البرلمان العربي يحذر من تلاعب الحوثيين بملف «صافر»

TT

البرلمان العربي يحذر من تلاعب الحوثيين بملف «صافر»

في الوقت الذي تسعى فيه الأمم المتحدة إلى حشد التمويل لتنفيذ أحدث خطة لها لإنقاذ الخزان اليمني العائم (صافر) المهدد بالانفجار وتسرب أكثر من 1.1 مليون برميل نفط في البحر الأحمر، حذر البرلمان العربي أمس (الجمعة) من استمرار الميليشيات الحوثية بالتلاعب بهذا الملف وتحويله إلى ورقة ابتزاز سياسية.
وكان منسق الشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد بيسلي قد أعلن في وقت سابق عن الخطة الأممية التي يتطلب تنفيذها نحو 80 مليون دولار، وسط مخاوف من انقلاب الميليشيات الحوثية على الاتفاق الأخير.
وقال البرلمان العربي في بيان إنه يحذر من «استمرار تلاعب ميليشيا الحوثي بملف خزان صافر، وتغيير مواقفها واستخدامه كورقة ابتزاز سياسي، وعدم السماح لصيانة الخزان النفطي قُبالة ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحُديدة على البحر الأحمر، والذي لم يخضع للصيانة منذ أمد بعيد».
وأكد البرلمان أن الخزان النفطي يواجه خطر تسريب مليون ومائة ألف برميل من النفط الخام الأمر الذي سيؤدي إلى غرق أو انفجار الخزان بعد حدوث تسرُّب للمياه داخله ما ينذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية تتخطى آثارها الجمهورية اليمنية، إذ يشكل تهديداً خطيراً للأمن والسلامة البيئية في الدول المطلة على البحر الأحمر.
وشدد البرلمان العربي، على ضرورة التحرك الدولي الفوري والعاجل لنقل الوقود إلى أماكن آمنة، الأمر الذي أصبح لا يتحمل التأجيل لتفادي هذه الكارثة الإنسانية الكبرى.
وطالب بيان البرلمان العربي «مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهم الأمنية والإنسانية والأخلاقية والعمل الجاد لإنقاذ الموقف المتأزم الذي ينذر بكارثة، واتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لإلزام ميليشيا الحوثي الانقلابية بنقل الوقود قبل وقوع الكارثة»، مؤكداً دعمه الكامل لكافة الجهود المبذولة في هذا الشأن.
وكان المنسق الأممي المقيم للشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي قد أوضح قبل أكثر من أسبوع أن الخطة الأممية تتألف من مسارين، الأول هو تركيب سفينة بديلة على المدى الطويل للخزان العائم «صافر» خلال فترة مستهدفة تمتد لـ18 شهراً.
أما المسار الثاني - بحسب غريسلي - فهو تنفيذ عملية طارئة لمدة أربعة أشهر من قبل شركة إنقاذ بحري عالمية من أجل القضاء على التهديد المباشر عبر نقل النفط من على متن ناقلة صافر إلى سفينة مؤقتة آمنة، حيث ستبقى الناقلتان في مكانهما حتى يتم نقل النفط إلى الناقلة البديلة الدائمة وعندئذ سيتم سحب ناقلة صافر إلى ساحة ويتم بيعها لإعادة تدويرها.
ومع وجود المخاوف من تراجع الحوثيين وعدم موافقتهم على تنفيذ الخطة، كان المنسق الأممي غريسلي قد أكد أن قادة الجماعة هم الذين أرادوا التوقيع على مذكرة التفاهم، وأنهم هم الذين جاءوا إليه وطلبوا التوقيع.
وأوضح المسؤول الأممي أنه سيتم المضي قدماً في مساري الخطة التشغيلية في آن واحد، وجمع الأموال لكليهما، حيث ستكلف 80 مليون دولار أميركي، ويشمل ذلك عملية الإنقاذ واستئجار ناقلة نفط كبيرة جداً للاحتفاظ بالنفط والطاقم والصيانة لمدة 18 شهراً.
وقال: «إن نجاح الخطة يتوقف على الالتزامات المادية السريعة للمانحين لبدء العمل في بداية شهر يونيو (حزيران)» مشدداً على أن الانتظار أكثر من ذلك «يعني تأخير بدء المشروع لعدة أشهر، وترك القنبلة الزمنية موقوتة».
وأتبع المسؤول الأممي تصريحاته بشأن الخطة بالقيام بزيارات بدأها من الرياض قبل أن يتوجه إلى عواصم خليجية أخرى في سياق سعيه المدعوم أميركياً لحشد التمويل اللازم لتنفيذ الخطة، التي حظيت بتأييد الحكومة اليمنية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».