اتجه الوضع في ماريوبول بجنوب أوكرانيا، أمس، نحو مزيد من التعقيد، وبرزت معطيات متباينة حول الوضع الميداني في المدينة المحاصرة منذ أكثر من شهر، بعدما كانت شهدت مواجهات ضارية وعمليات قصف مركز أسفرت وفق تأكيدات الجانب الأوكراني عن تدمير أكثر من 90 في المائة من بناها التحتية.
وفي مقابل تأكيد الجانب الروسي التوجه إلى حسم سريع للمعارك في المدينة خصوصاً بعد تأكيد استسلام أكثر من ألف جندي أوكراني يشكلون عملياً نحو خُمس القوات التي ما زالت تتحصن في عدد من المواقع فيها، أشارت معطيات أوكرانية إلى مخاوف من مواصلة موسكو استخدام أسلحة محرمة بينها مكونات الفوسفور ومكونات كيماوية أخرى لإجبار القوات الأوكرانية على تسليم مواقعها، وحذرت كييف من كارثة إنسانية واسعة النطاق في المدينة وتحدثت عن سقوط نحو 22 ألف قتيل فيها حتى الآن.
وأظهرت صور أقمار صناعية تداولتها مواقع أوكرانية وغربية تواصل إعادة انتشار القوات الروسية في مناطق شرق أوكرانيا استعداداً لعمليات محتملة في إقليم دونباس. وأوضحت الصور التي نشرتها شركة «ماكسار» عشرات الآليات والمعدات العسكرية على بعد 8 كيلومترات شرق الحدود الأوكرانية. وعلى الجانب الأوكراني، رصدت الصور أكثر من 200 آلية عسكرية في إقليم دونباس، كما أظهرت الصور آثار القصف الروسي على مدينة ماريوبول، حيث لوحظ تصاعد الدخان من مبان عدة في الأجزاء الغربية والشرقية من المدينة.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن روسيا أكملت تعزيزاتها العسكرية استعداداً لهجوم جديد على مناطق دونباس (جنوب شرق)، واتهم المتحدث باسم هيئة الأركان الأوكرانية الجيش الروسي بالاستمرار في السعي للسيطرة على المناطق المتاخمة لإقليمي لوغانسك ودونيتسك.
من جانبه، أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إلى مقتل أكثر من 120 عسكرياً أوكرانياً في قصف مدفعي روسي على مواقع عسكرية أوكرانية في بلدة بوباسنايا في منطقة لوغانسك، مشيراً إلى أن سلاح الجو الروسي قصف 38 منشأة عسكرية أوكرانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن أكثر من ألف جند من جنود مشاة البحرية الأوكرانية استسلموا في مدينة ماريوبول المحاصرة.
وذكرت الوزارة في بيان: «ألقى 1026 جندياً أوكرانياً من اللواء 36 لمشاة البحرية السلاح طواعية واستسلموا في بلدة ماريوبول، بالقرب من مصنع إيليتش للحديد والصلب، نتيجة للهجمات الناجحة التي شنتها القوات المسلحة الروسية ووحدات جمهورية دونيتسك الشعبية». وأوضحت أن القوات الروسية أحبطت محاولة فرار نحو 100 جندي أوكراني من المدينة، مؤكدة تدمير منشآت عسكرية بينها مستودع للذخيرة في كييف باستخدام صواريخ وصفها بأنها فائقة الدقة.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية إنه ليس لديه معلومات عن استسلام جنود مشاة البحرية في ماريوبول. وذكرت وكالة «رويترز»، من جهتها، أنه إذا استولى الروس على منطقة آزوفستال الصناعية في ماريوبول، حيث تحصن جنود مشاة البحرية، فسوف يسيطرون تماماً على المدينة الساحلية التي تعد محوراً يربط بين المناطق التي تسيطر عليها روسيا في الغرب والشرق وتوفر ممراً برياً للقوات والإمدادات الروسية. وشاهد صحافيو «رويترز» الذين يرافقون الانفصاليين المدعومين من روسيا، النيران تتصاعد من منطقة آزوفستال الثلاثاء.
