مشروع رفع سن التقاعد عقبة بوجه إعادة انتخاب ماكرون

استطلاعات الرأي تظهر تقدماً طفيفاً للرئيس الحالي على لوبن

ملصق ممزق للرئيس ماكرون في باريس أمس (أ.ب)  -  ملصق ممزق لمرشحة اليمين المتطرف مارين في باريس أمس (أ.ب)
ملصق ممزق للرئيس ماكرون في باريس أمس (أ.ب) - ملصق ممزق لمرشحة اليمين المتطرف مارين في باريس أمس (أ.ب)
TT

مشروع رفع سن التقاعد عقبة بوجه إعادة انتخاب ماكرون

ملصق ممزق للرئيس ماكرون في باريس أمس (أ.ب)  -  ملصق ممزق لمرشحة اليمين المتطرف مارين في باريس أمس (أ.ب)
ملصق ممزق للرئيس ماكرون في باريس أمس (أ.ب) - ملصق ممزق لمرشحة اليمين المتطرف مارين في باريس أمس (أ.ب)

قطعاً، تبدو الحملة الرئاسية الفرنسية بالغة الحماوة بين المتأهلَين اللذين أفرزتهما دورتها الأولى: الرئيس إيمانويل ماكرون الساعي لاستنهاض «جبهة جمهورية» عريضة بوجه مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن من أجل «حماية الدولة والمؤسسات»، في حين الأخيرة تريد تحويل الجولة الحاسمة يوم 24 الحالي «استفتاءً» ضد ماكرون؛ انطلاقاً من اعتبارها أن الـ73 في المائة من الناخبين الفرنسيين الذين لم يصوّتوا للرئيس الحالي الأحد الماضي إنما «صوّتوا ضده»، وبالتالي فإنهم مرحب بهم لإخراجه من قصر الإليزيه.
اليوم، يتراشق الطرفان عن بُعد: اتهامات متبادلة تصل إلى حد التجريح الشخصي. واقتراحات واقتراحات مضادة بشأن الأكثرية الساحقة من الملفات من غير أن يعني ذلك أنهما مختلفان على كل شيء. والطريف، أن لوبن وماكرون متفقان مثلاً على العودة إلى ولاية رئاسية من سبع سنوات (عوض خمس حالياً)، أي كما كانت إبان خمسة عهود رئاسية، وكما نص عليها دستور الجمهورية الخامسة الذي سنّه الجنرال ديغول قبل 64 عاماً. والثابت، أن الاثنين يلقيان بقواهما كافة في المعركة بالنظر للفارق الضئيل في نتائج الجولة الثانية، كما تظهرها استطلاعات الرأي منذ الأحد الماضي.
ورجحت آخر دراسة قامت بها مؤسسة «إيفوب» ونشرت نتائجها أول من أمس، أن ماكرون يتقدم قليلاً على منافسته؛ إذ سيحصل على 52.5 في المائة من الأصوات، بينما ستحصل على لوبن على 47.5 في المائة. والحال أن هامش الخطأ الحسابي المعروف في استطلاعات الرأي يقع في حدود اثنين في المائة؛ ما يعني أن احتمال فوز الأول أو الثانية قائم؛ الأمر الذي يزيد من شراسة المعركة.
وأمس، حذر إدوار فيليب، رئيس الحكومة السابق وأحد الشخصيات المرموقة في فرنسا، في حديث إذاعي من فوز لوبن، وقال لإذاعة «فرانس أنتير»، «إن أي شخص يؤكد أن لوبن، بطبيعة الحال، لا يمكن أن تفوز يخطئ بشكل كبير وهو بلا دراية. نعم، لوبن تستطيع كسب الانتخابات». وخلاصة فيليب، أنه «يتعين التعاطي مع هذه الانتخابات بجدية والتعاطي مع الفرنسيين بجدية، وكذلك التعامل مع الجولة الثانية».
حقيقة الأمر، أن لوبن التي خسرت المنافسة بوجه ماكرون في العام 2017، أحرزت تقدماً كبيراً لدى الرأي العام. والدليل على ذلك، أن الرئيس الحالي تفوق على مرشحة اليمين المتطرف بفارق 32 نقطة؛ الأمر الذي يبين المسافة التي قطعتها لوبن للاقتراب حافة الفوز.
ويبدو قلق المعسكر الرئاسي في الجهد الاستثنائي الذي يبذله ماكرون منذ صباح الاثنين، إن على صعيد القيام بأكبر عدد ممكن من الزيارات الميدانية أو من خلال حرصه على «الاحتكاك» بالجمهور والتحاور معه على الرغم مما تحمله هذه الرغبة من مفاجآت.
أول من أمس، قام ماكرون بجولة من محطات ثلاث في منطقة شرق فرنسا آخرها في مدينة ستراسبوغ، مقر البرلمان الأوروبي. وفي محطته الثانية في مدينة «شاتونوا» في منطقة الألزاس، دار حوار سريالي بينه وبين أحد المواطنين نقلته قنوات التلفزة صوتاً وصورة. فقد بادر هذا الرجل الستيني باتهام ماكرون بأن إدارته لشؤون البلاد بمثابة «فضيحة». وأردف قائلاً «أنت متعجرف، ساخر وتحتقر الناس. أنت قتلت المستشفيات (الحكومية) ولم أر في حياتي أبداً رئيساً للجمهورية الخامسة بهذا القدر من التعاسة». لكن ماكرون حافظ على هدوئه ورد بدعوة منتقده إلى الحوار وإلى عرض حججه، مؤكداً أنه «الوحيد» الذي يقبل هذا التناول. وعلى الرغم من عدوانية منتقده، اختتم ماكرون كلامه، وسط تصفيق المتحلقين حوله، بالتعبير مرة أخرى عن «احترامه» له.
