الأمم المتحدة تطالب بالإفراج عن جميع المحتجزين «تعسفياً» في ليبيا

ليبيون يلعبون طاولة الزهر بالمدينة القديمة بطرابلس في ليل رمضان (رويترز)
ليبيون يلعبون طاولة الزهر بالمدينة القديمة بطرابلس في ليل رمضان (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تطالب بالإفراج عن جميع المحتجزين «تعسفياً» في ليبيا

ليبيون يلعبون طاولة الزهر بالمدينة القديمة بطرابلس في ليل رمضان (رويترز)
ليبيون يلعبون طاولة الزهر بالمدينة القديمة بطرابلس في ليل رمضان (رويترز)

وسط تنديد حقوقي واسع بالاعتداء على المتظاهرين السلميين أمام مقر مجلس الوزراء بمدينة طرابلس، دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى «الإفراج الفوري عن جميع الأشخاص المحتجزين تعسفياً بالبلاد».
واعتقلت أجهزة الشرطة في مدن ليبية، خلال الأشهر الماضية، عديد الأشخاص من النشطاء السياسيين، والمهتمين بمجال حقوق الإنسان، ما دفع جهات دولية وأممية إلى مطالبة سلطات البلاد بالإفراج عنهم، وتفعيل القانون.
وبعد أشهر عدة من اعتقالهم تعسفياً، أطلقت الأجهزة الأمنية في شرق ليبيا وغربها، فيصل قرقاب، الرئيس السابق للشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات، ومحمد القبلاوي، رئيس الاتحاد العام للطلاب، ومنصور عاطي، رئيس جمعية الهلال الأحمر الليبي بأجدابيا، بعد احتجازهم «بشكل غير قانوني لفترات طويلة»، بحسب البعثة الأممية التي رحبت بالإفراج عنهم.
وقال القائم بأعمال السفارة ليزلي أوردمان إن الولايات المتحدة «ترحب بالإفراج عن العديد من الليبيين الذين تم اعتقالهم بشكل تعسفي». كما أكد وزير الخارجية الأميركية بلينكن أن حقوق الإنسان «مهمة للولايات المتحدة في علاقاتنا الثنائية. ويجب ألا يُعتقل أي شخص بشكل تعسفي في ليبيا». وشددت البعثة، في بيان مساء أول من أمس، على ضرورة أن «تستند جميع عمليات الاعتقال والاحتجاز إلى القانون، بما يتماشى مع التزامات ليبيا في مجال حقوق الإنسان».
واعتقل جهاز «الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» في العاشر من يناير (كانون الثاني) الماضي فيصل قرقاب، كما ألقت الشرطة في طرابلس القبض على نشطاء حقوقيين آخرين، بتهم مختلفة، فيما اعتقل جهاز أمني علي الريفاوي، مراسل «قناة 218» الليبية، الأسبوع الماضي، في مدينة سرت بوسط ليبيا.
وأعربت «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» بليبيا عن قلقها للاعتقال التعسفي للريفاوي من قبل «جهاز الأمن الداخلي»، مؤكدة أنه تم احتجازه «دون أي سند قانوني». ودعت إلى الإفراج الفوري عنه «دون شروط»، وفاءً بالالتزامات الدولية الواقعة على عاتق الدولة الليبية، مشيرة إلى أن مصادرها تشير إلى أن اعتقال المراسل «جاء على خلفية تغطيته لعمل البلدية، ونقله لمعاناة المواطنين بالمدينة».
كما عبّرت المنظمة عن خشيتها على سلامة المراسل، وقالت إن احتجازه لمجرد انتقاده السلطات المحلية «يعد تقييداً لحرية التعبير، وينتهك المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية»، وطالبت بالحصول على تأكيدات بأنه يُعامل معاملة إنسانية، ولا يتعرض لسوء المعاملة أو التعذيب.
ودخلت منظمة «مراسلون بلا حدود» على خط الأزمة، ودعت بدورها إلى «الإفراج الفوري» عن الريفاوي، الذي تم اختطافه في 27 مارس (آذار) الماضي. ورأت أن خطفه «يُذكر بالظروف الصعبة التي يعمل فيها الصحافيون في ليبيا»، ونقلت عن أحد أقارب الريفاوي أن عناصر القوة الأمنية أبلغتهم أنه سيُحتجز بسبب التقارير الإعلامية «المؤججة للرأي العام حول البلدية وعملها».
في سياق متصل، قالت «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا، إنها رصدت واقعة الاعتداء الجسدي واللفظي على المتظاهرين السلميين، المطالبين بحقوق الجرحى والمصابين وذوي الاحتياجات الخاصة أمام مجلس الوزراء، منتصف الأسبوع الماضي. وأوضحت أنها تتابع «بقلق بالغ تكرار واقعة الاعتداءات اللفظية والجسدية بحق المتظاهرين السلميين»، بهدف تفريق المطالبين، معربة عن إدانتها واستنكارها الشديدين حيال ما وصفته بـ«الجريمة» وممارسة الاعتداء الجسدي واللفظي، واستخدام القوة المفرطة لفض المظاهرات السلمية.
كما أكدت اللجنة الوطنية أن «هذه الممارسات المشينة تُشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان والمواطنة، وتُمثل قمعاً صارخاً لحرية الرأي والتعبير، وانتكاسة خطيرة في مسيرة الحقوق والحريات في ليبيا»، وشبّهته بـ«ممارسات الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية القمعية، التي لا تؤمن بالحقوق والحريات والديمقراطية». وطالبت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ووزارة الداخلية بضرورة معاملة العناصر الأمنية مع الاحتجاجات والمظاهرات، بما يتماشى والتزامات ليبيا الدولية في مجال حقوق الإنسان والأعراف والمواثيق الدولية، وعدم اختلاق حجج وذرائع واهية لمصادرة حق التظاهر السلمي وحرية الرأي والتعبير.
ونشرت وزارة الخارجية الأميركية، منتصف الأسبوع، تقريراً عن حالة حقوق الإنسان في العالم، قال إن ليبيا تشهد «عمليات للقتل غير المشروع، وحالات الاختفاء القسري على أيدي مختلف الجماعات المسلحة، والتعذيب الذي ترتكبه الجماعات المسلحة من جميع الأطراف».
كما تحدث التقرير عن «الظروف القاسية والمهددة للحياة في السجون، ومرافق الاحتجاز وممارسات الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، ووجود السجناء أو المحتجزين السياسيين، والمشكلات الخطيرة المتعلقة باستقلال القضاء»، مشيراً إلى «القيود الخطيرة المفروضة على حرية التعبير ووسائل الإعلام»، بما في ذلك العنف ضد الصحافيين، ووجود قوانين التشهير والقذف، ونوهت بوجود «تدخل كبير في حرية تكوين الجمعيات، والإعادة القسرية للاجئين وطالبي اللجوء»، بجانب ما سمّته «الفساد الحكومي الخطير»، وغياب المساءلة عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، وممارسات الاتجار بالبشر.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».