وعرض التلفزيون الروسي صوراً لمن قال إنهم جنود مشاة البحرية يسلمون أنفسهم في مصنع إيليتش للحديد والصلب في ماريوبول الثلاثاء وبينهم العديد من المصابين. وأظهر التلفزيون الروسي ما قال إنهم جنود أوكرانيون يسيرون على طريق وأيديهم مرفوعة في الهواء. وشوهد أحد الجنود وهو يحمل جواز سفر أوكرانيا.
وكانت السلطات المحلية أعلنت، مساء أول من أمس، أن المعارك في ماريوبول والقصف الروسي للمدينة أوقعا 20 ألف قتيل على الأقل منذ نهاية فبراير (شباط).
وفي مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية أكد بافلو كيريلنكو حاكم منطقة دونيتسك «مقتل ما بين 20 ألفاً و22 ألف شخص في ماريوبول»، علما بأنه كان قد أشار سابقاً إلى مقتل عشرة آلاف شخص في المدينة المحاصرة والمعزولة عن العالم والتي تتعرض للقصف منذ 40 يوماً. وأقر الحاكم بـ«صعوبة تحديد عدد الضحايا»، نظراً للحصار المفروض على المدينة.
على صعيد آخر، رد الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف الذي يتولى الإشراف مباشرة على وحدات من القوات الخاصة الشيشانية التي تقاتل في ماريوبول، على تصريحات للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال فيها الأخير إن روسيا ترسل قواتها إلى أوكرانيا من دون تدريب كاف. وقال قاديروف إن القوات المرسلة إلى أوكرانيا تخضع لتدريب كاف، مشيراً إلى أن هذا لا يتعلق فقط بالقوات العسكرية بل وينسحب على وحدات المتطوعين الذين يتم تجهيزها وتدريبها قبل الذهاب إلى أوكرانيا. وأوضح قاديروف: «المتطوعون تلقوا تدريباً سابقاً على أساسيات القتال، ويتلقون أيضاً تدريبات تكتيكية وتدريباً على مواجهة التحديات المختلفة على أساس نظم التدريب التي تخضع لها القوات الخاصة الروسية».
وقال المسؤول الشيشاني إن «أفضل مدربي جمهورية الشيشان يقومون بتدريب الشبان الذين يبحثون عن فرصة للانضمام إلى مهمة التحرير»، مشيراً إلى أن «عدداً كبيراً من المتطوعين من مناطق مختلفة من البلاد يعتبرون القضاء على النازيين مسألة شرف وعدالة».
وفي كييف، أعلنت أوكرانيا أمس أنها أحبطت هجوماً إلكترونياً روسياً استهدف إحدى أكبر منشآتها للطاقة. وأكد «عناصر الإطفاء الإلكتروني» التابعون لـ«فريق الاستجابة لطوارئ الكومبيوتر» الأوكراني أن مجموعة «ساندوورم» نفذت الهجوم، وتضم قراصنة على ارتباط بأجهزة المخابرات الروسية. وقالت الوكالة الحكومية الثلاثاء إن الهجوم كان يهدف إلى حرمان «ملايين» الأوكرانيين من الكهرباء وكان من المقرر أن يضرب على موجتين. وقع الهجوم الأول في فبراير، الثاني الذي تم إحباطه، وكان مقرراً في 8 أبريل (نيسان). وقال المسؤول الأوكراني الكبير فيكتور جورا، خلال مؤتمر صحافي إن البرنامج الخبيث التابع للمجموعة نجح في اختراق نظام إدارة شبكة المنشأة، إلا أنه لم يتسبب في أي انقطاع للتيار الكهربائي.
على صعيد آخر، أعلن مساعد رئيس بلدية دنيبرو الأوكرانية ميخائيل ليسينكو الأربعاء أن جثث أكثر من 1500 جندي روسي موجودة في مشارح المدينة الصناعية الكبرى في شرق أوكرانيا. وقال ليسينكو لصحافيين: «هناك اليوم في مشارح دنيبرو أكثر من 1500 جندي روسي قتلوا لا أحد يريد استرجاعهم»، مبدياً أمله في أن «تتمكن أمهات روسيات من القدوم لتسلم أبنائهن».
حشود روسية في الشرق وموسكو تؤكد استسلام 1000جندي أوكراني
كييف تتحدث عن مقتل 22 ألف شخص في ماريوبول وتحذر من كارثة إنسانية
حشود روسية في الشرق وموسكو تؤكد استسلام 1000جندي أوكراني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة