جدل حول معلومات جديدة عن عملية قتل بن لادن

جدل حول معلومات جديدة عن عملية قتل بن لادن
TT

جدل حول معلومات جديدة عن عملية قتل بن لادن

جدل حول معلومات جديدة عن عملية قتل بن لادن

كشف الصحافي الاستقصائي الأميركي المخضرم سيمور هيرش بلندن "ريفيو أوف بوكس" ، أن رواية البيت الأبيض بشأن المداهمة التي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن كانت ناقصة، وأن المسؤولين العسكريين الباكستانيين كانوا على علم بالمهمة قبل تنفيذها.
وتنص رواية البيت الأبيض الرسمية على أن الولايات المتحدة تعقبت بن لادن في مجمع سكني في باكستان من خلال مراقبة أعوانه ومن ثم قتله في عملية سرية نفذتها قوات الكوماندوس.
ولكن هيرش يكشف بمقالته نقلا عن مسؤول بارز متقاعد بالاستخبارات "السي.آي.إيه" ومصادر أميركية مطلعة، أن مسؤولين بارزين بالجيش والاستخبارات الباكستانية كانوا على علم بالعملية مسبقا.
وأضاف الصحافي أن أميركا عرفت مكان اختباء بن لادن من مسؤول استخباراتي بارز سابق، قدم نفسه للسفارة وباع المعلومات مقابل 25 ميلون دولار مقابل أن ينتقل للعيش في العاصمة واشنطن.
وتخلص مقالة هيرش إلى أن المسؤولين الباكستانيين البارزين حرصوا على التأكد من عدم إطلاق أجراس إنذار، عند مرور المروحيتين الأميركيتين اللتين كانتا تحملان فريق القوات الخاصة الأميركية "الكوماندوس" فوق الحدود من أفغانستان في طريقهما إلى أبوت آباد لمداهمة بن لادن في مايو ( آيار) 2011. كما يشير هيرش إلى أن بن لادن كان قيد الاحتجاز بالفعل لدى باكستان في مجمع آبوت آباد منذ عام 2006، وأن صحته تدهورت لدرجة أنه أصبح بلا قيمة.
ويذكر أن أسد دوراني، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الباكستاني في مطلع التسعينات كان قد قال في حوار سابق إنه من "المحتمل" أن تكون الاستخبارات على علم بمكان بن لادن قبل المداهمة.
وخلافا لمقال هيرش الاستقصائي، أكد بيتر بيرغن الصحافي والأكاديمي الأميركي ومستشار محطة «سي إن إن»، لشؤون الإرهاب- وهو أول صحافي غربي التقى أسامة بن لادن في جبال تورا بورا عام 1997 وكتب كتابا عنه- في لقاء على الشبكة الأميركية، أن المقال لم يكن مقنعا ولم يحتوي على دلائل كافية. وأضاف بيرغن، "العديد من الإدعائات التي طرحها هيرش في مقاله تتحدى المنطق؛ فهو يقول إن المداهمة كانت سلسة ولم تحتج الى قوات الكوماندوس لإطلاق النار الحي، ولكنني زرت المعقل في أبوت آباد بعد المداهمة وكانت الجدران مكسوة بالطلقات".
ويستطرد خبير الشؤون الإرهابية بقوله، "قد يحتوى مقال هيرش على معلومات مهمة، ولكن جميع الحقائق المهمة حقيقية وكشف عنها بالسابق، وأما إدعائاته الجديدة فليست صحيحة".
وبعيدا عن صحة المقال والجدل حول الحقائق التي دونها هيرش، يذكر أنه أثار ضجة إعلامية وشعبيه؛ فعندما نشرته "التايمز" يوم الأحد، أدى ضغط الزيارات على موقع الصحيفة إلى تعطيلها.
وفي تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» قالت إيمي ديريك فروست المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، إن على جميع العسكريين المشاركين في الوحدات العسكرية وكذلك الأفراد، الالتزام بـ«اتفاقيات الكتمان» والامتناع عن الحديث في تفاصيل العمليات العسكرية، والحرص على بقائها «سرية».
وأكدت فروست، أن العملية العسكرية التي نفذتها وحدات القوات الأميركية، والتفاصيل العائدة إليها، التي يشارك فيها الضباط والأفراد، يجب أن تبقى «سرية» لسنوات. ولذلك من المتوقع أن يحوم الجدل حول حيثيات وحقائق العملية التي أودت بحياة أخطر زعيم للجماعات المتطرفة.
ومن جانبه، رفض ادوارد برايس متحدث الأمن القومي لدى البيت الأبيض محتوى مقال هيرش بقوله، "عملية قتل بن لادن كانت أميركية أحادية قيادة وتنفيذا ولم تتعاون واشنطن مع اية أطراف أخرى"، وأضاف، "أي ادعائات غير ذلك كاذبة".



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.