دايزي جدعون لـ «الشرق الأوسط» : على اللبنانيين أن يتمسكوا بأحلامهم للوصول إلى التغيير

المخرجة الأسترالية اللبنانية الأصل دايزي جدعون
المخرجة الأسترالية اللبنانية الأصل دايزي جدعون
TT

دايزي جدعون لـ «الشرق الأوسط» : على اللبنانيين أن يتمسكوا بأحلامهم للوصول إلى التغيير

المخرجة الأسترالية اللبنانية الأصل دايزي جدعون
المخرجة الأسترالية اللبنانية الأصل دايزي جدعون

كان عمر دايزي جدعون، خمس سنوات، عندما هاجرت مع أهلها إلى أستراليا، ولكنها بقيت على اتصال بجذورها، ولم يفارقها طيف وطنها يوماً. حلم دايزي بلبنان الذي تعشق، بقي حاضراً معها، حتى بعدما أصبحت صحافية، وأسست شركة تسويق خاصة تملكها في مدينة سيدني الأسترالية. وبعد زيارات متكررة إلى وطنها، قررت أن تخرج فيلماً وثائقياً يحكي عن لبنان النابض بالحياة. وتقول «عندما تعمقت في زياراتي، وتعرفت إلى الناس عن قرب وعرفت مشاكلهم، اكتشفت أن لبنان لم يعد الجنة كما تصورته. من هنا بدأ مشواري مع فيلم (خلص) (Enough Lebanon’s darkest hour)».
استغرق إنجاز الفيلم سنوات طويلة، وعندما خرج إلى النور، شارك في مهرجانات عالمية عدة. وحصد جوائز عديدة، بينها مهرجان «كان» من العام الماضي، حيث حصل على جائزة «Movie that matters award».
وبعد جولته العالمية التي طالت بلداناً أوروبية وأميركية، إضافة إلى أستراليا، فتحت دايزي جدعون أبواب تسع صالات سينما في لبنان، لعرضه مجاناً أمام الجمهور. أول تلك العروض كان في 8 أبريل (نيسان) من الشهر الحالي، ويتبعها عروض أخرى في 14 منه. ومن ثم ستجول به المناطق اللبنانية متيحة الفرصة، لأكبر عدد من اللبنانيين مشاهدته.
يحكي الفيلم عن الأسباب التي أوصلت لبنان إلى أزمات ومشكلات صعبة. حاورت خلال الفيلم نحو 50 شخصية سياسية لبنانية وأجنبية، إضافة إلى لبنانيين عاديين. واستهلته بانفجار بيروت. من هذا الحدث تعيدنا إلى تاريخ لبنان الحافل بالأزمات، والصعوبات، والانفجارات، والحروب. وفي كل محطة حوار أجرتها مع شخصية سياسية، كانت تبحث عن جواب يشفي جروحها، التي تفتحت بفعل تعمقها بالأزمة اللبنانية. وعدا الفساد، والصفقات المشبوهة، والمصالح الخاصة، والاتفاقات المزيفة، بين السياسيين في لبنان، تحكي دايزي في فيلمها، عن وجع اللبنانيين. وقد اختارت هذا التوقيت بالذات، أي قبل حصول الانتخابات النيابية بشهر واحد، كي تحث على التغيير الذي يحلم به الناس، من خلال الاقتراع. فكرتها بمثابة سابقة فنية، جديدة في فكرتها، تدعو من خلالها اللبنانيين إلى الاتحاد والتمسك بحلمهم. فهي كشفت لهم خيوط اللعبة السياسية في لبنان بموضوعية وتجرد، ومن دون إساءة أو تجريح بأحد. فكانت الحوارات التي أجرتها أوراقاً مفتوحة، قدمتها بسلاسة أسلوب المخرجة الذكية. فكل زعيم أو مسؤول سياسي قابلته، كان، من حيث لا يدري يكشف عن معلومة، ويرد على زميله بصورة غير مباشرة. وتعلق لـ«الشرق الأوسط»، «لم يقنعونني بأحاديثهم، ولكنني لم آت لمناقشتهم، بل لتسليط الضوء على أدائهم الخاطئ لسنوات طويلة. لقد كانوا واضحين ومقتنعين بما يقولونه، ومتفقين على أن الحمل أصبح ثقيلاً. جميعهم يؤكدون أنهم يعملون من أجل التغيير، ولكنهم في الواقع لم يقوموا بأي إنجاز».
قابلت دايزي جدعون رجالات سياسة وزعماء من مختلف الأطياف، ما عدا اثنين منهم وليد جنبلاط ونبيه بري. «لقد رفضا الظهور في الفيلم، رغم محاولاتي الحثيثة. حتى أن سياسيين آخرين كسعد الحريري، ومحمد فنيش، استغرق إقناعهما أكثر من سنة. قبلت بأجوبة الجميع، حتى لو لم أصدقهم، وعلى الناس أن يقرروا ويحكموا عليهم، وليس أنا».
