يتصدر طبق الفول موائد الإفطار والسحور في السعودية خلال رمضان، حيث لا تخلو مائدة الطعام لدى البعض من وجود ذلك الطبق الشعبي كأحد العناصر الأساسية، فيما تتكرر مشاهد طوابير طويلة أمام هذه المحلات كل عام قبل موعد الإفطار لشراء الطبق المزين بالطماطم وزيت الزيتون.
وفي الوقت الذي يحرص العديد من الناس على بلوغ الفوال القريب من منزله للشراء، يذهب البعض خارج نطاق حيه أو سكنه لارتياد المحلات المعروفة بإعداد الفول الجيد، رغم ابتعاده عشرات الكيلومترات، حرصاً منه على أن يميز مائدته بطبق الفول ذي السمن البلدي.
وتشتهر العديد من المدن السعودية، بوجبة الفول، وانتشار بائعيها، تحديداً مكة المكرمة وجدة، طلية الـ7 العقود الماضية، واستمرار ترويج هذه الوجبة التي لاقت رواجاً على مدار العام مع توافد المعتمرين والحجاج.
ونجحت عدة عوائل في تقديم هذه الوجبة للثمرة النباتية «الفول»، وتعريف الكثير من سكان المناطق عليها، ومنها «الغامدي، والقرموشي، والأمير، وبانعمة»، وغيرها من الأسماء التي استمرت رغم ظهور منافسين لهم في السوق، إذ لم يعد «الفول» وجبة شعبية تقدم فقط متواضعة، إذ بمرو الأيام وانتشار الخيم الرمضانية، أصبح يقدم في أفخم الفنادق وأرقى المطاعم.
ويقول هيثم بانعمة، صاحب عدد من محلات الفول في جدة والرياض، إن الإقبال على طبق الفول في فترة زمنية سابقة قد يكون مقتصراً على العمال، بخلاف الآن، حيث يشهد إقبالاً من جميع طبقات المجتمع، وأضاف: «هي كما يطلق عليها أكل الفقراء وفاكهة الأغنياء»، حتى أن هناك فنادق كبرى تقدم طبق الفول على موائد الإفطار في الأيام العادية، وخلال سفرتي الإفطار والسحور في رمضان.
وأوضح أن مشاهد الصفوف الطويلة أمام المحلات قبل أذان المغرب أمر معتاد، في ظل رغبة العديد من الناس على وجود طبق الفول على مائدة إفطاره بصورة يومية، رافضاً مقولة إن الإقبال الكبير يقتصر على شهر رمضان المبارك، مشيراً إلى أن الإقبال متزايد على مدار أيام السنة ومن كافة طبقات المجتمع.
وقال إن نشأة سلسلة محلات بانعمة بدأت مع والده عمر وأعمامه قبل أكثر من نصف قرن في «حي جرول» بمكة، قبل أن ترعرع الفكرة وتنضج في شارع المنصور بافتتاح أول مطعم للمأكولات الشعبية، وسمي آنذاك «فول مكة»، تحديداً عام 1952م، قبل أن ينفصل والده وأعمامه، ويتجه كل منهم لافتتاح المحل الخاص به، مع الحرص على تقديم طعم الفول الحجازي التقليدي أسوة بأخوته، والسعي للتميز بوضع لمساته الخاصة.
وأوضح أن الفول نوعان؛ الأول «صم» والآخر يطلق عليه «المجروش»، مشيراً إلى استخدامهم النوعين في إعداد الطبق بنسبة متفاوتة، موضحاً أنهم يفضلون الفول الأسترالي الذي تميزت به مطاعمهم منذ سنوات، وأضاف أن «مرحلة تحضير الفول تقوم على عدة مراحل، وأولها (يوضع في الماء) لمدة تتراوح لـ6 ساعات وتصل في أنواع أخرى إلى 12 ساعة، قبل وضع الجرة على نار هادئة لـ12 ساعة ومن ثم إغلاقها بأحكام، قبل أن يتم وضعها على الجمر».
وشدد على أن طعم الفول واختلافه من مكان إلى آخر هما أمران يتعلقان بالطباخ ونوعية الفول المستخدم، وأضاف: «نتعامل مع شركة موزعة في هذا المجال منذ سنوات طويلة ولم نغيرها، لتأمين الفول الأسترالي، وهناك طباخون معي في المطاعم منذ 40 عاماً، وذلك في سبيل المحافظة على جودة الطعم الذي بطبيعة الحال سينعكس على إقبال الناس عليك».
وأكد هيثم أن الإقبال على طبق الفول يتزايد من يوم إلى آخر، مشدداً على أن الإقبال ليس مقتصراً على فئة محددة بل من كافة طبقات المجتمع.
وأشار إلى أن شغفه بمهنة والده يدفعه خلال رمضان للوجود في محلاته والإشراف بنفسه على سير العمل، والوجود على جرة الفول وإعداد الأطباق للزبائن، مبيناً أنه كان يعمل في أحد خطوط الطيران قبل افتتاحه وكالة للسفريات، إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة العمل في التجارة التي أحبها من والده.
إلى ذلك، قال محمد الزهراني، الذي يعمل في قطاع التعليم، إنه حرص على الحضور مبكراً لشراء طبق الفول تجنباً للازدحام الذي تشهده الدقائق الأخيرة الفاصلة عن موعد الإفطار، مشيراً إلى أن مذاق الفول في الماضي كان مختلفاً عن الحالي، الذي دخلت الكثير من الأمور في إعداده، واختفى أصحاب الصنعة الأصليون عن العمل بأيديهم، وهو ما أسهم في تغير مذاق طبق الفول من محل إلى آخر، وتجد الكثيرين يتعاملون مع المحلات المشهورة المحافظة على الصنعة بإعداد الفول البلدي بالطريقة القديمة للشراء منهم.
«الفول» يتسيد مائدتي الإفطار والسحور في السعودية
«الفول» يتسيد مائدتي الإفطار والسحور في السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة