«المتطوعون الأجانب» في الحرب «يزيدون الصراع تعقيداً»

16 ألفاً منهم انضموا إلى صفوف الجيش الأوكراني و 20 ألفاً إلى الروسي

«المتطوعون الأجانب» في الحرب «يزيدون الصراع تعقيداً»
TT

«المتطوعون الأجانب» في الحرب «يزيدون الصراع تعقيداً»

«المتطوعون الأجانب» في الحرب «يزيدون الصراع تعقيداً»

في الوقت الذي تندلع فيه الحروب وتدق طبولها، يتهافت المتعاطفون معها، وتنشأ حالة الاستقطاب والتجنيد من خارج المؤسسات العسكرية. في قاموس الحرب، يُطلق على المتطوعين الذين ينضمون إلى قوة أو ميليشيا متمردة اسم «المقاتلين الأجانب»، بينما يتم توظيف المرتزقة بشكل عام من قبل الدولة من أجل الربح أو لتحقيق مكاسب شخصية. وفي الحرب الأوكرانية أكثر من 36 ألف مقاتل أجنبي؛ 16 ألفاً منهم انضموا للجيش الأوكراني، فيما تشير الإحصائيات إلى انخراط 20 ألفاً من «المرتزقة» مع الجيش الروسي، في أقل تقدير.
الجيش الأوكراني لم يقبل بكل المتطوعين القادمين إليه، حيث رفض بعضهم، وأُعيدوا إلى أوطانهم، واقتصر الانضمام على أولئك الذين لديهم خبرة عسكرية سابقة، وذلك بعد أن وجَّه الرئيس زيلينسكي نداء في 27 فبراير (شباط) الماضي، في بداية الصراع، وقال: «يمكن لأي شخص يريد الانضمام إلى الدفاع عن أوكرانيا وأوروبا والعالم أن يأتي ويقاتل جنباً إلى جنب مع الأوكرانيين ضد مجرمي الحرب الروس». وتحدث وزير خارجية أوكرانيا بالتفصيل عن هذا النداء الأولي بعد أيام قليلة، حيث أنشأت أوكرانيا موقعاً إلكترونياً بهذا الخصوص، وبحلول أوائل مارس (آذار)، ادّعى زيلينسكي أن 16 ألف شخص قد سجلوا في الفيلق الأجنبي للقتال إلى جانب الجيش الأوكراني الذي كان يبلغ تعداده 145 ألف جندي في بداية الصراع. ويتساءل مارك كانيكان الباحث في الشؤون العسكرية بمعهد الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن: ماذا يمكن أن يخبرنا التاريخ عن جهود المتطوعين الأجانب الناجحة؟ ويجيب في مقالة له على موقع المعهد الإلكتروني أنه في منتصف الثلاثينات، كانت إسبانيا تعاني من فوضى اجتماعية بعد الإطاحة بالنظام الملكي وإقامة جمهورية ديمقراطية، ولكن ضعيفة؛ فالتيارات اليسارية واليمينية قاتلوا بمرارة، وفي يوليو (تموز) من عام 1936، ثار الجيش الإسباني وبدأ حرباً أهلية. وفي تلك الفترة، دعم الاتحاد السوفياتي الحرب الإسبانية، وبدأت الذراع الدولية للاتحاد السوفياتي المسماة بـ«الأممية الشيوعية»، في تجنيد أعضاء في الأحزاب الشيوعية وآخرين للقتال، وشكلوا كتائب وطنية لتبسيط التواصل والتماسك، فيما شكّل الأميركيون كتيبة «أبراهام لنكولن»، والفرنسيون كتيبة «كومونة باريس». وكتب الباحث مارك كانيكان أن أي عملية تطوعية أجنبية لا بد أن تحمل أهدافاً سياسية، حيث تظهر دعماً عالمياً للقضية، ولا مانع من توزيع «الأعباء»، ولكن في نهاية المطاف، فإن القوة الفعالة عسكرياً فقط هي التي تجلب النصر في ساحة المعركة، والمصداقية الدولية، لأن «القضية العادلة والحماس الفردي لا يكفيان، ويتطلب إنتاج الفعالية العسكرية جهداً عالي التنظيم من التدريب والإمداد وإدارة الأفراد». وذهب الكولونيل البحري المتقاعد، أندرو ميلبورن، إلى أوكرانيا، ووصف كيف كان أداء المتطوعين. باختصار، كان ذلك بمثابة إخفاق تام؛ لقد صور مشهداً حول قلة خبرة المتطوعين: «سرب من الفانتازيين ليس لديهم خبرة في القتال. وحتى الخبرة القتالية لا تعني شيئاً يُذكر في هذه الحرب، لأن تبادل الطلقات مع (طالبان) أو (القاعدة) يختلف تماماً عن الانحناء في حفرة متجمدة تتعرض للقصف بنيران المدفعية». ونتيجة لذلك، تم إرسال أول مجموعة من المتطوعين إلى أوطانهم، كما وصف ميلبورن ذلك «دون مراسم أو إخطار رسمي»، وفي مواجهة هذه النتيجة المخيبة للآمال، أعلنت أوكرانيا أنها ستقصر المشاركة على أولئك الذين تلقوا تدريباً عسكرياً أو طبياً سابقاً.
بالمقابل، أعلنت روسيا من خلال وزير دفاعها سيرغي شويغو، أن نحو 16 ألف مقاتل من منطقة الشرق الأوسط، تقدموا بطلبات للقتال إلى جانب روسيا. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اجتماع مع كبار رجال الأمن في مارس (آذار) الماضي: «يتم إرسال المرتزقة من جميع أنحاء العالم إلى أوكرانيا... فالرعاة الغربيون للنظام الأوكراني لا يخفون ذلك»، وأعلن حينها فتح الباب للمقاتلين المتطوعين الأجانب لمساعدة الأهالي في مناطق شرق أوكرانيا دونباس. وأفاد تقرير نقلته مجلة «نيويوركر»، بأن «تسريب الأجانب قد يزيد من تعقيد الصراع الفوضوي في أوكرانيا». وخلص التقرير إلى أن «ساحة المعركة في أوكرانيا معقدة بشكل لا يُصدّق، مع وجود مجموعة من الفاعلين العنيفين من غير الدول الرئيسية، مثل متعاقدين عسكريين خاصين، ومقاتلين أجانب، ومتطوعين ومرتزقة، ومتطرفين، وجماعات إرهابية، كل ذلك في مزيج واحد»، مضيفاً أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة اعتبرتا أن عشرات الآلاف من الذين انضموا إلى «داعش» في سوريا والعراق مقاتلون إرهابيون، وليسوا مرتزقة، «لكن مثل هذه التعريفات صعبة ويسهل الطعن فيها».
وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أي أجنبي يتم القبض عليه في الفيلق الدولي الأوكراني على أنهم «مرتزقة»، كما أعلنت الوزارة: «في أفضل الأحوال، يمكن أن يتوقعوا محاكمتهم كمجرمين».


