السجائر الإلكترونية والإقلاع عن التدخين

لا تشجع على تخلص المراهقين من الإدمان

السجائر الإلكترونية والإقلاع عن التدخين
TT

السجائر الإلكترونية والإقلاع عن التدخين

السجائر الإلكترونية والإقلاع عن التدخين

يلجأ المراهقون إلى تجربة السجائر الإلكترونية (E – cigarette)، باعتبارها مرحلة انتقالية للتخلص من التدخين، ولكن حسب أحدث دراسة طبية تبين أنها لا تخلص الشباب من إدمان النيكوتين، ولكن فقط يتم استبدال طريقة بأخرى.
كما تبين أنها من الممكن أن تزيد من تعلقهم بالتدخين، نظراً لإحساسهم بنوع من الأمان النسبي، بجانب أن التدخين الإلكتروني مقبول اجتماعياً أكثر من التدخين الفعلي، على اعتبار أن هذه الوسيلة غير ضارة بالصحة، ولا تؤذي الآخرين. ونشرت هذه النتائج في مجلة «الرابطة الطبية الأميركية» (the Journal of the American Medical Association) في مطلع شهر أبريل (نيسان) من العام الحالي.

التخلص من الإدمان
أوضحت الدراسة أن كثيراً من المراهقين يحاولون بالفعل التخلص من السجائر الإلكترونية، ولكن نسبة الفشل في تزايد مستمر، وبلغت على وجه التقريب 5.7 في المائة في عام 2020 لمحاولة واحدة على الأقل للإقلاع عن التدخين، سواء الحقيقي أو الإلكتروني. وهذه النسبة تعد أعلى نسبة لفشل المحاولات منذ عام 2006 وحتى الآن، وكانت النسبة سابقاً حوالي 4.2 فقط. وهذه النسب حديثة لأنه لم تكن هناك أي دراسات لرصد محاولات الإقلاع عن التدخين الإلكتروني من قبل، مما يعني أن السجائر الإلكترونية أصبحت تمثل تهديداً كبيراً لنجاح الجهود المبذولة في تقليل استخدام النيكوتين بين الشباب في العقود الأخيرة، بعد أن ازداد عدد مستخدميها من المراهقين بشكل واضح.
قامت الدراسة بتحليل نتائج الاستطلاعات المختلفة في الفترة من عام 1997 إلى 2020، التي شملت بيانات أكثر من 800 ألف طالب أميركي من المدارس المتوسطة والثانوية، وعلاقتهم بالتدخين، سواء السجائر العادية أو الإلكترونية، ومحاولاتهم للإقلاع عنه وعدد مرات هذه المحاولات. وأظهرت الدراسة أن نسبة المراهقين الذين أبلغوا عن محاولة واحدة فاشلة على الأقل للإقلاع عن السجائر العادية ارتفعت بشكل طفيف إلى 2.23 في المائة عام 2020، مقارنة بـ1.27 في المائة فقط عام 2019، لكنها ظلت أقل بكثير من 9.82 في المائة عام 1997، وهو ما يشير للنجاح الملموس مع بداية الألفية للتخلص من ظاهرة التدخين نتيجة لزيادة الوعي الصحي.
وتبعاً للدراسة، يجب أن تنال ظاهرة التدخين الإلكتروني الاهتمام الكافي لمحاولات الحد منها، بغض النظر عن الدراسات التي تراها ضارة من عدمه، لأن المشكلة الأساسية الآن أصبحت الاعتياد مما يهدد باحتمالية عودة التدخين الحقيقي مرة أخرى. ويكفي أن نعرف أن الانخفاض الحاد في معدل التدخين الإجمالي في الولايات المتحدة يعد من أكبر إنجازات الصحة العامة في القرن الماضي، حيث انخفضت النسبة العامة لطلاب المدارس الثانوية الذين أبلغوا عن تدخين السجائر لمرة واحدة على الأقل من 36 في المائة عام 1997 إلى 6 في المائة عام 2019، وذلك تبعاً لبيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الاميركية.

انتشار السجائر الإلكترونية
أشارت الدراسة إلى خطورة انتشار السجائر الإلكترونية بين الشباب، حتى الذين لم يقوموا بتجربة التدخين الحقيقي نهائياً، نظراً لأنها أصبحت نوعاً من الموضة، وتبعاً للإحصائيات في عام 2014 كانت أكثر أنواع التبغ استخداماً من قبل طلاب المدارس مما يزيد من مخاوف تأثيرها على الصحة العامة. هناك جدل دائم بين الدراسات التي تشير إلى خطورتها، وهناك دراسات تشير إلى عدم ضررها الصحي.
وحذرت الدراسة من أن استخدام السجائر الإلكترونية تزايد بنسبة 900 في المائة بين طلاب المدارس الإعدادية والثانوية في الفترة من عام 2011 وحتى عام 2015، وفي عام 2021 أبلغ واحد من كل 35 طالباً في المدارس الإعدادية وواحد من كل 9 طلاب من المدارس الثانوية أنهم قاموا بتدخين السجائر الإلكترونية لمرة واحدة على الأقل في الشهر السابق للاستبيان. وفي المقابل أبلغ واحد من كل 100 طالب من المدارس الإعدادية، ومن كل 50 من المدارس الثانوية أنهم قاموا بتدخين السجائر الحقيقية في الفترة الزمنية نفسها تبعاً لمراكز CDC. وبلغ عدد الطلاب الذين شملهم البحث في عام 2021، وقاموا بتجربة السجائر الإلكترونية، حوالي مليون طالب من المدارس الإعدادية والثانوية، وبلغ عدد الطلاب الذين استخدموا هذه السجائر لمدة وصلت إلى 20 يوماً في الشهر السابق لعملية المسح حوالي نصف مليون طالب.
أرجعت الدراسة الزيادة الكبيرة في أعداد مستخدمي السجائر الإلكترونية من المراهقين إلى استهداف إعلانات الشركات المصنعة لها للشريحة الأصغر عمراً من الشباب، بجانب عدم وجود رأي طبي قاطع حول أضرار هذه السجائر على الصحة، سواء بشكل عضوي، أو حتى كسلوك إدماني، خصوصاً أن الدعاية تركز على أن هذه السجائر أنيقة وجذابة وآمنة صحياً، بجانب احتوائها على نكهات مختلفة محببة للشباب، مما دفع العديد من الأوساط الطبية لمطالبة إدارة الغذاء والدواء (FDA) بالتعامل مع هذه المنتجات الإلكترونية، كما لو كانت منتجات تبغ حقيقية.
ونصحت الدراسة الآباء والمراهقين بالتعامل بجدية مع السجائر الإلكترونية، لأن الأنواع الحديثة منها توفر المزيد من النيكوتين، مما يؤدي إلى زيادة فرص التعود عليها، وعدم القدرة على الاستغناء عنها، بجانب مشكلة عدم وجود أبحاث كافية عن أساليب الإقلاع عن التدخين الإلكتروني (vaping) بشكل عام. ولذلك يفضل ألا يقوم المراهق بتجربة الأمر من البداية، ويجب أيضاً أن يدرك الآباء أن التدخين الإلكتروني، حتى وإن كان أقل ضرراً من السجائر، إلا أنه ليس آمناً. وهناك العديد من الدراسات التي تشير إلى تأثيره على الرئتين والقلب على المدى البعيد، بجانب أنه غير مناسب للمراهقين الذين يعانون من الربو.

- استشاري طب الأطفال



بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.