محمد بن عيسى على رأس «منتدى أصيلة» مجدداً وبالإجماع

محمد بن عيسى لدى ترؤسه الجمع العام لمؤسسة منتدى أصيلة
محمد بن عيسى لدى ترؤسه الجمع العام لمؤسسة منتدى أصيلة
TT

محمد بن عيسى على رأس «منتدى أصيلة» مجدداً وبالإجماع

محمد بن عيسى لدى ترؤسه الجمع العام لمؤسسة منتدى أصيلة
محمد بن عيسى لدى ترؤسه الجمع العام لمؤسسة منتدى أصيلة

جدد أعضاء مؤسسة «منتدى أصيلة» المنظمة لمواسم أصيلة الثقافية الدولية منذ عام 1978 ثقتهم بالإجماع في المكتب المسير برئاسة محمد بن عيسى، وزير خارجية المغرب الأسبق، وذلك لولاية جديدة تمتد لثلاث سنوات، تنتهي سنة 2025، وجرى خلال الجمع العام الذي عقدته المؤسسة، مساء أول من أمس، في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، تقديم التقريرين الأدبي والمالي للفترة الممتدة ما بين 2018 و2021، والمصادقة عليهما.
وقدم بالمناسبة، كتاب «حصيلة منجزات مؤسسة منتدى أصيلة 2018 - 2021»، الذي يعرض لمجمل الأنشطة والخدمات والمنشآت، التي أنجزتها المؤسسة خلال هذه الفترة.
وتناول كتاب الحصيلة بالتفصيل ستة محاور كبرى، إذ خصص المحور الأول لفعاليات الدورات الثلاث (40 و41 و42) لموسم أصيلة الثقافي الدولي، بالإضافة إلى النشاط الاستثنائي المنظم صيف سنة 2020، فيما تطرق المحور الثاني إلى إصدارات المؤسسة، التي بلغت خلال هذه الفترة 18 إصداراً. بينما خصص المحور الثالث لاتفاقيات الشراكة والتعاون، التي أبرمتها المؤسسة مع المؤسسات العمومية والخاصة، وهيئات المجتمع المدني وطنياً ودولياً. فيما سلط المحور الرابع الضوء على الأنشطة المنظمة في الفضاءات التابعة للمؤسسة، كمركز الحسن الثاني، وقصر الثقافة، ودار الصباح للتضامن، ومكتبة الأمير بندر بن سلطان، التي تجاوزت 650 نشاطاً، قامت به مؤسسة منتدى أصيلة أو هيئات المجتمع المدني محلياً ووطنياً. بينما تطرق المحور الخامس لمختلف البنيات التحتية التي تنجزها المؤسسة بتمويل من بعض الدول الصديقة، وتساهم في توفير المرافق الضرورية، وتجويد الخدمات في مدينة أصيلة، كالمحطة الطرقية، والمؤسسات التعليمية، والسكن الاجتماعي، ومجمع الشيخ زايد للفنون، ومعهد البحرين للموسيقى الشرقية. في حين خصص المحور السادس لعرض مختلف الخدمات الاجتماعية، التي تقدمها المؤسسة لفائدة مدينة أصيلة وسكانها، كالتطبيب، والمساعدات الاجتماعية والغذائية، ودعم أنشطة الطفولة والمجتمع المدني، وتوفير النقل المدرسي وبعض المنح الجامعية، علاوة على الدعم الدائم لجماعة أصيلة.

غلاف كتاب حصيلة منجزات مؤسسة منتدى أصيلة لفترة 2018 - 2021
 

ومما جاء في تقديم حصيلة منجزات مؤسسة منتدى أصيلة، أنه بقدر ما يمثل «مبادرة تواصلية مع كافة الأعضاء والمتعاونين والمتتبعين، ومختلف المؤسسات العمومية والخاصة وطنياً ودولياً، من أجل الاطلاع على مجالات عمل المؤسسة، وحجم تدخلاتها، ونوعية المستفيدين من خدماتها»، يشكل «مناسبة لاستشراف المستقبل، قصد ملاءمة فعاليات وأنشطة المؤسسة مع الفرص والإكراهات، التي قد تواجه تحقيق أهدافها».
وشدد كتاب الحصيلة على أن المكتب المسير للمؤسسة «اشـتغل خلال مدة هذه الولاية في انسجام تام مع مبادئ الحكامة التدبيرية الجيدة، التي واظبت عليها المؤسسة منذ خطواتهـا الأولى سنة 1978».
ولم يفت المكتب المسير، في معرض تقديم كتاب الحصيلة، أن يعبر عن فخره واعتزازه برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس لمواسم أصيلة الثقافية الدولية، كما ثمن التقدير الذي تحظى بـه المؤسسـة من لدن مختلف المؤسسات الوطنية والدولية، معبراً، في هذا الصدد، عن افتخاره بحصولها عـلى جائزة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية (الإنجاز الثقافي والعلمي)، وذلك لـ«دورها الثقـافي والتنويري»، بشكل «ساهم في الحراك الثقافي، وأعطى زخماً للحوار الفعال بين الثقافات، عبر مهرجانات ومواسم فكرية عززت التواصل بين الثقافات والحضارات، من خلال الجمع بين نخبة من المفكرين والمبدعين والسياسيين والأكاديميين وغيرهم من صناع المعرفة حول العالم».
وخلص تقديم كتاب المنجزات إلى أن الحصيلة «كانت إيجابية جداً»، وتدعو إلى «الافتخار»، كما «تدل على التزام وتظافر جهود نساء ورجال وشباب وأطفال المؤسسة، وكافة الشركاء والمتعاونين، في إنجاح كافة الفعاليات، والانخراط في مسؤولية من أجل بلوغ أهداف المؤسسة وتنفيذ برامجها».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».