تحكي دايزي من باب مهنتها صحافية، فهي لا تحب أن تؤثر على متابعها. وتحدد مهمتها بأنها تهدف إلى عرض الوقائع، والتنقيب عن أسباب أزمات لبنان المخفية.
«نعتني أصدقائي بالمجنونة؛ لأنني أقوم بعمل خطير في بلد يعيش الفوضى. ولكني مضيت بفكرتي حتى النهاية، لأن هدفي الأول والأخير هو مخاطبة اللبنانيين بلسان حالهم، ووضع النقاط على الحروف، كي يتلمسوا الطريق الصحيحة، التي يجب أن يتبعوها من الآن وصاعداً. فمن واجب الجميع أن ينتخبوا إذا ما أرادوا التغيير، وإلا فلماذا يتفرجون من دون تحريك أي ساكن؟».
وعن الحب الذي يكنه المغتربون اللبنانيون لبلدهم الأم، حيث لم يترددوا في تقديم أي مساعدة لدايزي كي تنجز فيلم «خلص»، توضح «نحن المغتربين نعشق لبنان، ولأننا خارج الصحن، نستطيع أن نرى من بعيد أشياء كثيرة ليس بمقدوركم ملاحظتها. فأنتم تعيشون تحت ضغوط جمة، اجتماعية، وبيئية، وسياسية، لا تسمح لكم برؤية الأمور بوضوح. فأخذنا على عاتقنا، أن نقوم بهذه المهمة؛ والطريق لا تزال طويلة، كي نحقق لبنان الذي نحلم به. ولكني أكيدة بأن طريق التغيير آتية، ولا عودة عنها، وكل الوقائع تشير إلى ذلك».
من الشخصيات التي اختارتها دايزي لتطل في فيلمها، السفير البريطاني السابق لدى لبنان، توم فليتشر. فهو من الشخصيات الأجنبية التي أغرمت ببلاد الأرز. وتعلق دايزي «لقائي مع السفير فليتشر كان عن بعد عبر تقنية (زووم). اخترته لأنه من الشخصيات الأجنبية القليلة، التي ترك لبنان أثره الكبير عليه. وقد توجه من خلال الفيلم برسائل مكتوبة تحت عنوان (عزيزي لبنان)، تحدث خلالها عن لبنان القوي قاهر حِقب من الأزمات والحروب. والأهم أن ما تحدث به وصل إلى الأجانب، فعرفوا قيمة لبنان الحقيقية في المنطقة».
ولكن من هي أكثر الشخصيات التي تركت أثراً عندك؟ تجيب دايزي «الشعب اللبناني هو من طبع ذاكرتي، وترك أثره الكبير عندي. هذا الفيلم يمثل صرختهم التي أردت إيصالها إلى العالم. أجريت نحو 200 مقابلة للفيلم، جميع اللبنانيين على مختلف طوائفهم ومذاهبهم، كانوا يرددون الكلام نفسه عن لبنان».
اللبنانيون تفاعلوا مع دعوة دايزي وجاءوا بالمئات ليشاهدوا الفيلم. انطلقت عروضه في جميع الصالات اللبنانية (غراند سينما، وفوكس، وأمبير وغيرها). وحتى في بلاد المهجر، وضمن توقيت واحد، أي في الثالثة بعد الظهر. وكانت ردود فعلهم مشابهة، تمثلت مرات بالابتسام، وأخرى بعلامات الغضب والسخرية، ترتسم على وجوههم كلما استمعوا إلى رأي رجل سياسي يطل في الفيلم. وكان الصمت يخيّم على الصالة، في كل مرة يمر مشهد انفجار 4 أغسطس (آب).
باقية دايزي جدعون ابنة بلدة رياق البقاعية في لبنان، إلى ما بعد عملية الانتخابات النيابية. «سأبقى هنا. أتابع عن قرب كل شيء. لقد تركت عملي وأولادي الثلاثة في أستراليا، واستأذنتهم لأقوم بعملي على أكمل وجه. إنهم يحبون لبنان مثلي، ويشدون على يدي، ويشجعونني كي أكمل مهمتي حتى النهاية. وسأعمد إلى تغيير المشهد الأخير من الفيلم كي أذكر فيه نتائج الانتخابات.
لا يهم إذا ما حقق اللبنانيون التغيير بفعل بضع عشرات من النواب المستقلين. الأهم أن نبدأ في التغيير؛ لأن الطريق شاقة وطويلة، وعلينا أن نثابر كي لا تضيع آمالنا حتى في الانتخابات النيابية لعام 2026».
وتختم دايزي حديثها لـ«الشرق الأوسط» داعية جميع اللبنانيين للتمسك بحلمهم، وتتابع «أقول لهم تذكروا حلمكم الشخصي؛ لأنه الوحيد الذي سيوصلكم إلى الوطن الذي تريدونه. لا يجب أن تكون موضوعات أحلامكم محورها تأمين الكهرباء، والمياه، وإنهاء أزمة النفايات. إنها أمور سطحية لا بد أن تنتهي، ولكن الأهم أن تحلموا، فطريق التغيير تبدأ من هنا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».