حملات حوثية تغلق أسواق إب لإجبار ملاكها على دفع الإتاوات

مقاتلون وحراس أمنيون حوثيون يستقلون سيارة نقل عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)
مقاتلون وحراس أمنيون حوثيون يستقلون سيارة نقل عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

حملات حوثية تغلق أسواق إب لإجبار ملاكها على دفع الإتاوات

مقاتلون وحراس أمنيون حوثيون يستقلون سيارة نقل عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)
مقاتلون وحراس أمنيون حوثيون يستقلون سيارة نقل عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

أفادت مصادر محلية في محافظة إب اليمنية (193 كلم جنوب صنعاء) بأن الميليشيات الحوثية أغلقت، وبشكل تعسفي، العشرات من المحال والأسواق التجارية، وذلك في سياق حملة ابتزاز وجباية جديدة نفَّذتها الجماعة منذ مطلع رمضان المبارك، وطالت، على مدى أسبوعين، مَن تبقى من منتسبي القطاع التجاري في المحافظة.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة أطلقت، منذ أول أيام رمضان، العنان لأتباعها ومشرفيها لتكثيف حملات النهب والتعسف والإغلاق بحق العشرات من المراكز والمحال والأسواق التجارية وباعة الأرصفة، بغية جمع مزيد من الأموال تحت تسميات عدة، يتصدرها «دعم القوة الصاروخية والطيران المسيّر المفخخ».
وأوضحت المصادر أن فرقاً حوثية ميدانية تواصل منذ فترة حملات بطش وترهيب بحق المواطنين والتجار بمركز محافظة إب ونحو 22 مديرية تابعة لها، لإجبارهم على دفع مبالغ لم تُحدَّد من قبل الميليشيات بسقف معين.
وهدد مشرفو الجماعة (بحسب المصادر) كل المتخلفين بإدراجهم ضمن قوائم «المتخاذلين»، وهي التهمة التي يطلقونها عادة ضد كل من يرفض الانصياع لأوامرهم.
وفي السياق نفسه، قال تجار وملاك محال ومشروعات تجارية صغيرة في إب إن الحملة الحوثية المستمرة منذ أسبوعين أسفرت حتى اللحظة عن إغلاق نحو 82 محلاً تجارياً و6 أسواق ومولات تجارية، إلى جانب استهداف المئات من الباعة المتجولين تحت أسماء عدة، منها تسديد ما عليهم من مخالفات لدعم إطلاق الطائرات المسيرة المفخخة التي تستهدف المدنيين بمأرب وعدة مدن يمنية.
وشكا عديد من التجار لـ«الشرق الأوسط»، مما وصفوه بـ«إصرار الجماعة على نهب أموالهم وتهديدهم بالاعتقال والإغلاق حال رفضهم دفع المبالغ المالية غير القانونية».
وقال التجار إن «الميليشيات تمادت كثيراً في غيّها وطالت بحملاتها الأخيرة كثيراً منهم، في سياق حملاتها السابقة التي تستهدف التجار ورجال المال بشكل عام، والمواطنين البسطاء الباحثين عن لقمة العيش لسد جوع أسرهم على وجه الخصوص».
وكشف بعض التجار عن اعتزامهم وكثير من زملائهم بالأيام المقبلة إيقاف جميع أنشطتهم التجارية، في حال استمرت حملات الابتزاز الحوثية بحقهم ومصادر عيشهم.
وتوقعوا أن يؤدي التعسف الحوثي الذي لم يستثنِ أي فئة أو منطقة يمنية إلى دفع كثير منهم في هذه المحافظة التي باتت تشكل مركز ثقل سكانياً، إلى إغلاق متاجرهم بشكل نهائي، تنديداً بسلوك الجماعة التي تسعى إلى إرغامهم على دفع إتاوات تحت مسميات غير واقعية.
وعلى وقع استمرار التعسفات الحوثية بحق سكان المحافظة، وجه بائعون جائلون ومواطنون وأصحاب مشروعات صغيرة في إب عبر «الشرق الأوسط»، نداء استغاثة للمنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية لإنقاذهم من جور وبطش وانتهاك الميليشيات.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الجماعة حملات الإغلاق والمصادرة بحق ما تبقى من القطاعات الاقتصادية في إب وبقية مناطق سيطرتها، تحدث عاملون في مراكز وأسواق عدة طالتها يد البطش الحوثية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الاعتداءات الحوثية على بعض المراكز والأسواق التي يعملون بها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، حيث اعتاد عناصر الجماعة الاعتداء والتهجم عليها وإجبار مالكيها على دفع إتاوات غير رسمية.
وقال محاسب مالي سابق بأحد المراكز التجارية في إب لـ«الشرق الأوسط» إن إجمالي الاعتداءات الحوثية على المركز بلغ منذ مطلع العام أكثر من 13 اعتداء تحت ذرائع مختلفة.
ولفت إلى أن الانقلابيين يتخذون في كل مرة يداهمون فيها المركز مبرراً جديداً من مبرراتهم المتعددة وغير القانونية للحصول على جبايات جديدة بقوة الترهيب والسلاح.
وقدَّر المحاسب الذي فضل عدم نشر اسمه ما تمّت جبايته من قبل الميليشيات منذ مطلع العام بما يزيد على 50 مليون ريال (الدولار نحو 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
ووصف اقتصاديون يمنيون هذه السلسلة الجديدة من الاستهدافات بالإغلاق والتعسف بحق ما تبقى من النشاط التجاري في إب بأنها تندرج في إطار النهج الحوثي المنظم والواسع للقضاء على ما بقي من القطاعات الحيوية بمناطق سيطرتها، وتمكين موالين لها من الهيمنة التجارية.
وأشار الاقتصاديون إلى أن قادة الميليشيات تمكنوا، طيلة سنوات الانقلاب والحرب التي أشعلوها، من جمع ثروات مالية ضخمة جرَّاء الإتاوات والجبايات المفروضة على السكان في المناطق الخاضعة لهم، وهو ما كبَّد اليمنيين أعباءً ومشقات اقتصادية غير مسبوقة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السعودية أكدت استمرار وقوفها مع اليمن وحكومته وشعبه (الشرق الأوسط)

