«حزب الله» يستحضر التدخّلات الخارجية لتحريض جمهوره انتخابياً

TT

«حزب الله» يستحضر التدخّلات الخارجية لتحريض جمهوره انتخابياً

دعا «حزب الله» جمهوره ومحازبيه لعدم الاسترخاء وهو يستعد لخوض الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل وعدم الركون إلى ما يتردد على لسان بعض خصومه وما يُنقل عن سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت بأنه وحلفاءه سيحافظون على الأغلبية النيابية أو سيحصلون على ثلثي الأعضاء في البرلمان العتيد، معتبراً أن هناك «من يريد طمأنة مؤيدينا بأن لا حاجة لإقبالهم بكثافة على صناديق الاقتراع» ومشدداً، كما تقول مصادره لـ«الشرق الأوسط»، على ضرورة الحضور بشكل غير مسبوق إلى مراكز الاقتراع، لافتة إلى أن هناك «من يريد التحريض على الحزب من خلال استطلاعات الرأي التي ترجح سيطرتنا وحلفائنا على البرلمان بأكثرية نيابية ساحقة تصل إلى ثلثي أعضائه».
فـ«حزب الله» بدعوته محازبيه وجمهوره لإعلان التعبئة العامة والاستنفار الشامل يتطلع إلى قطع الطريق على خصومه، سواء أكانوا من القوى التقليدية أو من المنتمين إلى القوى الثورية أو التغييرية، من تسجيل أي خرق للوائح الثنائي الشيعي بتحالفه مع حركة «أمل»، وهو يسعى بهذا الغرض إلى رفع منسوب الاقتراع لمنع خصومه من تسجيل انتصار يستهدف الحلقة الأضعف في لوائحه أي المرشحين من غير الشيعة وتحديداً في الدوائر الانتخابية في الجنوب وبعلبك - الهرمل.
وتأتي دعوة «حزب الله» لجمهوره ومحازبيه لإعلان «الجهاد الأكبر» في اليوم الانتخابي في سياق إصراره على محاصرة الحزب «التقدمي الاشتراكي» وحزب «القوات اللبنانية» بمنع مرشحه عن المقعد الماروني عن دائرة بعلبك - الهرمل النائب أنطوان حبشي من الحصول على الحاصل الانتخابي الذي يؤمن له الفوز، ويسعى منذ الآن إلى رفع الحاصل إلى نحو 20 ألف صوت ما يقفل الباب أمام عودته للبرلمان، خصوصاً أن الحزب يضغط على الناخبين لعدم الاقتراع له بعد أن ضغط على عدد من المرشحين لإثنائهم عن التحالف معه.
وبرغم أن الثنائي الشيعي بدأ يتصرف منذ الآن على أن لوائحه ستفوز بكامل أعضائها ويبدي ارتياحاً لقدرته على الفوز بجميع المقاعد الشيعية، فإن «حزب الله» يتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع الشارع السني ويترك هذه المهمة لحلفائه بتوجيه مباشر منه من دون أن يغيب عن باله مراقبة الحراك الانتخابي في هذا الشارع وتقصيه للمعلومات ليكون في وسعه وتحديداً «حزب الله» بأن يبني على الشيء مقتضاه.
وبكلام آخر فإن «حزب الله» يقف وراء حلفائه حتى إشعار آخر وهم يستعدون لمواجهة خصومهم في الشارع السني ومن خلال إشرافه مباشرة على توزيع الأدوار، وما القرار الذي اتخذته جمعية «المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) بخوضها الانتخابات منفردة عن دائرة بيروت الثانية ذات الثقل السني بلا منازع إلا عينة من «السيناريو» الذي أعده الحزب للتدخل غير المباشر، لعل «الأحباش» بابتعادهم الانتخابي لا السياسي عنه يتمكنون من كسب تأييد الشارع السني بذريعة افتراقهم عنه لعلهم يحدثون خرقاً للمجموعات التي تدور في فلك الحريرية السياسية.
حتى أن «حزب الله» حصر دعمه لحلفائه في الشوف - عاليه، بعبدا، كسروان وجبيل حرصاً منه على تفادي الدخول في اشتباك سياسي مع الشارع السني، وإن كان يتحسب منذ الآن لاحتمال ارتفاع منسوب المشاركة السنية لئلا يفاجأ بحجمها غير المتوقع في صناديق الاقتراع.
كما أن الثنائي الشيعي الذي يخوض الانتخابات في بيروت الثانية بلائحة تجمعه مع حلفائه فإنه يسعى لتسجيل اختراق يتيح له الفوز بمقعد سني لتمرير رسالة بأن تمثيله ليس محصوراً بطائفته.
لذلك يتمتع الثنائي الشيعي في بيروت الثانية بفائض من الأصوات التفضيلية يتحكم بتوزيعها على مرشحي حلفائه بحسب سلم الأولويات الذي يعده، وهذه هي حاله في الدوائر التي لا توجد فيها مقاعد نيابية للطائفة الشيعية، وإن كان كل منهما يتمتع بهامش في توزيعه للأصوات، شرط أن توظف ضد خصومه المشتركين.
وعليه فإن «حزب الله» بإعلانه «التعبئة العامة» يصر على استحضار التدخل الأميركي لمصلحة خصومه غامزاً في نفس الوقت من عودة السفيرين السعودي وليد البخاري والكويتي عبد العال القناعي إلى بيروت لحاجته إلى مادة تحريضية يستخدمها لحث محازبيه وجمهوره للاقتراع بكثافة، مع أن السفيرين لا يتدخلان في الشأن الانتخابي الذي غاب كلياً عن مآدب الإفطار التي يقيمها البخاري وعن لقاءات القناعي بكبار المسؤولين في الدولة.
فـ«حزب الله» يحاول أن يوحي لجمهوره بأنه يخوض في تحضيره للانتخابات «حرباً كونية» تجمع فيها خصومه من قوى إقليمية ودولية في محاولة لاستهدافه، مع أنه يُدرك جيداً أن حملات التحريض لا أساس لها من الصحة برغم أن رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين عاود هجومه على المملكة العربية السعودية والذي تلازم مع عودة السفيرين البخاري والقناعي وبما يخالف التزام الحكومة بوقف الأنشطة السياسية والأمنية والعسكرية التي تستهدف دول الخليج العربي، وكأنه لا يريد العبور الآمن للصندوق السعودي - الفرنسي المشترك لتقديم المساعدات الإنسانية للقطاعات العاملة في المجال التربوي والصحي والاجتماعي، ولدعم الأسلاك الأمنية والعسكرية.
وفي هذا السياق سألت مصادر: ما الهدف من هجوم «حزب الله» على السعودية، فيما ينعم اليمن حالياً بهدنة على طريق تهيئة الأجواء لفتح الحوار بين مختلف الأطراف، والذي يتزامن مع اقتراب إطلاق الصندوق السعودي - الفرنسي لتقديم المساعدات والتي تنتظر، كما علمت «الشرق الأوسط»، قدوم وفدين سعودي وفرنسي إلى بيروت يتوليان رسمياً في حضور سفيري البلدين الإعلان عن بدء ضخ المساعدات إلى القطاعات المشمولة بها.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.