تحركات حوثية في أوساط الأيتام بصنعاء تمهيداً لتجنيدهم

28 الف قاصر جندتهم المليشيات الحوثية منذ عام 2014 وحتى 2018 (د.ب.أ)
28 الف قاصر جندتهم المليشيات الحوثية منذ عام 2014 وحتى 2018 (د.ب.أ)
TT

تحركات حوثية في أوساط الأيتام بصنعاء تمهيداً لتجنيدهم

28 الف قاصر جندتهم المليشيات الحوثية منذ عام 2014 وحتى 2018 (د.ب.أ)
28 الف قاصر جندتهم المليشيات الحوثية منذ عام 2014 وحتى 2018 (د.ب.أ)

استمراراً للسلوك الإجرامي للميليشيات الحوثية في اليمن فيما يتعلق باستهداف الفئات الأشد ضعفاً في المجتمع لاستقطابهم والزج بهم في جبهات القتال، أفادت مصادر مطلعة بأن الميليشيات عادت من جديد لاستهداف فئة الأيتام لتجنيدهم في صفوفها.
وكشفت المصادر عن قيام الميليشيات بتحركات في العاصمة صنعاء بتحركات تهدف إلى استقطاب أعداد جديدة من الأيتام جلهم من الأطفال لإلحاقهم بصفوفها والقتال بجبهاتها، خصوصاً بعد أن عجزت عن تحشيد المزيد من المقاتلين المدنيين ورجال القبائل بعموم مناطق قبضتها.
المصادر نفسها ذكرت لـ«الشرق الأوسط»، أن الزيارات التي أجراها أخيراً محمد علي الحوثي القيادي في الجماعة وابن عم زعيمها المعين في منصب عضو مجلس حكم الانقلاب إلى عدد من دور ومؤسسات ومراكز رعاية الأيتام في صنعاء تأتي ضمن تلك المساعي الحوثية لتنفيذ استهداف جديد بحق الأيتام وتحويلهم إلى معسكرات التدريب تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.
وفي حين تداولت وسائل إعلام حوثية أخباراً تفيد بحضور القيادي الحوثي حفلاً نظم بدار الأيتام في صنعاء وتنفيذه فيما بعد زيارة مباغتة لملاجئ ودور رعاية أيتام تشرف على إدارتها الجماعة، عدّ مصدر مقرب من دوائر حكم الميليشيات بصنعاء تلك التحركات بأنها تأتي ضمن خطوات مرتقبة لتنفيذ حملة تجنيد قسرية في صفوف الأيتام بمختلف أعمارهم.
وكشف المصدر، الذي اشترط عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، عن تلقيه معلومات تفيد بتشكيل الجماعة عقب احتفالها «الشكلي» بمناسبة يوم اليتيم، وبحضور محمد الحوثي، لجاناً ضمت مشرفين ثقافيين واجتماعيين ومعممين لغرض تلقين الأيتام محاضرات تعبوية تستمر فترة أسبوعين تعقبها تدريبات عسكرية، تمهيداً لإلحاقهم بمختلف جبهات القتال.
وفي سياق مضاعفة الانقلابيين للإيرادات من الجبايات المفروضة على المواطنين والتجار بمناطق سيطرتهم، كشف المصدر عن تعليمات عاجلة أصدرها القيادي في الجماعة محمد الحوثي في أعقاب ذلك الاحتفال تضمنت رصد مبلغ 20 مليون ريال ميزانية تشغيلية لإنجاح مهام غسل عقول الأيتام بالأفكار الحوثية.
وتحدث المصدر عن موجة سخط كبيرة انتابت مسؤولين وعاملين في دار الأيتام ودور رعاية أيتام أخرى بصنعاء حيال إهدار الميليشيات للمال في أمور، قالوا إنها لا تخدم الأيتام بقدر ما تشكل خطراً حقيقياً عليهم وعلى مستقبلهم.
وبينما أشار المصدر إلى أن الإجراءات الحوثية تلك استفزت أعداداً كبيرة من الأيتام، الذين لا يزالون يعانون الجوع والحرمان من أبسط الحقوق، عبر بعضهم في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عن غضبهم من سلوك الجماعة، التي قالوا إنها تخصص الأموال لمعمميها من أجل تجنيدهم بدلاً من أن تصرفها على رعايتهم.
وأوضحوا أن الهدف من إعداد الميليشيات برامج تعبوية وتخصيصها مبالغ لإنجاحها هو من أجل استهدافهم مجدداً والزج بهم في أتون معاركها، كما فعلت سابقاً مع أعداد كبيرة من رفاقهم الذين أجبروا على القتال ثم عادوا جثثاً هامدة.
وأدت الحرب التي أشعلت فتيلها الجماعة الحوثية إلى مضاعفة عدد الأيتام ومعاناتهم، خصوصاً بالمناطق تحت سيطرتها، الأمر الذي دفع بعضاً منهم إلى ترك المدرسة والبحث عن عمل لكشف المال وتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم، أمّا الآخرون فاستقبلتهم دور الأيتام القليلة المتوفّرة في بعض المدن اليمنية، التي لم تسلم من بطش ونهب واستغلال الميليشيات.
وسبق للميليشيات أن نفذت طيلة أعوام سابقة سلسلة انتهاكات رافقتها دورات ومحاضرات تعبوية طائفية استهدفت من خلالها المئات من الطلبة بمؤسسات ومراكز ودور أيتام في صنعاء ومناطق أخرى وألحقت العشرات منهم بجبهات القتال.
وكانت مصادر محلية تحدثت، في وقت سابق مع «الشرق الأوسط»، عن تعرض مؤسسة اليتيم التنموية ودور أيتام أخرى في صنعاء ومناطق يمنية أخرى إلى اعتداء واحتلال وعمليات نهب واسعة من قبل الميليشيات الحوثية، إلى جانب استغلال المئات من طلابها الأيتام للقتال.
وكشفت المصادر عن لجوء الجماعة إلى اختطاف 200 طالب من دار الأيتام بالعاصمة صنعاء فقط خلال عام 2018، بالإضافة إلى تجنيدها لأكثر من 28 ألف قاصر منذ 2014 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وفي حين عدّت المصادر تجنيد الجماعة للأيتام انتهاكاً صارخاً لحقوق الطفولة، ومخالفاً لكل الأعراف والمواثيق الدولية، أشارت إلى أن 90 طفلاً على الأقل من هؤلاء الصغار الأيتام قضوا بجبهات القتال، فيما تعمل قوات الشرعية والتحالف الداعم لها على إعادة تأهيل العشرات من الذين وقعوا في الأسر.
وتفيد أرقام محلية سابقة بأن عدد الأيتام في اليمن يصل إلى المليون ونصف المليون يتيم، في حين يبلغ عدد الدور والمؤسسات التي تهتم برعاية وكفالة اليتيم 10 دور، سواء أكانت تتبنى كفالات كاملة أم جزئية.
وطبقاً للأرقام، يصل عدد الأيتام الذين تتبناهم الدور من حيث السكن والتغذية والمعيشة والتعليم والصحة إلى نحو 100 ألف يتيم، وأكبرها دار الأيتام الموجودة في شارع تعز جنوب العاصمة صنعاء، ودار الرحمة الواقعة في حي بيت بوس.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.