تنم هذه الحادثة عن رغبة الرئيس - المرشح في تحطيم الصورة التي رُسمت له والتي تقدمه مسؤولاً بعيداً عن الناس وعن اهتماماتهم اليومية والمعيشية. ولذا؛ فهو يكثر من تنقلاته ومن التحاور مع الفرنسيين بعكس تعاطيه مع الجولة الأولى حيث كان الأقل حضوراً من بين المرشحين كافة. والسبب في ذلك مثلث: من جهة، انشغاله بإدارة شؤون البلاد ولكن خصوصاً بالحرب الروسية على أوكرانيا والقمم والاتصالات المتلاحقة التي جرت بين القادة الغربيين في الأسابيع الخمسة الماضية. والثاني توقعه، مع فريقه، أن الحملة الرئاسية ستكون بمثابة «نزهة» بالنظر لتواتر الاستطلاعات التي تؤكد فوزه. والثالث، حاجته لشرح برنامجه الانتخابي وإدخال تعديلات عليه خصوصاً في شقه الاجتماعي - الاقتصادي. بيد أنّ عاملاً آخر يبدو الأكثر أهمية؛ إذ إن ماكرون في حاجة ماسة، كما مارين لوبن، إلى اجتذاب الأصوات الإضافية التي يحتاجها لاجتياز حاجز الخمسين في المائة الضرورية للفوز، وهذه الأصوات موجودة بشكل خاص عند مرشح اليسار المتشدد، جان لوك ميلونشون الذي حصد 7.771 مليون صوت، وما يوازي 22 في المائة من الأصوات. لذا؛ فإن ماكرون يجد نفسه مضطراً إلى تعديل برنامجه الانتخابي، خصوصاً اقتراحه رفع سن التقاعد القانوني من 62 عاماً إلى 65 عاماً. والحال، أن ميلونشون كان يدعو إلى خفضه لستين عاماً بينما لوبن تريد إبقاءه حيث هو مع الأخذ في الاعتبار لحالات خاصة تبرر خفضه. وفي كل محطة من محطاته، كان ماكرون يسأل عن هذه المسألة بالذات. ولأنه وجد رفضاً لها خصوصاً من اليسار ومن الفئات الأقل يسراً، فإنه بادر لتليين موقفه، متراجعاً لـ64 عاماً، ومبدياً استعداده لمزيد من الليونة، لا بل لطرح الملف في استفتاء عام، الأمر الذي يظهر تيقنه من أن ملف التقاعد الذي حاول إصلاحه قبل موجة «كوفيد - 19» يمكن أن يقطع عليه طريق الإليزيه. والحال، أن ميلونشون الذي دعا منذ ليل الأحد - الإثنين إلى حرمان لوبن من أي صوت من جمهوره، لم يدع إلى انتخاب ماكرون الذي كان أشد محاربيه في مجلس النواب. وبالمقابل، فإن حزبه بصدد تنظيم استفتاء داخلي يتناول 300 ألف شخص لتقرير ما سيفعله مناصروه ومحازبوه تصويتاً لماكرون أو امتناعاً عن المشاركة.
يفيد الاستطلاع المشار إليه، بأن 25.5 في المائة من الناخبين لن يتوجهوا إلى مراكز الاقتراع في الجولة الحاسمة وهي نسبة مشابهة لما حصل في الجولة الأولى. وتمثل هذه الإشكالية، المعضلة الثانية المستعصية على الناخبين بالنظر لتأثيرها المباشر على النتائج. وحتى اليوم، حظي ماكرون بدعم واسع، إما بالدعوة مباشرة للاقتراع لصالحه، كما فعل الحزب الاشتراكي وحزب الخضر وشخصيات من اليمين واليسار... أو بالامتناع عن التصويت لصالح لوبن التي تحظى بدعم المرشح اليميني الشعبوي إيريك زيمور وحزب «فرنسا الناهضة» ومرشحه نيكولا دوبون دينيان. ويوماً بعد يوم، تتزايد الدعوات لاستبعاد شبح لوبن بغض النظر عن المسار الذي سلكته سياسات ماكرون في السنوات الخمس الماضية التي عدت يمينة المنهج. وأبرز الداعمين له، مؤخراً، الرئيس اليميني الأسبق نيكولا ساركوزي، مؤسس حزب «الجمهوريون» الذي امتنع عن تأييد مرشحة حزبه فاليري بيكريس قبل الدورة الأولى. وعلق ماكرون على ذلك بقبوله أن تأييد ساركوزي «يشرفه» ويشكل دعماً لسياسته، خصوصاً بالنسبة لأوروبا. بيد أنه نفى أن يكون ذلك «نتيجة اتفاق» سياسي مع الرئيس الأسبق الذي لا يخفي قربه من الرئيس الحالي. إلا أن موقف ساركوزي سيزيد التشقق داخل «الجمهوريون» الذي نجح ماكرون في اجتذاب ناخبيه؛ لأن دعوته لـ«مواكبة» ماكرون في السنوات الخمس المقبلة تتناقض مع فلسفة الحزب الذي يريد أن يبقى كياناً مستقلاً ممثلاً لليمين التقليدي وقيمه.
وفي هذا السياق، قال ماكرون، إنه يريد أن يعمل على «جمع القوى السياسية المختلفة للعمل معا على الإصلاحات» التي يريد إدخالها وذلك في إطار بنية سياسية «غير موجودة في الوقت الحاضر». ومنذ ما قبل الانتخابات، يعمل مستشاروه على اجتذاب نواب وشخصيات من اليمين والوسط. أما اليوم، فإن همه الأول إظهار أنه لا ينسى من هم على يسار الخريطة السياسية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».