«عار العزوبية»: لماذا يحكم الناس بسلبية على غير المتزوجين؟

الكثير من الأشخاص في المملكة المتحدة أفادوا بأنهم عانوا من «وصمة العزوبية» منذ بداية الوباء (رويترز)
الكثير من الأشخاص في المملكة المتحدة أفادوا بأنهم عانوا من «وصمة العزوبية» منذ بداية الوباء (رويترز)
TT

«عار العزوبية»: لماذا يحكم الناس بسلبية على غير المتزوجين؟

الكثير من الأشخاص في المملكة المتحدة أفادوا بأنهم عانوا من «وصمة العزوبية» منذ بداية الوباء (رويترز)
الكثير من الأشخاص في المملكة المتحدة أفادوا بأنهم عانوا من «وصمة العزوبية» منذ بداية الوباء (رويترز)

يتزايد عدد الأشخاص الذين يميلون للابتعاد عن الزواج مؤخراً، ومع ذلك لا يزال الناس يصرون على إخبارهم بأنهم سيجدون شريكاً قريباً.
قد يبدو السؤال عن سبب بقاء شخص ما «عازباً» والتأكيد على أنه «سيجد شريكه قريباً» طريقة مدروسة، بل وحساسة، لطمأنة الأصدقاءالعزاب. ومع ذلك، فإن هذه العبارات البسيطة تشكل ما يمسي «عاراً - أو وصمة العزوبية» - ومن المحتمل أن تكون أكثر ضرراً من كونها مفيدة، وفقاً لتقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
ينتج «عار العزوبية» عن التحيزات السلبية تجاه الأشخاص غير المتزوجين: يجب أن يكونوا حزينين ووحيدين لعدم وجود شريك؛ يبحثون بنشاط عن شخص ما، لكنهم لم يعثروا على ما يريدون حتى الآن؛ ويجب أن يكون هناك شيء خاطئ يرتبط بهم. كل هذه القوالب النمطية مدفوعة بالضغوط للتوافق مع المعايير المجتمعية طويلة الأمد: الحصول على شريك، منزل مشترك مع أطفال وكلب - أي كل المكونات التي نحتاجها لحياة سعيدة.

بينما كان الناس يعيدون تقييم هذه المعايير الاجتماعية بشكل مطرد لعقود من الزمن، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن «عار العزوبية» لا يزال قوياً. تُظهر البيانات المأخوذة من استطلاع أجرته خدمة المواعدة «ماتش»، أن 52 في المائة من ألف شخص بالغ في المملكة المتحدة أفادوا بأنهم عانوا من «وصمة العزوبية» منذ بداية الوباء، ويرجع ذلك على الأرجح إلى زيادة التركيز على الأشخاص الذين يمكن الاعتماد عليهم أثناء عمليات الإغلاق. ورغم أن 59 في المائة قالوا إنهم «راضون عن حالة علاقتهم»، فإنهم ما زالوا هدفاً للأسئلة المتطفلة.

*أضرار «عار العزوبية»
وفقاً للمعالجة النفسية أليسون أبرامز التي تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها، فإن العار المرتبط بالعزوبية هو «الحكم السلبي على شخص ما لعدم توافقه مع توقعات المجتمع للزواج في سن معينة».
نتيجة لذلك، يعامل المتنمرون الأشخاص غير المتزوجين «بشكل مختلف»، على حد قولها.
وأوضح إيبك كوتشوك المقيم في باريس، الخبير في العلاقات: «يميل الناس إلى الاعتقاد بأنك تشعر بالملل والوحدة عندما تكون أعزباً».
في الدراسة، سأل الباحثون عن «العبارات المخزية» الشائعة التي سمعها الأفراد من غيرهم، وقال 35 في المائة إنهم سمعوا عبارة «ستجد شخصاً قريباً». وتحدث 29 في المائة عن عبارة «يجب أن تكون وحيداً جداً»، بينما أفاد 38 في المائة أن الناس يشعرون بالشفقة العامة على حالتهم.

وتتضمن بعض الاعتقادات حول العزوبية أفكاراً مثل أن الأزواج يتمتعون بإتقان خاص في الحياة لا يتمتع به الأعزب؛ حيث إن حياة العُزّاب «مأساوية». كما يقول البعض إن من يكون أعزب، فهو أناني (في الواقع، تشير بعض الأبحاث بما في ذلك دراسة ألمانية أجريت عام 2018 إلى أن الصور النمطية حول العزاب البائسين والأزواج السعداء ليست صحيحة على الإطلاق).
والصور النمطية عن العزاب ليست خاطئة فقط - قد يكون لها أيضاً عواقب وخيمة. كما تقول المعالجة النفسية أبرامز، فإن الخزي الداخلي من المواقف المجتمعية تجاه العزاب يمكن أن يؤثر سلباً على الصورة الذاتية. حتى إذا كان أصدقاء وعائلة الشخص العازب لا يخجلون منه، فإن عدم تحقيق أهداف الحياة الكبيرة مثل الزواج والأطفال قد يكون له أثر سلبي - خاصة على الشخص الذي يبحث بنشاط عن شريك.
تقول أبرامز: «في كثير من الأحيان، رأيت أن ذلك يلعب دوراً في الاكتئاب». يمكن أن يجبر «النص» الطبيعي لحياة ناجحة أولئك الذين يسعدون بكونهم عازبين على إعادة النظر في هذا الموقف، والبحث عن شيء يكونون متأكدين تماماً من أنهم لا يريدونه، فقط حتى يتمكنوا من التوافق مع الأعراف الثقافية.
و«عار العزوبية» يأتي من مصادر عديدة تتجاوز فضول الأهل والأصدقاء. تلعب الحكومات دوراً في ذلك، من خلال تقديم مزايا مختلفة للمتزوجين، والتي لا يمكن للأفراد العزاب الاستفادة منها. يعتقد بعض الناس أن ذلك يرسل رسالة حول «الطريقة الصحيحة» للاستمرار في الحياة، ويكون بمثابة تعزيز إيجابي للمتزوجين، ويجعل من الصعب جداً على العزاب عدم استيعاب فكرة أنهم قد بلغوا سن الرشد بشكل خاطئ.



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.