أعلنت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة عن «خطة وطنية» لتطوير قطاع النفط والغاز، بما يمكّن من رفع زيادة إنتاجيته وتصديره، في وقت تشهد البلاد حالياً حالة من «الاستقطاب» والنزاع على السلطة. ويرى مناوئون للدبيبة أن هذا التحرك يأتي في إطار «المناكفات السياسية»، ويستهدف بعث «رسالة طمأنة للداخل الليبي وللقوى الغربية، ممثلة بالاتحاد الأوروبي وأميركا»، في ظل احتياجهم لمزيد من الطاقة على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا. وتتضمن الخطة، التي استعرضتها الحكومة خلال احتفالية عقدت مساء أول من أمس، اعتماد ترتيبات مالية طارئة للمؤسسة الوطنية للنفط للعام الجاري، تقارب 38 مليار دينار، بقصد زيادة الإنتاج اليومي ليصل إلى 1.4 مليون برميل نفط بنهاية العام.
ويأتي الإعلان عن هذه الخطة بعد أشهر من تصريحات عدة لمصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، حذر فيها من «تراجع إنتاج النفط الليبي، وفقدان بلاده أهم مورد للدخل، بسبب عدم توافر الموارد المالية اللازمة للصيانة».
وقال مسؤول بقطاع النفط الليبي لـ«الشرق الأوسط»، إن مؤسسة النفط سبق أن طالبت الحكومة بصرف الميزانية المخصصة للصيانة لكنها لم تستجب، مشيراً إلى أن هذه الحملة التي أطلقها الدبيبة «ورغم أهميتها لإنقاذ القطاع، لكنها تخفي أهدافاً سياسية».
وسبق لصنع الله التأكيد على أن أرقام إنتاج النفط الحالية، التي تقدر بنحو 1.2 مليون برميل يومياً «يمكن أن تتدنى في أي لحظة بسبب قلة التمويل، الذي تسبب في نقص صيانة الحقول والآبار وخطوط النقل، وتهالك البنية التحتية للقطاع»، مكرراً شكواه من أن حكومة الدبيبة «لم تُسيّل الميزانية المطلوبة لإجراء الصيانات المطلوبة».
وقال الدبيبة، في تصريحات نقلها مكتبه الإعلامي، إن «قطاع النفط عانى تحديات خلال السنوات العشر الماضية من إغلاق الحقول والموانئ، ومغادرة الشركات للبلاد، بالإضافة إلى التحديات الأمنية، التي واجهت العاملين بالقطاع، وتأخر أعمال الصيانة والعمرات اللازمة»، موضحاً أن حكومته «حريصة على النفط الذي يُعد المورد الوحيد لليبيين، وعلى زيادة معدلات إنتاجه تزامناً مع ارتفاع أسعاره العالمية»، لافتاً إلى أنها شكلت لجنة «تُعنى بقطاع النفط وتذليل العقبات، التي تواجهه لتحقيق زيادة الإنتاج ليصل إلى مليون و400 ألف برميل في اليوم». وتتكون هذه اللجنة من وزارات المالية والتخطيط والخدمة الوطنية، وديوان المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط، وكل الشركات والمؤسسات التابعة لها.
وتقع المنشآت النفطية في عموم ليبيا رهينة خلافات سياسية وفئوية، من خلال تعطيل العمل في بعض المنشآت النفطية، وهو ما تسبّب في تراجع معدلات الإنتاج اليومي، دون المائة ألف برميل يومياً، قبل أن يواصل الصعود إلى مليون وأكثر. وكثيراً ما اضطر رئيس المؤسسة الوطنية إلى إعلان عن حالة «القوة القاهرة»، إثر قيام جهات بإيقاف العمل في حقول النفط، رافضاً جعل هذه الممارسات «وسيلة لتسييس قوت الليبيين لأغراض جهوية، أو لتحقيق مكاسب ومصالح أفراد، دون مراعاة لأبجديات العمل المهني، ولن نسمح لهؤلاء بلعب دور في قطاع النفط الوطني».
وفي ظل الصراع السياسي على السلطة، وما يرافقه من صراع على عوائد النفط، الذي يمثل 98 في المائة من إيرادات الدولة الليبية، وجّه المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، خطاباً إلى مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، طالبه فيه بالاحتفاظ بإيرادات بيع النفط في الحسابات السيادية للمؤسسة الوطنية للنفط لدى مصرف ليبيا الخارجي، وعدم إحالتها إلى حساب الإيرادات العامة مؤقتاً.
ويعوّل نواب وسياسيون مؤيدون لحكومة باشاغا على اصطفاف المؤسسات السيادية خلف الحكومة الجديدة، في تكرار لسيناريو شهدته البلاد خلال أعوام سابقة، بسبب وجود حكومتين متنازعتين بغرب وشرق ليبيا. فيما اشتكت وزارة النفط والغاز الليبية من تجاهلها، وعدم دعوتها للمشاركة في الخطة الوطنية لتطوير القطاع، وقالت إن من صميم المهام المناطة بها وضع السياسات والمخططات الاستراتيجية المتعلقة بصناعة النفط والغاز، وتكاملها مع السياسات العامة للدولة.
وأضافت الوزارة، في بيانها، أمس، أن من بين اختصاصاتها العمل مع القطاعات المختلفة على استثمار الثروة النفطية، وحسن استغلالها وتطويرها، وتأمين احتياجات السوق المحلية من المشتقات البترولية والغاز، إضافة إلى زيادة القدرة الإنتاجية بما يتفق والمعايير المحلية والعالمية.
خطة الدبيبة لتطوير قطاع النفط... ضرورة داخلية أم رسالة للخارج؟
(تحليل سياسي)
خطة الدبيبة لتطوير قطاع النفط... ضرورة داخلية أم رسالة للخارج؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة