سامر إسماعيل بمرتبة اللامعين في الدراما السورية

دوره في «كسر عضم» يثبت تألقه

سامر إسماعيل بشخصية «ريان حكم الصياد»
سامر إسماعيل بشخصية «ريان حكم الصياد»
TT

سامر إسماعيل بمرتبة اللامعين في الدراما السورية

سامر إسماعيل بشخصية «ريان حكم الصياد»
سامر إسماعيل بشخصية «ريان حكم الصياد»

عودة سامر إسماعيل إلى الدراما السورية تكسبه نقاط قوة. فإطلالته في «كسر عضم» تؤكد مكانته في قائمة المواهب اللامعة. شخصية الرائد «ريان حكم الصياد»، تشكّل منعطفاً آخر في مسيرته. كان اللعب رائعاً مع الكبير فايز قزق بدور والده «الحكم»، كلّف برك دم وخسائر فادحة. يثبت النجم السوري قدرات في التعبير والانفعال. انتحاره في الحلقة العاشرة بعد قبضه على واحدة من أخطر عمليات التهريب على الحدود، ورثاء والديه له، يدفعان بالمستوى الدرامي في اتجاه القمة.
منذ البداية، والشخصية تجرّ نفسها نحو حتفها. لا يمكن للعب بالنار ألا يحرق الأصابع. «ريان» هو الابن الأكبر للفاسد الأكبر «حكم الصياد» (قزق بأداء متفوّق). خلفية الشخصية معبّأة بالاستعداد للانفجار، ومحقونة بإبر مسمومة. تُساق برياح الأبوة إلى ما لا تشتهيه السفن، ورغم هبّات التمرّد، تصطدم بالغرق. يصبح «الثأر» من النفس خلاصاً أخيراً حين تضيق السبل. يشتدّ الصراع الداخلي بين الضمير و«واجب» التستّر على ارتكابات الأب، ويتشكّل على هيئة فجوات عميقة تُحدث زلزالاً من الأقوى على مقياس التألق الرمضاني.
أراد «ريان» تخصصاً جامعياً آخر غير الالتحاق بالكلية الحربية فعارضه والده. وهذا الوالد ضليع في خط المصائر بما يتوافق مع مصيره. لمن لا يعرف «الحكم»، فهو رجل يسير على حقل من الجماجم. يوظّف ابنه في السلك العسكري لتمرير صفقاته وتسهيل عمليات تهريب بملايين الدولارات، مسرحها الحدود السورية. أعداؤه أكثر من حلفائه ومصالحه فوق كل اعتبار. يقدّم فايز قزق مع سامر إسماعيل ثنائية الأب والابن المغمّسة بالموت.

نادين خوري في أجمل مَشاهد الرثاء
 

ما يقود «ريان» إلى الانتحار، بعد مصادرة موكب يهرّب مئات الكيلوغرامات من المخدرات، هو عذاب الضمير حيال الأب المجرم. في الشخصية كل ما يجعلها تختار النهاية بطلقة. أولاً، نظافة النفس ونزاهة الكف. وثانياً، التورّط غير المباشر بما يرتكبه الأب وعصابته، وعجزه عن وضع حد للجرائم المتتالية. فهو في موقع شاهد زور، يرى الفظاعة ويربط لسانه أمام هولها. تكلّف الصفقات أرواح عناصر على الحاجز لتمرّ من دون خطأ. وحين يحصد تفجير مُدبّر جميع زملائه في فترة المناوبة، ويعجز عن حماية العنصر الناجي على فراش العناية الفائقة، يبدأ «ريان» التخطيط لانتحاره بصمت، إلى أن ينفّذ بعد قلب الطاولة.
كل ما يجري بين الشخصيتين هو نتيجة الإحساس بالذنب من طرف واحد. فالأب الذي ينفض يده من أي اعتبار لسعادة ابنه وخياراته الفردية، هو عكسه الابن الذي تظل حساباته مرتبطة بالأب وتدور في فلكها. هذه العقدة تتجلّى بجمال درامي أمام نص علي صالح وإخراج رشا شربتجي، عاشقة الأملاح في الجروح. ولما يعجز الابن عن محاسبة الأب، يصوّب الرصاصة نحو رأسه. فهنا «الثأر» من الذات حاجة إلى إسكات الضمير. بانتحاره يسدد ضربة لم يجرؤ على قيد الحياة عن تسديدها. كأنه بموته يذكره أنّ للظالم نهاية، ونهايته تبدأ بخسارة سنده والسير في جنازته، موجوعاً، مكسور الظهر.
لم يملك سوى الانتحار كقرار فردي يتخذه بنفسه، من دون تدخّل السلطة الأبوية، فيستعيد «ريان» حريته للمرة الأولى. للشخصية وجهات نظر منها أنّ الساكت على الحق شيطان أخرس، مقابل «لعنة» لا يد له في طردها، هي أنه ابن «الحكم». فالنار ناران، الواجب حيال الوطن وحيال الأب. المفارقة، استحالة الحل الوسط. وقد حاول «ريان» التوفيق بين النارين، حين اكتفى بالاعتراض من دون التحرّك على الأرض. ولما انقلب على خطة والده لتنفيذ عملية التهريب الكبيرة، وأصدر أوامر بتفتيش الموكب عوض التغاضي عنه بذريعة كونه موكباً أمنياً، اختار بذلك نار الضمير واكتوى بها بكرامة.
يسرّع اقترابه من خط النهاية، كلامٌ لاذع ترميه عليه «عبلة» (كاريس بشار)، يرنّ كجرس إنذار في رأسه. فكلما التقيا، وهي زوجة لضابط قضى في عملية اغتيال على خلفية صفقة رتّبها «الحكم»، تذكره بأنّ وصوله إلى الخطوة الأخيرة في الطريق إلى محاسبة والده ستقترن بالتراجع. تنطلق من مبدأ أنّ الدماء لا تتحوّل إلى ماء، والرابط بين الأب والابن يظل متيناً مهما اشتدّ بينهما العصف.
في لحظة الانكسار، يُبهر فايز قزق. يحترق على الابن المُنتحر بطلقة، مُضيفاً إلى خسارته بملايين الدولارات نتيجة مصادرة المخدرات المُهرّبة، خسارة لا تُقدّر بثمن. أمام دمه الأحمر القاني، تتجلّى ذروة «كسر العضم». المستبدّ أمام ابن قتيل، يودّعه من دون الاعتراف بالذنب. يحتفظ بالندم إلى وقت لاحق. «بكّرت يا بيّ»، يهمس في أذنه، ويعانقه كمحاولة تعويض يفوت عليها الأوان. جمال الدراما السورية في هذه القمم الإبداعية.
لكن المراثي للأمومة وآهات الأمهات. وهنا تألّق آخر لنادين خوري بشخصية «أم ريان». تملك الأم جرأة الاعتراف بالندم. فحين طرق الابن المقتول بابها ليصارحها برغبته في الخروج من عباءة والده، نصحته بالتروّي. خوفها عليه يجعلها تصدّه. وكان خوفاً في مكانه. تبكي فوق رأسه المهشّم وتحسد حبات التراب التي ستنهال على شبابه. «شهّيتني الموت يا إمي»، حرقتها في الصميم.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.