل منهم صراعاته الداخلية والخارجية: رونالدو خزوم بشخصية «مطيع»، وعلا باشا بشخصية «مطيعة»، وزينة بارافي بشخصية «مرام». يرمي الأبناء تقلباتهم في وجهها، ويصبون عليها خيباتهم، بإسقاطات على الواقع المعيشي السوري، وآثار الحرب على البشر والحجر.
يمنح العمل نفسه واقعية تقربه من الناس، وفي آن تدفعه غرابة بعض المواقف واختلاف شخصيات الضيوف إلى الإبقاء على الخط الطريف، متفاوتاً في تماسكه بين مشاهد في الحلقة الواحدة، ومن حلقة إلى أخرى.
يُرغم تراكم الفواتير «أم مطيع» على الاقتناع بفكرة تأجير غرفة واحدة من فندقها «مزهرية غربة» الذي شهد عزه قبل الحرب، وتقهقرت أحواله بتفاقم الأزمة الاقتصادية. في زمنه، كان يعج بالنزلاء، ومن ثَم اعتذر عن عدم استقبالهم بداعي أعمال الصيانة. وهي مكلفة، في وقت لا تملك صاحبته قدرة على تسديد ضرائب تثقلها. الحل المؤقت تقبل به على مضض: استقبال نزيل واحد في غرفة واحدة، بانتظار استكمال أعمال الصيانة حين تتحسن الأحوال، فيعود الفندق الدمشقي القديم مقصد كبار العابرين وبعض الأثرياء.
المفارقة الكوميدية تبدأ من هنا: وضع النزلاء مأسوف عليه! ثمة دائماً شكل من أشكال «المصيبة»، وهَمٌّ يُضاف إلى هموم «أم مطيع» وعائلتها. لا يكفيها أنّ ابنتها المتزوجة من «صهيب» فاتح سلمان، تطرق بابها من يوم إلى آخر مطلقة، معزوفة باتت محفوظة: «لم يعد العيش معه يُحتمل». «حردانة»، بصوت سلمى المصري وهي «تُولول».

أبطال المسلسل بأدوار الشخصيات الثابتة

للشخصيات دورها في تحول الفندق إلى ما يشبه «العصفورية». يحمل رونالدو خزوم قدرة على الإقناع العفوي بدور «مطيع»، خريج المعهد العالي للموسيقى، من دون أن يحصل بعد على فرصة الانتقال من هواية الفن إلى ممارسته. تقف العقبات في وجهه، أولها تربية أمه وقيمها الحائلة دون غنائه في الملاهي الليلية ومعاشرته رفقة الضلال. من جانب آخر، لم تجد مرام هويتها الفردية. فبحثها عن الهدوء للدراسة والقراءة يصطدم بالاستحالة في فندق ينطبق عليه مثال «الحمام المقطوعة مياهه». ثم تكتمل الجوقة مع «مطيعة» وزوجها «صهيب». ما إن تغيب حتى تطل، مع حقيبة «الحردة» وصوت العويل تعبيراً عن فداحة المصيبة، لتفطر قلب والدتها وترغمها على استقبالها وتطييب خاطرها.
يؤدي فاتح سلمان دور الصهر «صهيب»، شخصية تعتاش على الوهم. وهو يتقاطع مع سياق شخصية وائل رمضان الباكي على الأطلال. كلاهما متعلق بفقاعة. يكتب «صهيب» التقارير ليكسب رضا المدير العام، ولا يكف عن الزحف في اتجاهه لنيل بركته. رجل مريض بالمظاهر الاجتماعية، من دون أن يحصّل شيئاً في المقابل. فإطراؤه المتواصل على شخص المدير العام لا يمنحه أي امتياز يذكر على أرض الواقع. شخصية على الهامش رغم ادعائها أنها في الوسط. تتحمّل «مطيعة» برجه العاجي، حين تفقد القدرة على التحمّل، تعود «حردانة» إلى فندق والدتها. تقريباً لـ29 مرة في الشهر!
وائل رمضان كوميدي طريف. لا يزال غارقاً في ماضيه، حين كان يصدر الأوامر العسكرية على نطاق ضيق. يزعم أنّ الوضع «تحت السيطرة»، وفي الحقيقة تفلت المواقف من يده.
حول هذه الشخصيات الثابتة، يدور مسلسل يملك مرايا تعكس مجتمعاً متشنجاً، أصوات الفقراء لا تلقى فيه أي آذان صاغية.
يتوالى الضيوف بأدوار النزلاء في الفندق، والأسماء كثيرة، منها: سامية الجزائري، وأمل عرفة، وأيمن رضا، وشكران مرتجى، وأسامة الروماني، ورنا شميس... يأتون بغرابة أطوارهم فيصبّون الزيت على نار أهل البيت. تتلبّس أمل عرفة شخصية «أم ناريمان» بمهارة، وتغيّر شكلها من أجلها. تدخل الفندق فتقع الفوضى. يؤخذ على الكاتب تمادي الشخصية في السرقة من دون التفات أحد إلى نقصان أغراضه، مما يضعه أمام هشاشة صياغة السياق المتين.
لكل نجم من ضيوف المسلسل خبرته في الإضحاك. وسامية الجزائري بدور «أم شاكر»، ضيفة لها وزنها، ولو أن شخصية «المزعجة» لا تبدو جديدة. تعاطيها مع المواقف هو الفارق. تبقى العين على النص، فالكوميديا العظيمة بسبب النصوص باتت من الماضي.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.