أحزاب العراق تجمع «ورق اللعب» لإعادة التفاوض

TT

أحزاب العراق تجمع «ورق اللعب» لإعادة التفاوض

جمع الفاعلون العراقيون أوراق اللعب من على الطاولة، لتدويرها من جديد، بحثاً عن احتمالات جديدة للحل. ما كان بيد الجميع لا يكفي لربح صفقة الحكومة وكتلتها الكبرى.
حتى مبادرة عمار الحكيم، التي قفزت قبل أيام إلى بورصة الحلول الواعدة، تراجعت كثيراً مع دخول المستهدفين في التفاصيل. وفي التفاصيل العراقية؛ عادة ما تتوقف المسارات الكبرى.
ولأن المبادرة كانت تقترح، ضمناً، مشاركة غير معلنة لـ«الإطار التنسيقي» في حكومة الأغلبية، فإن قادة الأحزاب النافذة فيه طرحوا شرطاً يضمن لهم رئيس وزراء مقرباً من إيران يوافق عليه الصدر. ثمة 3 أسماء على الطاولة؛ أحدهم كان من بطانة عمار الحكيم نفسه.
ويواصل مقتدى الصدر اعتكافه في الحنانة، ولم تكسر صمته مبادرة الحكيم وتعديلات «الإطار» عليها، لكن جماعة شيعية تتبع رجل الدين المثير للجدل محمود الصرخي، استدعت زعيم «التيار» إلى المشهد بخطاب غاضب. وكان أحد خطباء جماعة الصرخي دعا إلى هدم المراقد الدينية في البلاد، مما دفع بالصدر إلى مطالبة الحكومة بـ«اتخاذ ما يلزم لردع أصحاب الأفكار المنحرفة». وهو ما حدث بالفعل خلال الساعات الماضية، حيث شنت أجهزة الشرطة حملة اعتقالات واسعة ضد أتباع الصرخي.
ومن يقرأ بيان «الإطار التنسيقي» عن الواقعة ذاتها، يمكنه اكتشاف الرغبة في خلق مساحة مشتركة مع الصدر «دفاعاً عن المذهب الشيعي»، الذي تهدده «الأفكار المنحرفة»، ومحاولات إنشاء «كتلة أكبر» تضم السنة والكرد.
في السنوات الماضية، وكلما خرج الصرخي عن النص، تنتعش محاولات استعادة الصدر إلى «البيت الشيعي»، ويجتهد خصومه في تقديم أنفسهم «مدافعين وموالين» له في مواجهة الصرخي.
في الأثناء، يسافر إلى أربيل حسن دنائي، سفير طهران السابق لدى العراق، ويلتقى هناك زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، إلى جانب رئيسي إقليم كردستان وحكومته. الإيرانيون يرون أن الوقت مناسب لاستثمار «الملل» الكردي من الاستعصاء، والشك الذي بدأ يتسرب إلى أحزاب تحالف الأغلبية في أن الصدر قد يذهب إلى المعارضة، تاركاً حلفاءه هائمين في مفاوضات شاقة.
وتفيد المعلومات بأن الإيرانيين يضغطون على أربيل للتوافق مع «الاتحاد الوطني الكردستاني» على منصب رئيس الجمهورية، توافق يشترط التجديد لبرهم صالح، أو مرشح آخر يسميه حزب طالباني حصراً.
محاولة فتح ثغرة كردية، تتزامن مع مساعٍ للتأثير على «تحالف السيادة» السُنّي، بين محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، والذي يراه «الإطار التنسيقي» خاصرة رخوة يمكن استخدامها لمحاصرة الصدر.
فجأة، يقرر القضاء العراقي الإفراج عن السياسي السني البارز رافع العيساوي، كأنه أطلق الذئب إلى الغابة، منافساً مع الآخرين في موسم الصيد. وبالنسبة إلى المناخ السني، فإن ظهور العيساوي قد يفتح الباب لاستقطاب جديد؛ إذ إن النواب السنة المتحالفين مع «الإطار التنسيقي» بحاجة إلى رأس حربة يعزز موقفهم في المفاوضات.
هذا التنويع من التكتيكات الضاغطة قد تنهك قوى الأغلبية، وقد تدفع بالصدر إلى أحد خيارين: إما حل البرلمان، وإما الذهاب إلى المعارضة. الحل الأخير يرحب به زعيم «عصائب أهل الحق» الذي حاول في مقابلة تلفزيونية أن يضغط على الصدر أكثر: «فليذهب إلى المعارضة... الحكومة لنا».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.