مقالات ذات صلة

قديروف: هجوم مسيّرة أطلقتها أوكرانيا يسقط مدنيين في عاصمة الشيشان

أوروبا رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف (رويترز)

قديروف: هجوم مسيّرة أطلقتها أوكرانيا يسقط مدنيين في عاصمة الشيشان

نقلت «وكالة الإعلام الروسية» عن رمضان قديروف رئيس الشيشان قوله اليوم الأربعاء إن طائرة مسيّرة أطلقتها أوكرانيا هاجمت العاصمة غروزني وتسببت في سقوط مدنيين.

«الشرق الأوسط» (غروزني)
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (رويترز)

«الناتو» يدعو الغرب لتوفير «دعم كافٍ» لأوكرانيا لـ«تغيير مسار» الحرب

حضّ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، الأربعاء، أعضاء الناتو على تزويد أوكرانيا بما يكفي من أسلحة لـ«تغيير مسار» الحرب.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

قائدا الجيشين الأميركي والروسي يجريان اتصالا هاتفيا وسط تصاعد التوتر

فرقاطة رروسية تطلق صاروخا من طراز زيركون الفرط الصوتي خلال المناورة التي جرت شرق المتوسط (رويترز)
فرقاطة رروسية تطلق صاروخا من طراز زيركون الفرط الصوتي خلال المناورة التي جرت شرق المتوسط (رويترز)
TT

قائدا الجيشين الأميركي والروسي يجريان اتصالا هاتفيا وسط تصاعد التوتر

فرقاطة رروسية تطلق صاروخا من طراز زيركون الفرط الصوتي خلال المناورة التي جرت شرق المتوسط (رويترز)
فرقاطة رروسية تطلق صاروخا من طراز زيركون الفرط الصوتي خلال المناورة التي جرت شرق المتوسط (رويترز)

قال الجيش الأميركي، أمس الأربعاء، إن قائد الأركان المشتركة الجنرال تشارلز كيو براون تحدث هاتفيا مع رئيس الأركان العامة الروسي فاليري غيراسيموف الأسبوع الماضي، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها براون مع نظيره الروسي.

وقال متحدث باسم براون في بيان إن الاثنين «ناقشا عددا من القضايا الأمنية العالمية والإقليمية بما في ذلك الصراع الدائر في أوكرانيا». وجرت المكالمة النادرة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) لكن «بناء على طلب الجنرال غيراسيموف، وافق الجنرال براون على عدم الإعلان بشكل استباقي عن المكالمة».

وذكر مسؤول أميركي لقناة «إي بي سي» أن موسكو «حذرت واشنطن خلال المكالمة من أنها ستنفذ تجارب لإطلاق صواريخ تفوق سرعة الصوت في شرق المتوسط»، وأن «على السفن الأميركية الابتعاد عن منطقة الهدف لأسباب تتعلق بالسلامة».

وقال المتحدث إن وزارة الدفاع الروسية هي من طلبت المكالمة. وزاد التوتر في الأسابيع الأخيرة بعدما أطلقت أوكرانيا صواريخ أميركية وبريطانية على أهداف داخل روسيا على الرغم من تحذيرات موسكو بأنها ستعتبر مثل هذا الإجراء تصعيدا كبيرا.