ترحيب سعودي وخليجي باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين الاقتصادي

رحبت السعودية باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين على إجراءات خفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يدخل مسار التنفيذ

بوابة مقر البنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (رويترز)
بوابة مقر البنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (رويترز)
TT

اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يدخل مسار التنفيذ

بوابة مقر البنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (رويترز)
بوابة مقر البنك المركزي في صنعاء الخاضع للحوثيين (رويترز)

دخل اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين حيّز التنفيذ مع عودة «السويفت» الدولي إلى البنوك الستة المعاقبة في صنعاء من البنك المركزي في عدن، واستئناف الرحلات من مطار صنعاء إلى مطار عمّان بواقع 3 رحلات يومياً.

المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غرونبرغ، أعلن، الثلاثاء الماضي، توصل الحكومة اليمنية والحوثيين إلى اتفاق لخفض التصعيد الاقتصادي من شأنه أن يمهد لمحادثات شاملة في الملف الاقتصادي والإنساني.

طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية في طريقها من صنعاء إلى عمان (أرشيفية - أ.ب)

وأعلنت شركة الخطوط الجوية اليمنية تشغيل ثلاث رحلات يومياً لخط صنعاء - عمّان صنعاء ابتداء من الخميس، بعدما كانت تقتصر قبل التصعيد على رحلة واحدة فقط، على أمل أن يتم تسيير رحلات إلى مصر والهند بعد استيفاء الإجراءات اللوجستية مع البلدين.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الخطوط الجوية اليمنية، حاتم الشَّعبي، أن تشغيل الرحلات يأتي حسب الاتفاق بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، الذي أعلنه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ.

وأكد الشعبي أن شركة الخطوط الجوية اليمنية تحرص على تقديم خدمتها لكل اليمنيين، وأن تشغيل رحلات صنعاء- عمّان صنعاء جاء بعد الحصول على التصاريح المطلوبة.

وأضاف المتحدث أن الشركة تتابع الحصول على التصاريح لتشغيل رحلات من صنعاء إلى القاهرة، ومومباي، عندما تحصل على جميع التصاريح اللازمة لذلك. مشيرًا إلى فتح منافذ البيع بجميع مكاتب الشركة ووكلائها المعتمدين على جميع درجات الإركاب من جميع مناطق اليمن دون استثناء.

المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن (إعلام حكومي)

في السياق نفسه أعلن الإعلام الحوثي أن جمعية الاتصالات العالمية بين البنوك «سويفت» أخطرت البنوك اليمنية الخاضعة في مناطق سيطرة الجماعة بإعادة تفعيل الخدمة، مقابل إلغاء الجماعة بعض الإجراءات التي اتخذتها عبر فرع البنك المركزي الخاضع لها في صنعاء «كخطوة للتعبير عن حسن النوايا»، من دون توضيح تلك الإجراءات وماهيتها.

تواصل الترحيب

تواصلاً للترحيب الخليجي والمصري بالاتفاق اليمني لخفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة الشرعية والحوثيين، رحبت دولة الإمارات، ببيان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ.

ورأت الخارجية الإماراتية في بيان، الخميس، أن الاتفاق خطوة إيجابية في طريق الحل السياسي في اليمن بما يحقق تطلعات شعبه في الأمن والنماء والاستقرار، مثمنة الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص للوصول إلى حل شامل ومستدام للأزمة اليمنية بما يعزز السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة.

وجدد البيان، التأكيد على أن دولة الإمارات تدعم كل الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإحلال الاستقرار في اليمن، ووقوفها إلى جانب الشعب اليمني، ودعم طموحاته المشروعة في التنمية والازدهار.

وينص اتفاق خفض التصعيد اليمني على أربع نقاط؛ الأولى هي إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة.

الحوثيون احتجزوا 4 طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية في مطار صنعاء أثناء التصعيد ضد الشرعية (إعلام حكومي)

أما النقطة الثانية فتنص على استئناف طيران «الخطوط الجوية اليمنية» الرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عدد رحلاتها من رحلة واحدة إلى ثلاث يومياً، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً، أو حسب الحاجة.

وفي النقطة الثالثة اتفق الطرفان على عقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها شركة «الخطوط الجوية اليمنية».

أما البند الرابع فتضمّن الاتفاق على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة القضايا الاقتصادية والإنسانية كافّة بناء على خريطة الطريق.

وكان البنك المركزي اليمني في عدن سحب تراخيص 6 مصارف في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد عجزها عن نقل عملياتها إلى عدن، وردَّت الجماعة الحوثية بتدابير مماثلة ضد البنوك في مناطق سيطرة الحكومة، واحتجزت 4 من طائرات «الخطوط الجوية اليمنية» في مطار صنعاء، نتيجة الخلاف على إيرادات الشركة.